تسرع أهل الإنقلاب المصري في إنفاذ مخططهم ،ورغم التوافق عليه دولياً إلا أن هنالك خلافاً في جزئية منه مع الأمريكان هي التي جعلت الجيش يتسرع طالما أن الهدف متفق عليه ،كان الأمريكان يريدون الإبقاء على مرسي شكلياً لسببين _في تقديري_ أولهما حفظ ماء وجههم الديمقراطي ،وثانيهما هو التحسب لأية ردة فعل من الحركات الإسلامية والجهادية تجاههم ،كان السيناريو الأمريكي يقضي بالضغط على مرسي بالجماهير والإعلام حتى يخشى وحركته مواجهة الشارع المصري فيقبل أن يكون رئيساً ويوافق على تكليف رئيس وزراء بصلاحيات كاملة ليصبح هو مجرد رئيس فخري ،وقد كانت رسائل الجيش وبيانه وتصويره لمظاهرة التحرير جواً والتهويل الإعلامي جزءاً من الضغط عليه وحين فشل تدخل الجيش ،وهي نقطة الخلاف التكتيكي التي جعلت الإدارة الأمريكية مرتبكة في الإفصاح الصريح عن موقفها ،وبالتالي جاءت تصريحات موالين للانقلاب من سياسيين ووسائل إعلام مهاجمة للولايات المتحدة ومتهمة لها بالانحياز لمرسي لتبرئتها أمام الرأي العام ،وهم يضمنون عودة الموقف الأمريكي التدريجي حسب ما صرح به وزير الخارجية المصري السابق ،الورطة كبيرة في أن ليبراليي جبهة الإنقاذ سجلوا على أنفسهم ردةً تاريخية في الإيمان بالديمقراطية والحريات ،وتبين أن جل من دعموا تحرك الجيش كانوا يطمعون في إحلال الحكومة المخلوعة ،وجد البرادعي أستاذ القانون ومن قبله قاضي المحكمة الدستورية في ورطة قانونية ،فوزير الدفاع المعين بموجب الدستور علق الدستور بقرار منه وعين رئيساً للدولة مع أنه لا يزال وزيراً ،والمحكمة الدستورية وهي تدعو رئيسها الرئيس المؤقت لمصر رسمياً لأداء القسم ،لم تجد إعلاناً دستورياً تستند إليه فقالت بناءً على بيان القوات المسلحة ،وعندما جاء دوره في أداء القسم لم يجد بُداً من الإقسام وفقاً لنص القسم المضمن في الدستور المعلق والذي يتضمن القسم بالمحافظة على الدستور ،فأقسم بموجب قرار مخالف للدستور على المحافظة على الدستور المعلق أصلاً ؟ وهي المشكلة التي سيواجهها أستاذ القانون البرادعي إن عُيّن رئيساً للحكومة ،فليس للرئيس مرجعية دستورية يعينه بها أو يؤدي بها البرادعي القسم ،فسيلجأ إلى إصدار إعلان دستوري بنفسه ليعين به رئيس الوزراء ،لكن يظل بيان الجيش مرجعيته في إصدار الإعلان الدستوري أيضاً. حاشية : الورطة السياسية مثلها رفض حزب النور الذي يثقل به الجيش التوازن لتعيين البرادعي ،بينما يصر شباب تمرد الذين يمثلون جماهير الانقلاب على تعيينه ،فتعلن الرئاسة تعيين البرادعي وتدعو لمؤتمر صحفي له ثم تؤجل ذلك ،فهي لا تستطيع التضحية به لأنه مفروض من الخارج ويستنتج ذلك من صحيفة هآرتس الإسرائيلية ،ومدعوم من شباب تمرد الذين يُحشد بهم ميدان التحرير ،فأجّل الإعلان ليستفيد من الطرفين في حشد الأحد الذي يكرر به حجية الانقلاب ثم يتخلص اليوم من السلفيين لصالح البرادعي بحجة رأي الأغلبية.