يعاني الصحافيون في جمع المعلومة وتوظيفها في أشكالها التحريرية المختلفة لتقديمها وجبة شهية للقارئ عبر مراكز التوزيع ، ولكن سرعان ما تتعرض بعض من المواد الصحفية للمنع من النشر بتصنيفها قضايا لم تأذن السطات المختصة بمناقشتها، فالتالي تصبح الحرية الصحفية والمسئولية في تناولها حبيسة بين مواد قانون مجلس الصحافة والمطبوعات للدستور الحالي. الاتحاد العام للصحفيين السودانيين كجهة معنية بالدفاع عن الصحفيين ظل ينادي بحرية الصحافة منذ أمد قديم ولكن لم تترجم مطالبه لواقع فيما يتعلق بحرية التعبير والرأي، ومع ذلك لم تصيبه (خيبة) الأمل في مواصلة المطالبة بهذا الشأن باعتباره من أوجب واجباته والبحث عن سبل تحفظ للصحافيين حقوقها للكلمة المطبوعة. وتزامنا مع اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي جاء تحت شعار (حق التعبير للجميع)، ونظم الاتحاد العام للصحافيين السودانيين بمقره في المقرن أمس، ندوة تفاكرية حول الحقوق والحريات في الدستور القادم ضمت كوكبة من خبراء الصحافة الذي يعملون داخل وخارج البلاد بهدف الوصول لرؤية واضحة في دستور البلاد المقبل لاتؤثر على الصحافيين في حرية ما ينشرونه ولا على السياسة العامة للدولة. احترام الرأي والرأي الآخر وأكد د. أحمد بلال عثمان وزير الثقافة والإعلام خلال مخاطبته للندوة ضرورة احترام الرأي والرأي الآخر باعتباره من السبل التي تساعد في تحقيق السلام والاستقرار في المجتمع ، وشدد بلال على ضرورة احترام الحقوق الصحفية وان تقترن بالواجبات بهدف خلق مادة تعبر عن احتياجات المواطن، ودعا الى الابتعاد عن قضايا الإثارة والترويج لما أسماه بالاشاعات والالتزام بالموضوعية والمصداقية والدقة عند تناول أخبار المجتمع والقضايا المتعلقة بالرأي العام، وأبدى الوزير رضاه عن المواد التي تعرضها الصحافة الورقية لما فيها من قضايا المجتمع. واعتبر الفاتح السيد الامين العام لاتحاد الصحفيين السودانيين حق سيادة الدولة أعلى من ممارسة اي حق آخر ، ولكنه لفت لوجود العديد من المنظمات المختصة في أمر الحريات الاعلامية تنادي بصورة قوية جدا بحرية الصحافة ، وذهب الفاتح الى الدور الذي ظلت تقوم بها الصحافة اتجاه المواطن في تنبيه الدولة وإقناعها لمعالجة القضايا التي يعاني منها المجتمع، وشدد الأمين العام على ضرورة الارتقاء بالصحافة السودانية وخلق بيئة ملائمة لصناعة المواد والصحفي. مشكلة حقيقية ونوه الفاتح لوجود مشكلة حقيقية بين الدستور وقانون الصحافة والمطبوعات ليست في السودان فقط وانما للعالم أجمع ، على حد قوله ان السودان أفضل دولة تتمتع بدستور فيه حرية لحق التعبير عن الرأي ، وطالب قبيلة الصحافة بضرورة المحافظة على هذا المستوى في الدستور باعتبار ان الصحافة الورقية ان تعبر عن الكثير من القضايا التي يحتاجها المجتمع. تحديات ومخاطر ظهور الصحافة الالكترونية والوكالات الاخبارية اكبر تحد يواجه الصحافة الورقية باعتبارها تتطرق لقضايا لا تستطيع الصحافة الورقية مناقشتها بسبب الرقابة التي تفرض عليها من قبل السلطات الأمنية حسب ما أكده السيد الفاتح، وأوضح ان المخاطر التي تواجه الصحافيين ايضاً الأزمات الاجتماعية التي يمرون بها، ولكن د.إسماعيل حاج موسى نائب رئيس مجلس الولايات والخبير القانوني قال عكس ما ذهب اليه الفاتح السيد بتأكيده على ان الصحافة الورقية ما زالت تحتفظ بمفعولها وسط القراء بالرغم من ظهور تلك الوسائل الإخبارية وأن الكلمة المطبوعة تحتفظ بسطوها وسطتها بدليل الازدياد المستمر في صدور صحف جديدة من حين لآخر، ودعا الى ضرورة المحافظة على الكلمة المطبوعة وعدم الالتفات للشائعات التي تقول ان الصحافة الورقية في خطر وستقطع تواصلها بالقراء. الملامح العامة وفيما يتعلق بحرية الكلمة المطبوعة تطرق د.اسماعيل الى العقبات الأساسية التي تقف في طريقها ذكر من بينها ان وثيقة الدستور تركز وتهتم بالملامح العامة للقانون الذي يتضمنه في سياسته للمؤسسات مما يستدعي الأمر ضرورة توافق قانون تلك المؤسسات اي كانت مع الدستور، ولم يستبعد الخبير القانوني وجود حق الحرية للصحافة ولكن شريطة ان ترتبط بالمسئولية ، واعتبر أن الحرية الصحفية من أهم مقومات العمل في المؤسسات الصحفية بصفة عامة والصحفي على وجه الخصوص، وشدد على ان الصحافة بلا حرية ولا معنى لها في المجتمع خاصة وان الوكالات التي تنشئ على الشبكة العنكبوتية (الانترنت) من الصعب جدا فرض الرقابة عليها مما جعل القراء يلجأون اليها في معرفة القضايا المهمة ، وأكد د.اسماعيل ان عالج الحد منها تطوير الاعلام الذاتي وجعله جاذباً للقراء بتوفير الحرية التي يجب ان لا تصل الى مرحلة الفوضى ، ودعا في ختام كلمته للندوة للمزاوجة بين الحرية والمسئولية الصحفية باعتبار ان ما تكشفه الصحف من قضايا ينبه الدولة للمعالجة.