أطلق الرئيس عمر البشير فى حديثه فى الاحتفال الجماهيري الحاشد بالقيادة العامة للقوات المسلحة بتحرير ابوكرشولا أمس الاول عدة رسائل للحركات المتمردة وجنوب الجنوب وأبناء جبال النوبة ومواطني جنوب كردفان ، ولكن الرسائل التى وجهها رئيس الجمهورية الى حكومة الجنوب كانت واضحة وصريحة حيث قال : ( الرسالة الثانية لاخوانا في جنوب السودان وبنقول ليهم نحن عندنا اتفاقيات والتزمنا بيها واي عدم التزام في أي جزء من هذه الاتفاقيات كلها ملغية وبنرسل ليهم انذار اذا أي دعم جاء من حكومة جنوب السودان للعملاء والخونة والمرتزقة في دارفور ولا جنوب كردفان ولا النيل الازرق حا نقفل الانبوب ودي رساله نهائية، يوقفوا دعمهم.. ولو دعمهم ماوقف اشربوا بترولهم).. رسالة التلويح او التحذير بايقاف تصدير نفط الجنوب عبر الاراضي السودانية وان لم تكن جديدة ولكنها تحمل دلالات جديدة وعديدة فى مقدمتها عدم مقدرة الحكومة على الصمت امام دعم جوبا لحركات التمرد او استغلال النفط لزيادة قوة التمرد، بل بامكان الحكومة ايقاف هذا النفط الآن، خاصة وان ايقاف تصدير نفط الجنوب عبر الاراضي السودانية فى يناير من العام 2012 لم يكن قرار حكومة السودان وانما صدر من حكومة جنوب السودان ودون إخطار بالايقاف فى سلسلة الحرب الاقتصادية التى بدأتها جوبا بعد يومين من الانفصال باعلانها عن عملتها الجديدة رغم اتفاقها على الاستمرار فى وحدة نقدية بين البلدين بعد الانفصال لمدة (6) أشهر. د. عز الدين إبراهيم: تشابك المصالح هو الضامن لتنفيذ الاتفاقات الجديد فى التلويح ولكن يبدو ان الجديد الآن فى التلويح بايقاف تصدير نفط الجنوب أن قرار استئناف الضخ من جديد جاء نتاجاً لتنفيذ اتفاقيات تعاون مشترك بين البلدين بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا وبرعاية من المجتمع الدولي والاتحاد الافريقي وإشراف من مجلس الأمن الدولي الذى أصدر قراراً بعد احتلال هجليج وتحريرها بعودة البلدين لمائدة الحوار ورعى اتفاقيات التعاون ووجه بتنفيذها ومعاقبة من لم يلتزم بها، ولذلك قرار الايقاف لتصدير النفط يأتي ردا على خرق حكومة الجنوب لاتفاق التعاون بين البلدين بدعمها للمتمردين وخرقها للاتفاقية الأمنية بين البلدين، ولذلك يبدو موقف الحكومة السودانية وتحذير رئيس الجمهورية فى رأي الخبراء بانه سليم ولا يعقل ان تسمح بعبور نفط دولة توظف عائدات نفطها لدعم المتمردين ببلادك ، فضلا عن انه خرق للاتفاقية الأمنية، لاسيما وان ما حمله مبعوثا رئيس الجمهورية الى جوبا من وثائق تثبت تورط قيادات فى حكومة الجنوب فى دعم الهجوم على ابوكرشولا وتم تسليمه لرئيس سلفا كير كان رسالة إنذار أولى لحكومة الجنوب التى وعدت على لسان سلفا كير بدراسة هذه الاتهامات والأدلة على إثباتها، ولكن بعد تحرير ابوكرشولا يرى المراقبون انه كان لابد من تجديد إرسال الرسائل لحكومة الجنوب وبوضوح وان تختار بين السلام والمصالح المشتركة او دعم التمرد..؟ . تنفيذ الاتفاقيات حزمة واحدة وأجمع خبراء اقتصاديون وسياسيون على ضرورة تنفيذ اتفاقيات التعاون الشامل مع جنوب السودان كحزمة واحدة، وليس اتفاقية دون الأخريات مع اعطاء أولوية لتنفيذ الاتفاقية الأمنية التى تعتبر محورية فى تنفيذ بقية الاتفاقيات، وأكد الخبراء انه لا يعقل ان تنفذ اتفاقية عبور نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية لتعود عائدات النفط لدولة جنوب السودان التى تقوم بتوظيفه فى دعم المتمردين ضد البلاد بالسلاح وكافة أشكال الدعم اللوجستي والمعنوي ، وأعلن الخبراء عن تأييدهم لتحذيرات رئيس الجمهورية بايقاف ضخ نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية اذا لم تلتزم بايقاف الدعم للتمردين. وأكد د.عثمان البدري الخبير الاقتصادي وأستاذ التنمية والكوارث بجامعة الخرطوم ان تنفيذ اتفاقية عبور نفط الجنوب عبر الاراضي السودانية جاء نتاجاً لحزمة من اتفاقيات التعاون الشامل بين البلدين والتى ينبغي ان تنفذ كلها كحزمة اتفاقيات وليس تنفيذ اتفاقية دون الاخرى . تأييد حديث رئيس الجمهورية وأضاف د.البدرى فى حديثه ل(الرأى العام) أمس نؤيد حديث رئيس الجمهورية بإيقاف تصدير نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية اذا لم تلزم حكومة الجنوب بايقاف الدعم للمتمردين، وأردف: ( ولكن ينبغي ان تكون الحكومة حازمة تماماً هذه المرة ولا تقبل بأي خروقات للاتفاقيات فالمسائل الامنية لا تقبل أنصاف الحلول، فالكل يعلم بان دولة الجنوب تدعم الحركات المتمردة والتى تقيم بأراضيها وينطلق العمل العسكري والعدوان على البلاد منها،كما تقدم لهم الإسناد العسكري والسياسي والدبلوماسي والتغطية الاستخباراتية والتدريب العسكري والتسليح والاتصالات وكافة أشكال الدعم ، فلماذا يعبر نفطها أراضينا حتى تستخدمه فى دعم التمرد بقوة، ولذلك يجب على الحكومة ان تحزم أمرها ولاتقبل بذلك وان يكون خطاب رئيس الجمهورية حازماً هذه المرة ولايقبل بالواسطات الافريقية الرفيعة او غيرها ، بجانب التركيز على إيجاد ادارة اقتصادية قوية للاقتصاد تقدر على مواجهة التحديات وتحسن استغلال الفرص المتاحة سواء فى الزراعة والثروة الحيوانية و الصناعة و المعادن بدلا من الاعتماد على عائدات نفط الجنوب ). تنفيذ الاتفاقية الأمنية وعضد د.عزالدين إبراهيم وزير الدولة بوزارة المالية الأسبق من القول بعدم معقولية تنفيذ اتفاقية عبور نفط الجنوب دون بقية الاتفاقيات لتعود عائدات الصادر لحكومة الجنوب لتدعم بها التمرد ضد البلاد، داعيا فى هذا الصدد الى تنفيذ اتفاقيات التعاون التسع مع جنوب السودان كحزمة واحدة مع إعطاء أولوية لتنفيذ الاتفاقية الأمنية والتى وصفها بانها محورية وتبنى عليها بقية الاتفاقيات الأخرى. واضاف د.عزالدين فى حديثه ل(الرأى العام) رئيس الجمهورية كان حديثه واضحا بان كافة اتفاقيات التعاون مع حكومة الجنوب ستكون لاغية اذا قامت بدعم حركات التمرد ضد البلاد، بل ذهب الى القول بانه سيراقب ذلك ليعرف هل يوجد دعم ام لا .. ولم يقل انهم قدموا دعما فى السابق وانما تحدث عن الدعم فى المستقبل وأردف: ( الاتفاقية الأمنية محورية وتنفيذها ضرورى لارتباط بقية الاتفاقيات به، ولا يعقل ان تسمح بعبور نفط دولة عبر أراضيك تستخدم عائداته لدعم حركات التمرد ضدك، فهذه المسألة غير سليمة ومستحيل تحدث ). وأكد د.عزالدين ان الشئ الضامن لتنفيذ اتفاقيات التعاون مع الجنوب هو (تشابك المصالح) فاذا لم تكن هنالك مصالح حقيقية بين البلدين لن يحدث استقرار بينهما او تعاون . كرت ضغط سياسي وحول امكانية استخدام النفط ككرت ضغط سياسي أكد د.عزالدين امكانية استخدام النفط ككرت ضغط على الجنوب لاسيما وانه يعتمد على النفط بنسبة (98%) من إيراداته، بينما ميزانية السودان للعام الحالي خلت من اي اعتمادات على عائدات رسوم عبور نفط الجنوب عبر الاراضي السودانية ولذلك يمكن استخدام النفط ككرت سياسي بعد البناء على تأثيره على الطرفين. ونوه د.عزالدين الى ان السودان حال أقدم على ايقاف تصدير نفط الجنوب عبر اراضيه فلن يكون هنالك (عتب) عليه من المجتمع الدولي او مجلس الأمن، وانما الجميع يعلم بدعم حكومة الجنوب للمتمرين والحركات المسلحة والتى توجد بأراضيها وتنطلق منها الهجمات على الأراضي السودانية وهنالك ما يثبت ذلك وفى هذا )خرق( من حكومة الجنوب لاتفاق التعاون الشامل مع البلاد ، ولايمكن القبول بهذا الأمر . فهم سياق حديث الرئيس ولكن د.حسن الساعوري أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية دعا الى ضرورة النظر الى حديث رئيس الجمهورية وتحذيره بايقاف تصدير نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية فى سياقه، حيث جاء الحديث فى سياق احتفال بالنصر وتحرير مدينة ابوكرشولا ووسط الجماهير ونفرة، وبالتالي هو ليس قرارا سياسيا نوقش فى مجلس الوزراء او البرلمان، وانما حديث تعبوي جاء فى سياق نفرة ونصرة لايمكن اخراجه من سياقه، كما انه لم يكن قرار بايقاف تصدير النفط بدليل استمرار انعقاد اجتماعات اللجنة الفنية المشتركة بين البلدين بالخرطوم هذه الايام واردف:(لذلك خطاب رئيس الجمهورية تعبوي ويخاطب الجماهير السودانية ولم يخل من الرسائل للخارج ودولة جنوب السودان ولكن ليس قرارا بدليل ايضا ان رئيس الجمهورية قال انه سيراقب ما اذا التزمت حكومة الجنوب بعد دعم حركات التمرد ام لا ..؟ وينبغي ان يفهم فى هذا السياق ولا يفهم على انه قرار ، بل رسائل يمكن ان تكون مكررة فالحديث عن ايقاف تصدير النفط ليس جديدا والمطالبة بعدم دعم التمرد ليست بجديدة ولا الخطاب التعبوي جديدا، وانما المطلوب الذى حمله خطاب رئيس الجمهورية ان تراعي حكومة الجنوب الوفاء باتفاقيات التعاون بين البلدين والنظر لمصالحها ). وحول امكانية استخدام النفط ككرت للضغط السياسي قال د.الساعوري ان النفط يمكن ان يكون كرت ضغط سياسي ولكن لا يلوح به للجماهير المناصرة وانما يستخدم ككرت فى المفاوضات او الاجتماعات المشتركة ولذلك الحديث عن ايقاف تصدير النفط ينبغي ان يفهم فى سياقه التعبوي والجماهيري فقط . استبعاد ايقاف تصدير النفط وحول امكانية صدور قرار بايقاف تصدير نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية، أستبعد د.الساعوري صدور قراربايقاف تصدير نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية لان السياق الذى صدرفيه حديث رئيس الجمهورية ليست سياق قرار وانما سياق تعبئة ونصرة واستغلال النصر لحشد الدعم . وصول الرسائل لجوبا وحول وصول رسائل رئيس الجمهورية الى حكومة جنوب السودان فى جوبا قال د.الساعوري ان حكومة الجنوب تفهم حديث رئيس الجمهورية ورسائله جيداً ، ولكنها تراهن على الدعم الدولي لها ، والضغوط التى يمارسها المجتمع الدولي ضد السودان، خاصة شركات انتاج النفط التى تتضرر مصالحها مباشرة بتوقف تصدير النفط وبالتالي الجنوب مطمئن لهذه الضغوط الدولية ويتفهم حديث رئيس الجمهورية وسياقه ورسائله وسيعمل بها خاصة وان التلويح بايقاف النفط يظل كرتا سياسيا يمكن ان تلوح به الحكومة ضد الجنوب فى مسارات التفاوض الحالية .