لا شك أن الاستثمار ذو أهمية خاصة في الاقتصاد القومي لأنه يقوم بدور أساسي على ثلاثة مستويات وهي المستوى القومي لأنه أحد أهم المتغيرات الاقتصادية في العملية التنموية، والمستوى الثاني هو لقطاع الأعمال لأنه المؤشر الحقيقي لنشاطاته وعامل حاسم في انتعاشه أو انحساره، أما المستوى الثالث فهو خاص بالقطاعات الاقتصادية لأن الاستثمار يطورها وبدورها تقوم بانعاش القطاعات الاقتصادية الأخرى. وسينعقد في منتصف أبريل الجاري أكبر ملتقى استثماري سعودي سوداني في مدينة الرياض حول مبادرة خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبد الله والمتوقع فيها وضع مليارات من الدولارات الامريكية على طاولة المشروعات الاستثمارية في السودان وخاصة الزراعية والمقدمة من ولاة الولايات السودانية أمام المستثمرين السعوديين لسد فجوة الأمن الغذائي السعودي والعربي والإسلامي، وبالتالي يعد قانون تشجيع للاستثمار القومي لسنة 2013م والذي وقع عليه رئيس الجمهورية في تاريخ 4 مارس 2013م كمرسوم مؤقت عملا بأحكام المادة 109 (1) من دستور السودان الانتقالي لسنة 2005م من المسائل الأساسية والمفتاحية في مائدة النقاش والحوار في الملتقى الاستثماري بالمملكة العربية السعودية . ونشير الى أن القانون الجديد قانون قومي، وذكر المشرعون الذين أعدوه بأنه نموذج وموجه لكل ولايات السودان وفقا لدساتيرها وقوانينها الولائية، وبالتالي يتطلب من الولاة تجهيز قوانينهم ولوائحهم الجديدة لتتماشى مع القانون الجديد قبل منتصف أبريل الجارى، وهنا أود أن أتقدم بمساهمة متواضعة قراءة هادية وآراء عامة لعلها تكون كرمي حجر في بركة الاستثمار الراكدة والتي ظلت مثار غضب واسع النطاق وخاصة وسط المستثمرين الاجانب لسنوات عجاف، وسنحاول في حلقات أن نقارن بين مواد القانون الجديد ومناقشتها مع القانون القديم لسنة 1999م تعديل 2007م وبعض الاتفاقيات الإقليمية والتجارب الدولية. وفي خلاصة الحلقات نقدم بعض التوصيات و المعالجات. واشتمل القانون الجديد على عشرة فصول و42 مادة.حيث تضمنت الفصول ما يلي من نصوص قانونية: الفصل الاول(أحكام تمهيدية) حيث اشتمل علي خمس مواد ، أهمها المادة الاولى وهي اسم المرسوم المؤقت وبدء العمل به. والمادة الثانية إلغاء للقانون القديم واستثناء الأوامر واللوائح والتراخيص والمزايا سارية، المادة الثالثة فمتعلقة بالتطبيق، أما الرابعة فهي سيادة أحكام القانون الجديد، أما المادة الخامسة فتشمل تفاسير الأراضي والمال المستثمر والاجهزة الجديدة. أما الفصل الثاني (تشجيع الاستثمار) فيشتمل على ثلاث مواد وهي أهداف القانون، مجالات الاستثمار القومي، حظر التمييز بين المشروعات. واشتمل الفصل الثالث (المجلس الأعلى للاستثمار) على مادتين الاولى بإنشاء المجلس بقرار من رئيس الجمهورية، والمادة الثانية بأن المجلس الاعلى هو السلطة العليا للاستثمار في السودان وللمجلس سلطات و اختصاصات. كما جاء الفصل الرابع (الجهاز القومي للاستثمار) مشتملا على ست مواد وتتضمن الاستقلالية المالية والادارية للجهاز مع اختصاصات وسلطات تنفيذية، بالاضافة الى تعيين رئيس الجهاز بواسطة رئيس الجمهورية. بالاضافة الى تعيين أمينا عاما للجهاز بواسطة رئيس الجمهورية كما له اختصاصات وسلطات تنفيذية. أما الفصل الخامس (النافذة الواحدة ومهام الوزارات المختصة) واشتمل هذا الفصل على مادتين، الأولى نشأة النافذة بعضوية مفوضى الوزارات المختصة والجهات ذات الصلة بالاستثمار، والمادة الثانية مهام الوزارات المختصة في مجالات الاستثمار. وجاء الفصل السادس (المشروعات الاستثمارية الإستراتيجية والإعفاءات والامتيازات) مشتملا علي خمسة مواد وهي المشروع الاستثمار الإستراتيجي، الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة، والإعفاءات الجمركية، مسح وتحديد الأراضي المخصصة للمشروعات القومية، تسليم الاراضي المخصصة للمشروع، أما الفصل السابع (ضوابط وإجراءات منح الترخيص) فشمل علي خمس مواد، منها إقامة المشروع، منح الترخيص، التظلم، شروط استمرارية التمتع بالترخيص، واجبات المستثمر. و جاء الفصل الثامن (أحكام عامة) مشتملا علي خمس مواد، منها ضمانات وتسهيلات الاستثمارات، الخارطة الاستثمارية، عدم فرض رسوم على المشروع، حماية المشاريع، ومخالفة أحكام قانون الاستثمار، المخالفات والجزاءات، أما الفصل التاسع (الأحكام المالية والحسابات والمراجعة) ويشتمل على خمس مواد، وهي الموارد المالية، حفظ الحسابات والدفاتر والمراجعة، والموازنة السنوية، المراجعة، بيان الحساب الختامي وتقرير ديوان المراجعة القومي. وأخيرا الفصل العاشر (أحكام ختامية) وتشمل على أربع مواد، وهي فض نزاعات الاستثمار، و إنشاء محاكم متخصصة، و إنشاء نيابات متخصصة، وأخيرا سلطة إصدار اللوائح و هي من اختصاص المجلس الأعلى للاستثمار. ونطرح سؤالا استراتيجيا، هل قانون تشجيع الاستثمار القومي لسنة 2013م يتضمن مزايا وضمانات كافية لتشجيع وحماية المستثمرين وبالتالي تتحقق التنمية والأمن في السودان؟ والله من وراء قصد السبيل.