أولاً وقبل الخوض في شأن السكة الحديد- لا بد أن نشيد ونفرح بإعادة تسيير قطار اكسبريس وادي حلفا ابتداء من 13 ابريل .. وإنه إنجاز عظيم في حد ذاته يحسب لهيئة السكة الحديد التي طالما اتهمناها بإهمال هذا المرفق الحيوي. فلم يكن يمضي يوم واحد في العقود الثلاثة الماضية دون ان نشتكي من الوضع المأساوي الذي تعيشه السكة الحديد التي أوشكت على الانقراض.. في آخر مقال في هذا الصدد- وما أكثر الحبر الذي سال عن هذه المأساة- ما كتبته في هذه المساحة في مارس الماضي عن فشل كل ادارات السكة الحديد المتعاقبة في كل عهودها- بل ان كل المديرين كانوا يتعهدون بإعادة السكة الحديد سيرتها الأولى.. وهو تعبير متكرر وممل اعتدنا سماعه في تصريحات كبار المسئولين.. في ذلك المقال ركزت على أداء المهندس مكاوي محمد عوض مدير هيئة السكة حديد الذي تولى مسئولية السكة الحديد بعد إعفائه من إدارة هيئة الكهرباء القومية بعد هزيمته المشهورة على يد رجل الانقاذ المدلل أسامة عبد الله.. مكاوي بدأ للمراقبين في أول عهده إنه سار على نفس درب سابقيه ولكن إذا عولنا على تقرير نشر في «الصحافة» يوم الاثنين الماضي فإن الباشمهندس عازم على اصلاح وتطوير السكة الحديد وان هذا المرفق الحيوي مقبل في غضون الفترة القادمة على اصلاحات غير مسبوقة.. أقول «إذا عولنا» على هذا التقرير لأن الشكوك تراود القراء لأنه احتل صفحتين كاملتين تحت عنوان «متابعات».. والمتابعات اسم الدلع للاعلانات المدفوعة القيمة.. أي أنها مجرد ترويج «لإنجازات» السكة الحديد- وهذا دأب كثير في المؤسسات الحكومية التي تدعي «إنجازات» لا وجود لها.. وبغض النظر عن صحة ما ورد في تقرير «الصحافة» أو عدم مصداقيته فما علينا ان نعول عليه.. على الأقل حتى تنجلى الأمور على حقيقتها والأيام بيننا. حسب التقرير الذي كتبه زميلنا السابق في «الرأي الآخر» بله علي عمر.. فإن حالة من الارتياح والفرح عمت كافة ربوع البلاد بوصول قطار الإكسبريس حلفا للركاب لهذه المدينة الحدودية في أول رحلة له بعد توقف دام «13 عاماً».. بله الذي تابع ميدانياً رحلة القطار من الخرطوم إلى وادي حلفا يوم 13 أبريل الماضي وصف الاستقبالات الشعبية المباشرة في محطات الدامر وعطبرة وبربر وأبو حمد والشريك .. أما أهالي وادي حلفا الذين استبشروا بإعادة اكسبريسهم القديم فقد نحروا الذبائح فرحاً بهذه العودة الحميدة.. جهود هيئة السكة الحديد لإصلاحها ليست حصرياً على خط الإكسبريس ولكنها حسب التقرير تشمل كافة الخطوط الجديدة في كل أنحاء السودان.. فالهيئة حريصة على دعم السكة الحديد .. الساحبة والناقلة- فقد استوردت «5» وابورات جديدة من الصين وتتفاوض لشراء خمسة أخرى خلال هذا الايام من الصين ايضاً وتأهيل «8» وابورات ألمانية خارج الخدمة وتعمل الهند على تنفيذ عقد خدمات الصيانة وقطع الغيار ل «19» وابورا وتأهيل «50» عربة بصيانتها.. وحسب التقرير فإن المساعي جارية لتسيير قطارات الركاب في كل الخطوط الحديدية في أنحاء البلاد.. هذا ملخص التقرير الذي يروج «للإنجازات» الحالية والمستقبلية لهيئة السكة الحديد.. هذا مشروع ضخم طموح و العبرة في النتائج- فهل تقدر عليه هذه الهيئة؟ كلنا نأمل ذلك ونتمنى للباشمهندس مكاوي وفريقه النجاح.
