أخيرا انتبهت الحكومة إلى أهمية السياحة في بلادي المترعة بطبيعة ساحرة خلابة و(بزخم) سياحي غير متوافر في أرقى دول العالم ، فقط انه مغمور وسط ركام التجاهل وغبار الإهمال ، والآن أرى المسئول الأول عن السياحة تقدم (بقوة) وأزاح ذاك الركام ونفض الغبار ، اهتمام جاء على نسق ما تفعله الدول الناهضة في مجال السياحة ونحتفل بما نملك بإمكانيات سياحية هائلة وهبها الله لنا لم نعرها اهتماما (سابقا)، بدأنا نحتفي بها ونسوقها للعالم بإقامة معارض سياحية بولايات كالذي حدث بالبحر الأحمر وكسلا والآن انطلقت فعاليات معرض السودان العالمي للسياحة بالخرطوم .. هذه الاحتفائية التي جاءت متأخرة ولكن جيدة.. كما في المثل الشائع أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي ، فهذه المعارض أكدت أننا نمتلك إمكانات زاخرة (غير عادية) لو وجدت ببلد آخر لتم استغلالها أفضل ما يكون.. ولكن الآن الفرصة متاحة لنا لان نصعد إلى أعلى قائمة أفضل الدول السياحية ، وكنت قد كتبت في هذه القضية قبل نحو عامين حينما لاحظت كيف تهتم الجارة مصر بإمكاناتها السياحية (خلال إجازة قضيتها هناك) على الرغم من أن إمكانياتها تلك لا تساوي 10% من ما يتوافر لدينا.. وقلت إن كنا اهتممنا بهذه الزخيرة الثمينة لما احتجنا لدولارات نفط الجنوب فقط ينبغي أن نضع السياحة في بلادنا في سلم الأولويات .. ويمكن أن نستعين ببيوت خبرة أجنبية أو عربية لنسوق أولا لما ندخره من مقومات سياحية رفيعة ومن ثم نجذب المستثمرين للولوج في هذا المجال الذي سيدر علينا مبالغ طائلة من الدولارات التي ربما تضاهي ما تجلبه لنا ثروة الذهب التي نحتفي بها كل يوم .. وها هي وزارة السياحة تستعين بمنظمة السياحة العربية في إقامة معرض السودان الأول السياحي الذي يقام الآن بالخرطوم بمشاركة الولايات ومتوقع أن يحدث نقلة نوعية في مجال السياحة كصناعة ولدينا في ولاية البحر الأحمر تجربة ناجحة جدا استطاعت أن تنفض الغبار عن مناطق سياحية كادت تتلاشى بالإهمال بينما كانت في السابق قبلة السياح الأجانب وطالبي الترفيه داخل السودان .. فمنطقة اركويت عاد لها رونقها وبريقها الذي افتقدته زمانا طويلا وكذلك منطقة عروس التي زينتها المنتجعات السياحية، ثم مدينة سواكن التي تتميز بالمعالم الأثرية الكبرى بجانب وجود ضريح لعثمان دقنة الذي يمثل إضافة مهمة لتاريخ السودان اهتمت به ولاية البحر الأحمر كأحد المعالم الأثرية والسياحية بجانب الاهتمام بمناطق أخرى داخل مدينة بورتسودان طالتها اللمسات الجمالية التي تغري السياح لان تكون مدن ولاية البحر الأحمر مناطق سياحية بدون منافس .. ولاية البحر الأحمر الآن حجزت مكانا مميزا في (عالم السياحة والتسوق) ونجحت في أن تجذب السياح والزائرين لها سنويا بإقامتها مهرجان السياحة والتسوق الذي يؤمه الآلاف من الزائرين لتحقق بذلك هدفين أساسيين أولا زيادة إيراداتها بإقامة هؤلاء السياح خلال أيام المهرجان الخمسة وثانيا كسب مزيد من الدعاية والترويج لما أنجزته الولاية وتنجزه كل عام وبذا تكسب مزيدا من المستثمرين وإنعاش السياحة هناك .. وقد أشرت إلى هذا الأسلوب الذكي في مقال سابق حينما شاركت في مهرجان السياحة ببورتسودان وتمنيت أن تحذو الولايات الأخرى ما فعلته ولاية البحر الأحمر ، وفيما يبدو أن بعض الولايات ستمضي في ذات الاتجاه فولاية كسلا التي أقامت مهرجانها السياحي هي الآن بدأت تخطو خطواتها الأولى نحو الارتقاء بمناطقها السياحية ، والآن ولاية الخرطوم التي احتضنت معرض السياحة بدأت تتلمس طريقها بعد أن توجتها لجان المركز العربي للإعلام السياحي كواحدة من أفضل خمس مدن نموا في مجال السياحة. فيما يبدو أن هذا التتويج جعلها تزيد (جرعتها) السياحية فكان الاهتمام بمناطقها السياحية .. أتوقع أن يمتد هذا الاهتمام للولايات الأخرى التي تزخر بإمكانات سياحية هائلة بالولاية الشمالية التي توجد بها أهرامات نوري وأهرامات البركل الذي بدأ الاهتمام به العام الماضي بإقامة منتجع سياحي بالقرب من المنطقة الأثرية بعد أن تلاحظ اهتمام السياح الأجانب به في الآونة الأخيرة حينما بدأت تنتعش المنطقة بعد إقامة سد مروي ، ولا زالت المناطق الأثرية تحتاج إلى اهتمام وحماية وقد راجت بعض الأخبار عن تعرضها للسرقة والتهريب .. ولاية نهر النيل هي الأخرى بها العديد من المعالم الأثرية التي تحتضن أهرامات البجراوية وغيرها من الجواذب السياحية الأخرى ولا تخلو ولاية سنار من مناطق سياحية تحتاج الاهتمام والترويج لها وجل الولايات تتوافر بها مقومات سياحية لا يستهان بها ، أتمنى أن يضع معرض السياحة نهاية لتلك الاستهانة التي لازمت زخيرتنا السياحية، ولا ننظر لنصف الكوب الفارغ لما تجلبه السياحة من سلبيات كما يروج البعض ، فهذه النظرة الضيقة يجب أن نتحرر منها ويكفى أن على رأس هذا العمل الجليل وزير السياحة الذي يحسب على السلفيين وهم الأكثر تشددا تجاه الحفاظ على القيم و(الأخلاق) !! فثورة الوزير السلفي تجاه إنعاش السياحة تدحض تلك الحجج التي يتبناها مناهضو السياحة وهم يقفون (كحائط صد) أمام انطلاقة هذا القطاع المنسي ، وينبغي أن لا نعطي اعتبارا لهذه الأصوات ونمضي بخطوات متسارعة نحو إكمال هذا المشروع العملاق ، فقط يجب أن ننتبه إلى أهمية أن نحسن الترويج لما تزخر به بلادنا من ثورة سياحية عظمى عبر كل الوسائل الترويجية ، فنحن للأسف حتى الآن لا توجد لدينا مواقع الكترونية متخصصة للترويج لمقوماتنا الاستثمارية والسياحة واحدة من تلك المقومات ، واكتشفت ومن خلال الدراسة التي أجريتها ( لنيل درجة الدكتوراه) حول فاعلية النشر الالكتروني في الترويج للاستثمار بالسودان عدم وجود موقع بالسودان يهتم بالترويج للمقومات الاستثمارية ، والمواقع التي لها صلة بالاستثمار ضعيفة جدا لا ترتقي لان تلعب هذا الدور بينما المواقع الأخرى تهتم أكثر بالجوانب السياسية حتى أنها صورت السودان بلد الحروب والنزاعات وهذه سلبية تقدح في تقدم وتطور السودان اقتصاديا.. والآن بعد الاتجاه نحو السياحة كمورد لنهضة الاقتصاد من المهم جدا الاهتمام بالترويج لمقوماتنا السياحية عبر إنشاء مواقع الكترونية كإحدى الوسائل الفاعلة والمؤثرة التي يمكن عبرها جذب المستثمرين من الخارج لإنعاش السياحة وبذا نستطيع أن ندخل سوق السياحة العالمي من أوسع أبوابه ( و البلزنا ما بقدر يرمينا )!!