أخيراً وبعد ملاوة شديدة وإجتهادات كثيرة أعلن أحد الدعاة الشباب من الذين يحاضرون في المساجد بعد الصلوات ، الفتوى التي أصدرها عالم كبير يتخذ المسجد النبوي بالمدينةالمنورة منبراً لحل ما يستشكل بين الأئمة حول قضايا الفقه ... فقد قال الداعية الشاب واسمه إبراهيم في مسجد حاج نور ومسجد جمعية قطر بالمعمورة والفردوس أن سائقاً لبص سياحي علق له في عنقه مسألة فقهية أرهقته (أي إبراهيم) عدة شهور وهو يبحث لها عن حل يفيد به السائل ... وأنه في هذا جلس إلى كبار رجال الدين في السودان ولجأ إلى هيئة علماء الإسلام ونقب وفتش في الكتب ما أسعفه الوقت ولكنه لم يصل إلى نتيجة حاسمة . وما سأل عنه سائق البص أنه اصطدم بحافلة وأدى الحادث إلى وفاة 37 شخصاً ، وطبعاً هذا يعد في الإسلام ( قتل خطأ ) ولذا قامت شركة التأمين بدفع دية القتلى وتبقت عليه كفارة القتل الخطأ ... فهل هي الصيام شهرين متتاليين كما ورد في القرآن أم ماذا ؟ يقول الشاب الفقيه إبراهيم إنه بعد أن أعيته اتصالاته في السودان مع أهل الكتاب والسنة لجأ إلى علماء المسلمين في الخارج وكانت وجهته أرض الحرمين ، هناك أيضاً لم يجد رداً شافياً ، وأشاروا له بالذهاب إلى ذلك العالم في المدينة الذي قال له : على السائق صيام شهرين عن كل قتيل في ذلك الحادث . بمساعدة آلة حاسبة بسيطة فإن المطلوب من السائق أن يصوم 74 شهراً وبالتتابع كل شهرين دون انقطاع أي ست سنوات وشهرين و لا يتم احتساب شهور رمضان مع تلك الكفارة خلال تلك السنوات . لم يكن هناك وقت للتساؤل عما إذا كان صيام الكفارة سيكون أيضاً متتابعاً أو يتوقف خلال شهور الصيف الحار ، وبهذا يكون الصيام لكل قتيل لوحده خاصة إذا كان السائق شاباً وربما يمد الله في عمره ... وأيضاً عما إذا كان بين القتلى من لا يدينون بدين الإسلام هل يصح الصيام في حقهم ؟ .... وكذلك إذا انتهت تحقيقات المرور أن الخطأ كان من سائق الحافلة وليس البص السياحي ، والواضح أن الشيخ إبراهيم لم يحصل على هذه الاجابات من عالم المدينة لأنه وكما قال عندما قلت له :( لكن يا شيخنا) كادت مسبحته تصل إلى رأسي وهو يقول : (ليس هناك لكن في هذا الأمر) . إن هذه الفتوى المهمة التي طال انتظارها على الجهات المختصة وهي وزارة الأوقاف وهيئة علماء السودان ومركز التنوير والمعرفة القيام بطباعتها وتوزيعها على سائقي البصات والحافلات وتدريسها لهم في المساجد والزوايا القائمة بالمواقف خاصة مسجد الميناء البري علها تكون رادعاً لهم أو وازعاً وتجف برك الدماء التي تخلفها مركباتهم كل يوم في الشوارع ، ويتوقف حصاد أرواح المواطنين وهو حصاد ليس له موسم وممتد طوال العام ، وحتى الأتقياء من هؤلاء السائقين كانوا يصومون الشهرين وكفى بها كفارة مهما كان عدد القتلى.