حراكٌ لافتٌ شهده البرلمان أمس الأول وخطاوي عصام عبد القادر وكيل وزارة العدل ومولانا هشام عثمان رئيس نيابة المال العام تتجوّل في ردهاته. وجود الرجلين بين لجان المجلس الوطني يعني أن الفترة المقبلة ستشهد تطوراً ملموساً في مسار التعامل مع تجاوزات المال العام. الرجلان اجتمعا مع لجنة العمل والإدارة والمظالم العامة، وبالإمكان القول إن وجود هذا الثنائي في البرلمان يعني أن (الكلام دخل الحوش)، وان القادم سيكون أسوأ بالنسبة لمرتكبي تجاوزات المال العام وآكلي أموال الشعب. ولا أدري هل كان الوصول المتزامن للثنائي العدلي مقرراً في هذا اليوم بالذات أم أنهما تسابقا إلى البرلمان استجابةً لصرخة الفاضل حاج سليمان رئيس لجنة التشريع والعدل الذي انتقد أمس الأول البطء الملازم للبت في قضايا المال العام. من المهم أنّ نعلم كذلك أن ما يردده الشارع حتى الآن يشكك في الجهود البرلمانية المبذولة في التعامل مع ملفات المال العام، ويعتبرها محاولة لتخدير الشعب وتزيين وجه الحكومة بمساحيق الدعوة لمُحاربة الفساد. بزيارة الثنائي العدلي للمجلس الوطني يمكن أن نقول إنّ الحياة بدأت تدب في أوصال العدل والبرلمان يصرعلى ملاحقة المتورطين في قضايا المال العام عبر بوابة المراجع أو من خلال ما نشرته الصحف أو نما إلى علم الأجهزة القانونية المختصة، (قضيتي الأوقاف والأقطان) نموذجاً. تحرّكات (الثنائي العدلي) في البرلمان تشير إلى وجود إستراتيجية جديدة في التعامل مع قضايا المال العام، ونأمل أن تتصل هذه الجهود حتى تسفر عن محاكمات تطال رموزاً ومؤسسات تصر على الاختباء وراء (فقه السترة). على وزارة العدل أن تجتهد أكثر في سبيل تمليك المعلومات الحقيقية للرأي العام خاصةً بعد اكتمال مرحلة التحريات التي تقتضي تكتماً على مسار التحقيق.. مولانا عصام عبد القادر قابله الإعلام صدفة في المجلس الوطني فخرج منه بمعلومات جديدة حول قضية الأقطان. هنالك قضايا كثيرة يتساءل الرأي العام عن المحطة التي تقف فيها، وحينما لا يجد إجابة يجتهد في توفير أسباب تستند الى الموروث من (خلوها مستورة) فيضعف تلقائياً الإحساس ب (حمرة عين) الحكومة في ملاحقة الفساد والمُفسدين. لو علم القائمون على أمر قضايا المال العام في وزارة العدل أنّ الناس ينقسمون بين مصدق ومكذب لجهود الدولة في ملاحقة الآثمين لاجتهدوا كثيراً في أن تمضي هذه البلاغات إلى المحاكم دون إبطاء، ولو واصلوا الليل بالنهار من أجل تعميق مفاهيم تُؤكِّد بأنّ السلطة القانونية يقظة في سَعيها لمُلاحقة الأيدي التي تَغوّلت على مال الشعب السوداني. اضربوا المفسدين بيدٍ من حديدٍ.. واعلموا أن التحركات الأخيرة في قضايا المال العام رفعت طموحات الشعب السوداني إلى سقفها الأعلى فبات ينتظر ويراقب ويطمح في أن يرى كل الآثمين في المحاكم. افتحوا كل الملفات وانظروا القضايا واعلموا أنّ محاكمة المُعتدين على المال العام أمانة وخزي وندامة إلا لمن أدّاها بقلبٍ سليمٍ.. واستحلفكم بالله (ما تخلوها مستورة).. الشعب في الانتظار خَاصّةً وأنّ السجون باتت مهيأة لاستضافة (5) نجوم متضمنة الخلوة الشرعية - هذا ما تابعناه بالأمس في سجن الهدي.. فهل من نزيل؟!