كامل إدريس يلتقي الناظر ترك ويدعو القيادات الأهلية بشرق السودان للمساهمة في الاستشفاء الوطني    أكثر من 80 "مرتزقا" كولومبيا قاتلوا مع مليشيا الدعم السريع خلال هجومها على الفاشر    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. حسناء أثيوبية تشعل حفل غنائي بأحد النوادي الليلية بفواصل من الرقص و"الزغاريد" السودانية    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    مشاهد من لقاء رئيس مجلس السيادة القائد العام ورئيس هيئة الأركان    خطة مفاجئة.. إسبانيا تستعد لترحيل المقاول الهارب محمد علي إلى مصر    من اختار صقور الجديان في الشان... رؤية فنية أم موازنات إدارية؟    المنتخب المدرسي السوداني يخسر من نظيره العاجي وينافس علي المركز الثالث    الاتحاد السوداني يصدر خريطة الموسم الرياضي 2025م – 2026م    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانقاذ و(الاقتصاد).. العودة لمربع (الإسعاف الثلاثي)
نشر في الرأي العام يوم 30 - 06 - 2013

تحل علينا اليوم الذكرى ال(24) لثورة الإنقاذ الوطني التي كان تفجرها وفقاًً ل(البيان الأول) تحسين معاش الناس ومنع تدهور الجنيه السوداني حتى لا يبلغ (20) جنيهاً مقابل الدولار، وتفجر طاقات البلاد الكامنة وإنهاء صفوف (البنزين والجازولين والخبز ...ألخ) وغيرها من أهداف الثورة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية..
ولكن بعد مرور أكثر من (23) عاماً من عمر ثورة الإنقاذ وتبنيها للبرنامج الثلاثي للانقاذ الاقتصادي ، يبدو أن (الليلة تشابه البارحة)، فقد بدأت الثورة برنامجها للاصلاح الاقتصادي ببرنامج إسعافي لانقاذ الاقتصاد في ثلاث سنوات عنوانه العريض الانتقال من اقتصاد الندرة الى الوفرة وتحريك جمود الاقتصاد ومعالجة تدهور سعر صرف الجنيه وشح النقد الأجنبي بتطبيق سياسة التحرير الاقتصادي، وعادت الآن بعد انفصال الجنوب الى المربع الأول الى تبني برنامج ثلاثي إسعافي للاقتصاد لامتصاص صدمة الانفصال وفقدان نفط الجنوب ومعالجة تدهور سعر صرف الجنيه وشح النقد الأجنبي والمحافظة على التوسع الذى شهده الاقتصاد إبان فترة استخراج النفط في نهاية اغسطس من العام 1999، ليكمن أوجه الشبه بين الانقاذ فى العام 1989 وفي العام 2013 فى العودة إلى (برامج الإنقاذ والإسعاف) وتشابه المشكلة الاقتصادية لاسيما تدهور سعر صرف الجنيه وشح النقد الأجنبي، والاستعداد لمواجهة حروب مفروضة على البلاد بإعطاء الصرف على الامن والدفاع اولوية ملحة مقابل تراجع اولويات اخرى بسبب الحرب التى تدور ببعض ولايات البلاد، بينما تكمن اوجه الاختلاف بين الانقاذ فى (البدايات والآن) فى ان الاقتصاد توسع واصبح منفتحا ويشهد وفرة فى عرض السلع والخدمات، مقارنة بالندرة والشح والانكماش الذى كان يعانيه الاقتصاد والارتفاع الكبير في معدلات التضخم التى بلغت فى سنوات الانقاذ الاولى نحو (160%) لتنخفض معدلات التضخم الآن الى (46%)، كما شهد قطاع الخدمات الصحية والتعليمية والمياه والكهرباء توسعا وانتشارا ملحوظاً فى الخدمات (لا تخطئه عين )، بل أصبح هذا التوسع فى الخدمات مدخلاً لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما شجع الدول العربية للعودة الى تمويل التنمية بالبلاد والبحث عن تامين الغذاء العربي من الأراضي السودانية برؤوس أموال عربية .
البرنامج الثلاثي
أطلقت ثورة الإنقاذ الوطني منذ تفجرها فى الثلاثين من يونيو سنة 1989 العديد من الشعارات لتحقيق ما أعلنت عنه في بيانها الأول، كما كوّنت لجنة عليا لإدارة الشأن الاقتصادي كان يترأسها العميد صلاح الدين كرار، بينما كان مقررها بحكم المنصب د. بابكر محمد توم الذي كان وقتئذٍ مدير الشؤون المالية بالقوات المسلحة وهو الآن عضو المجلس الوطني الحالي، وكان تركيز هذه اللجنة ينصب على إعداد برنامج لإنقاذ الاقتصاد الوطني، وعكفت على إعداده بعقد لقاءات واجتماعات وورش عمل تمخض عنها ما يعرف ب (البرنامج الثلاثي للإنقاذ الاقتصادي)، الذي ركّز على حل مشكلة (الصفوف في كل شيء) سواء صفوف البنزين أو الخبز وإحداث وفرة في عرض السلع والخدمات، لينجح هذا البرنامج عبر تبنيه لسياسة التحرير الاقتصادي في إنهاء ظاهرة الصفوف، والانتقال من اقتصاد ندرة إلى وفرة، ومن اقتصاد تحكمي إلى (اقتصاد حر)، تخرج فيه الدولة من النشاط الاقتصادي وتفسح المجال للقطاع الخاص، إلى جانب خصخصة مؤسسات القطاع العام، ليتوسع الاقتصاد وترتفع معدلات نموه بعد أن كانت سالبة، وتنتشر مشروعات التنمية والخدمات بالريف والحضر خاصة المياه والصحة والكهرباء والتعليم العام الذي أصبح متاحاً للجميع، وتفجرت ثورة التعليم العالي بزيادة أعداد الجامعات من خمس جامعات إلى اكثر من (57) جامعة ومعهداً وكلية ، وزيادة نسبة القبول من خمسة آلاف طالب وطالبة إلى (450) ألف طالب وطالبة، وتمددت شبكة الطرق بالريف والحضر، كما تمددت شبكة الكهرباء لتحدث نقلة في حياة إنسان الريف، بينما ودّعت المدن الظلام وانتهت برمجة قطوعات الكهرباء، كما حدثت ثورة بقطاع الاتصالات لتنتشر خدمات الهاتف الثابت والجوال ويتدفق الاستثمار الأجنبي والوطني بهذا القطاع، إلى جانب خدمات الإنترنت، وكما أسهمت ثورة المعلومات في وضع اللبنة الأولى للحكومة الإلكترونية وأسهمت في تبسيط الإجراءات، فضلاً عن استخراج النفط السوداني الذي أدى إلى كل هذا النمو الاقتصادي الهائل، كما أدى إلى طي ملف حرب الجنوب وتوقيع اتفاقية السلام الشامل التي أفضت إلى انفصال الجنوب.
العودة لمربع الإنقاذ والإسعاف
ولكن رغم هذه الإنجازات الكبيرة والظاهرة لثورة الإنقاذ الوطني، إلا أنها بعد انفصال الجنوب عادت إلى مربع (الإنقاذ الأول والإسعاف) بتبني الحكومة للبرنامج الثلاثي الإسعافي لامتصاص صدمة الانفصال وحل مشكلة تدهور سعر صرف العملة الوطنية الجنيه وشح النقد الأجنبي، حيث تواجه الآن تحديات اقتصادية عديدة في مقدمتها ارتفاع أسعار الدولار وتحدي غلاء الأسعار والمخاوف من عودة الصفوف من جديد بعد إجراءات التقشف الأخيرة وزيادة أسعار المحروقات والرسوم والضرائب على الواردات، وتحدي عجز الميزانية بعد خروج نفط الجنوب الذي كان يشكل نحو (50%) من إيرادات الميزانية، إلى جانب تحدي عجز ميزان المدفوعات وعجز الميزان التجاري وزيادة الواردات مقابل تراجع الصادرات وتدني الإنتاج.
ودفعت كل تلك التحديات وغيرها الحكومة إلى تطبيق سياسات التقشف الاقتصادي التي أسهمت فى سَد عجز الموازنة بتخفيض الإنفاق ومخصصات الدستور ليسهم هذا التخفيض في توفير نحو (5) مليارات جنيه من جملة (7) مليارات جنيه هي حجم العجز الكلي للميزانية، كما تأتي إجراءات التقشف كجزءٍ من البرنامج الإسعافي الثلاثي، الذي حسب متابعاتنا بدأ تنفيذه اعتباراً من هذا العام الماضي بالتركيز على تحريك القطاعات الإنتاجية والاستمرار في تمويل مشروعات التنمية، حيث بلغ الصرف على سداد تكلفة التمويل المخصص للبرنامج الإسعافي الثلاثي للفترة من يناير إلى مايو من العام 2012 البالغ حوالي (2) مليار جنيه، شملت توفير التمويل لصناديق القطاعات الإنتاجية بنحو (68) مليون جنيه للزراعة والصناعة والثروة الحيوانية، إلى جانب إكمال تأهيل مصانع النسيج والاستمرار في تمويل مشروعات التنمية القائمة.
تشخيص حالة الاقتصاد
أجمع عدد من خبراء الاقتصاد ووزراء مالية سابقون على ان الاقتصاد فى الذكرى ال(24) لثورة الإنقاذ الوطني عاد إلى مربع (الانقاذ والإسعاف) مع اختلاف الأسباب والمراحل التى يمر بها الاقتصاد، واختلاف مسمياه البرنامج وأهدافه من برنامج إنقاذي للاقتصاد أو إسعافي للاقتصاد واختلاف الأسباب الأولى التى دعت لإنقاذ الاقتصاد عبر برنامج إنقاذي ثلاثي ينهي شح والندرة ويحدث الوفرة الى برنامج إسعافي ثلاثي يمتص صدمة الانفصال وفقدان النفط وشح النقد الأجنبي والمحافظة على التوسع فى الاقتصاد، كما اجمع الخبراء على ان أوجه الشبه تكمن فى الحاجة لتدخل الدولة ل(انقاذ او اسعاف الاقتصاد) فى المرحلتين الاولى لثورة الإنقاذ والحالية بعد الانفصال .
تشابه الليلة والبارحة
وأكد د. سيد على زكي أول وزير مالية فى عهد ثورة الانقاذ الوطنى تشابه (الليلة والبارحة) بعودة الاقتصاد الى مربع الانقاذ والاسعاف مرة اخرى رغم المتغيرات الايجابية التى شهدتها ال(24) عاماً الماضية، حيث عاد الاقتصاد بعد انفصال الجنوب الى المربع الاول بتنبي برنامج ثلاثي اسعافي للاقتصاد لامتصاص صدمة الانفصال وفقدان نفط الجنوب ومعالجة تدهور سعر صرف الجنيه وشح النقد الاجنبي، والاستعداد لمواجهة الحرب وزيادة الصرف على الأمن والدفاع، بجانب الارتفاع الكبير فى معدلات التضخم. وأكد د.سيد ان الانقاذ عندما جاءت الى الحكم فى يونيو من العام 1989 كان الاقتصاد يعتمد على الزراعة وخاصة محصول القطن وقليل من الصادارت الحيوانية والصمغ العربي، وكان هنالك شح فى النقد الاجنبي وندرة فى السلع وتدهور في سعر الصرف.
مرحلة التكنوقراط
وأوضح د.سيد أن ثورة الانقاذ بدأت خطى الاصلاح الاقتصادي بحكومة تكنوقراط شاركت فيها كوزير للمالية لمدة عام ونصف العام تقريباً، وحرصنا على تقديم حلول للمشكلة الاقتصادية، ولكن قادة الثورة لم يستطيعوا الصبر علينا ك(تكنوقراط)، واستعجلوا تطبيق برنامجهم الإصلاحي والانقاذي للاقتصاد دون دراسة متكاملة لآثارها ورؤية واضحة لامتصاص هذه الآثار السالبة لتبني برنامج سياسة التحرير الاقتصادي والتى تم تطبيق دون دراسة كافية ومشاركة من الخبراء او الشعبيين وإنما أصر على تطبيقها البعض لتأتي بنتائج كارثية على الاقتصاد وتستمر آثارها حتى اليوم وتابع : ( اذا استفادوا من التكنوقراط وبرنامجهم لحدث استقرار اقتصادي، ولما حدث للاقتصاد مثل ما يحدث اليه الآن ).
واضاف د.سيد: لذلك مرحلة التكنوقراط لم تعط فرصة كافية لتطبيق برنامجها، بل لم يقدروا يصبروا عليها، بل استعجلوا التخلص منها وتطبيق سياسة التحرير الاقتصادي، واعتقد ان المشكلة الاقتصادية قديمة وورثتها الانقاذ ليس من حكومة الصادق المهدي وانما من عهد الرئيس جعفر نميري ، ولكن تفاقمت المشكلة الاقتصادية فى عهد الانقاذ بسبب استعجال تطبيق التحرير الاقتصادي وعدم تنويع الاقتصاد والاعتماد على البترول واهمال الزراعة .
فشل الإدارة الاقتصادية
وعزا د.سيد العودة الى الإسعاف والانقاذ الاقتصادي مرة أخرى الى فشل الإدارة الاقتصادية بالبلاد فى ادارة الاقتصاد الوطنى والولاية على المال العام ومحاربة الفساد وحسن استغلال الموارد والاستفادة من عائدات النفط فى تحريك قطاعات الانتاج الزراعية والصناعية والخدمية وجذب الاستثمارات ، بل حدث اهدار للموارد ولم يتم استغلالها بصورة مثلى فى تنويع الاقتصاد وتشجيع الاستثمارات الاجنبية وإحداث استقرار اقتصادي.
واضاف د.سيد : وزير المالية الحالي الاخ على محمود مجتهد فى تجاوز الوضع الاقتصادي الراهن ولا نغبطه حقه، ولكن السؤال الذى يطرح نفسه بإلحاح .. كم يدير وزير المالية من الاقتصاد وهل يحكم الولاية على المال العام ...؟ .. اعتقد الآن الاجابة عن هذا السؤال تؤكد ان وزير المالية لا يدير سوى (10%) فقط من الموارد التى تذهب (90%) منها للصرف على الامن والدفاع والصرف غير المنظور ، وبالتالي لا يمكن ادارة اقتصاد ب(10%) ، او بولاية محدودة على المال العام مع عدم محاربة الفساد.
تفاؤل بتجاوز الوضع الراهن
وحول تفاؤله بتجاوز الوضع الاقتصادي الراهن وعودة الاستقرار للاقتصاد ، أعرب د.سيد عن تفاؤله بتجاوز الوضع الراهن، وأكد ان هذا رهين بحدوث انقلاب فى التفكير وتنويع الاقتصاد وتغيير النظرة لادارة المال العام ومحاربة الفساد واستغلال الموارد وجذب الاستثمارات، بجانب الاستفادة من تجارب الدول الصديقة والشقيقة كالصين وماليزيا .
وفى ذات السياق عضد د.عزالدين ابراهيم وزير الدولة بوزارة المالية الاسبق من التفاؤل بتجاوز الوضع الاقتصادي الراهن، وتوقع ان يشهد العام 2014 تحسناً فى اداء الاقتصاد بعد الأداء الجيد الذى يشهده الآن بشهادة صندوق النقد الدولي وبعد تجاوز (عام الصدمة او العام 2012).وبرر د.عزالذين تفاؤله بتجاوز الوضع الراهن بحدوث بعض المتغيرات المهمة والمتمثلة فى زيادة انتاج الذهب ونجاح الموسم الزراعي وتعلية خزان الروصيرص وزيادة انتاج النفط السوداني وبداية ضخ نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية، بجانب زيادة تحويلات المغتربين وزيادة اعداد المغتربين مما يسهم فى زيادة ايرادات النقد الأجنبي بالبلاد.
تشابه المراحل واختلاف الأسباب
وأوضح د.عزالدين ان الاقتصاد السوداني طيلة ال(24) عاما من حكم الانقاذ مر بمراحل مختلفة ولكنها تتشابه فى بداياتها والآن فى حاجة الى تدخلات لاصلاح أو انقاذ أو اسعاف الاقتصاد مع اختلاف الاسباب والظروف، حيث استدعت فترة الانقاذ الاولى تطبيق برنامج ثلاثي لانقاذ الاقتصاد نجح فى تحقيق استقرار اقتصادي وخفض معدلات التضخم من (160%) الى رقم أحادي ولكن عاد الارتفاع الآن من جديد فى معدلات التضخم ليبلغ (46%)، كما استدعت الحاجة الآن الى برنامج ثلاثي لاسعاف الاقتصاد وامتصاص صدمة الانفصال، حيث شاركت فى صياغة البرنامج الاسعافي للاقتصاد والذى تجاوز فى عامه الأول (2012) صدمة الانفصال ، وبدأ فى العام 2013 يشهد تحسناً ، بينما يتوقع ان يشهد العام 2014 نموا فى الاقتصاد وحدوث استقرار بفضل استخراج الذهب العشوائي بجانب زيادة انتاج النفط وجذب الاستثمارات العربية للاستثمار في الامن الغذائي.
واوضح د.عزالدين ان ثورة الانقاذ فى المرحلة الاولى بدأت في العام 1992 بتطبيق سياسة التحرير الاقتصادي والسعي لتحقيق معدل نمو وتحريك قطاع الزراعة وارتفع معدل التضخم الى مستويات عالية، ولكن تحسن الوضع فى العام 1998 بحدوث استقرار اقتصادي وعودة العلاقات مع مؤسسات التمويل الدولية كصندوق النقد الذي انقطعت العلاقات به منذ العام 1983 وعودة العلاقات مع مؤسسات التمويل العربية والتى اسهمت فى تمويل مشروعات التنمية بالبلاد، كما ارتفعت وتيرة التحسن بعد استخراج النفط فى اغسطس من العام 1999، وبعد زيادة انتاج النفط فى العام2002 بدأت تظهر نتائج النفط فى الاقتصاد الذي توسع بصورة ملحوظة رغم ان النفط يشكل نحو (7%) من الاقتصاد الكلي ولكنه شجع على استقطاب وجذب استثمارات اجنبية مباشرة وأحدث استقراراً فى أسعار الصرف كما شجع على تحقيق السلام والانفصال .
العودة لمربع التدهور
وأضاف د.عزالدين: لكن منذ العام 2008 وقبيل انفصال الجنوب بدأ الاقتصاد السوداني يتأثر سلباً بالأزمة المالية العالمية وانخفاض أسعار النفط العالمية الى دون الأسعار المعتمدة فى ميزانية السودان الموحد، حيث انخفض مزيج النيل إلى (50) دولاراً للبرميل مقارنة ب(65) دولاراً للبرميل في الموازنة، وكذلك مزيج دار انخفضت أسعاره من (35) دولارا للبرميل فى الموازنة الى (20) دولارا للبرميل فى الأسواق العالمية مما اضطر الحكومة للسحب من الاحتياطيات وحساب تركيز البترول للصرف على مطلوبات السلام من انتخابات واستفتاء افضى الى انفصال الجنوب فى العام 2011 لتدخل البلاد فى صدمة اقتصادية سببها خروج النفط وفقدان احتياطيات النقد الأجنبي اضطرت الحكومة لتطبيق برنامج اسعافي للاقتصاد ويتوقع أن يحدث تحسن العام المقبل.
أوجه الشبه
وفى السياق أكد أحمد مالك الخبير الاقتصادي المعروف تشابه الحالة الاقتصادية بين بدايات الانقاذ وبعد مرور (24) عاما على تفجرها، حيث تكمن أوجه الشبه فى حاجة الاقتصاد للانقاذ والإسعاف فى المرحلين مع اختلاف الاسباب ،والمعالجات حيث كان السبب فى البدايات الندرة والشح فكان تطبيق سياسة التحرير هو الحل رغم الاخفاقات التى صاحبت التطبيق، اما الآن فالحاجة للاسعاف سببها انفصال الجنوب الذى احدث صدمة اقتصادية فكان العلاج تطبيق البرنامج الإسعافي الثلاثي الاقتصادي .
وأضاف مالك : نجح البرنامج الأول للانقاذ الاقتصادي فى إحداث استقرار الاقتصاد واستغلال الموارد واستخراج النفط، بينما بدأ البرنامج الحالي لإسعاف الاقتصاد فى تجاوز الصدمة تمهيداً لإحداث تحسن واستقرار من جديد وخفض معدلات التضخم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.