قلنا إن الملك شهريار تحت وطأة عقدته الناجمة عن خيانة زوجته مضى ينتقم من المرأة بصورة مطلقة فقرر ان يتزوج كل يوم فتاة ثم يقتلها قبل الصباح وهكذا مضى على هذا الصنيع الشاذ حتى جفت المدينة من الفتيات إذ هرب آباؤهن بهن من المدينة.. مع ذلك فقد طلب الملك من وزيره ان يأتيه بفتاة يتزوجها كجري عادته ثم يقتلها،ولما لم يجد الوزير فتاة ذهب إلى بيته مكروباًحزيناً.. فألحت عليه ابنتاه ان يخبرهما بأمره فلما افصح عما يغمه ويخيفه طلبت منه ابنته الكبرى ان يزوجها ذلك الملك فهي إما ان تعيش او تذهب فداء لبنات جنسها ولكن الاب لم يقبل باقتراح ابنته في البداية واخذ يحكي لها حكاية طويلة هي حكاية الحمار والثور التي قصصناها من قبل.. لكن شهرزاد اصرت على موقفها فجهزها أبوها وصعد بها الى الملك..وهناك بكت ولما سألها عن سبب البكاء قالت: «أيها الملك إن لي اختاً صغيرة أريد ان أودعها» فارسل الملك إليها فجاءت إلى اختها الكبرى وعانقتها وكانت قبل ان تغادر بيت ابيها اتفقت مع هذه الصغرى ان تقول عند مجيئها الى شهرزاد في قصر الملك: بالله يا اختي حدثينا حديثاً نقطع به سهر ليلتنا.. وفعلت الاخت الصغيرة وفقاً لوصية شهرزاد التي قالت: حباً وكرامة إن اذن لي بهذا الملك المهذب، فلما سمع الملك هذا الكلام وكان به قلق فرح لسماع الحديث وإذن لها في هذه الليلة الأولى.. وهنا حكت شهرزاد حكاية التاجر مع العفريت.. التاجر الذي رمى بنواة تمرة اكلها فظهر له عفريت ليقول له قم حتى اقتلك مثلما قتلت ولدي فقال له التاجر. .كيف قتلت ولدك..؟ فقال له العفريت - لما أكلت التمرة ورميت نواتها جاءت النواة في صدر ولدي وكان ماشيا فمات من ساعته فقال التاجر: إنا لله وإنا إليه راجعون.. لا حول ولاقوة إلاَّ بالله العظيم. ان كنت قتلته فما قتلته إلاّ خطأ مني واريد ان تعفو عني.. لكن الجني اصر على قتله.. واراد التاجر إمهاله حتى يؤدي ديونه ويوصل لكل ذي حق حقه قائلاً: واعود على رأس السنة ولك على عهد الله وميثاقه إني اعود إليك فتفعل بي ما تريد فاستوثق منه الجني واطلقه فرجع الى بلده وقضى جميع تعلقاته. تقول الحكاية: اخبر التاجر زوجته واولاده بما جرى له فبكوا واوصى وقعد عندهم إلى تمام السنة، ثم توجه واخذ كفنه تحت ابطه وودع أهله وجيرانه. ارجو ان لا يفوت عنا ان هذه الحكاية ما زالت ترويها شهرزاد بحضور الملك في ليلتهما الاولى مثلما طلبت منها اختها الصغيرة ومثلما اتفقت معها ان تطلب منها ان تحدثهم حديثاً غريباً تقطع به الليل.. وتواصل شهرزاد سرد هذه الحكاية ويجئ في النص: توجه التاجر صوب الجني.. وخرج رغماً عن أنفه. واقيم عليه العياط والصراخ فمشى الى ان وصل الى ذلك البستان وكان ذلك يوم اول السنة الجديدة فبينما هو جالس يبكي على ما حصل له اذا بشيخ كبير قد اقبل عليه وله (غزالة) فسلم على هذا التاجر وحياه وقال له: ما سبب جلوسك في هذا المكان وانت منفرد وهو مأوى الجن؟ فأخبره التاجر بما جرى له مع ذلك العفريت وبسبب قعوده في ذلك المكان فتعجب الشيخ صاحب (الغزالة) وقال: والله يا اخي ما دينك إلاّ دين عظيم وحكايتك حكاية عجيبة لو كتبت بالإبر على آماق البصر لكانت عبرة لمن اعتبر ثم انه جلس بجانبه وقال له: والله يا اخي لا ابرح من عندك حتى انظر ما يجري لك مع ذلك العفريت.. وبعد قليل إذا بشيخ ثانٍ قد اقبل عليهما ومعه (كلبتان) سلافيتان من الكلاب السود فسألهما بعد السلام عليهما عن سبب جلوسهما في هذا المكان وهو مأوى الجان فاخبراه بالقصة من اولها الى آخرها.. فلم يستقر به الجلوس حتى اقبل عليهم شيخ ثالث ومعه (بغلة) زرزورية فسلم عليهم وسألهم عن سبب جلوسهم في هذا المكان فأخبروه بالقصة من اولها إلى آخرها.. وبينما هم كذلك إذا بغبرة هاجت وزوبعة عظيمة قد اقبلت من وسط تلك البرية فانكشفت الغبرة واذا بذلك الجني وبيده سيف مسلول وعيناه ترمي بالشرر فأتاهم وجذب ذلك التاجر من بينهم. - يتبع -