الأستاذ عبد الصادق عباس عبد الرحيم بعث إلينا بالرسالة التالية (بعد الاختصار) .. (لست من كتُاب الصحافة ولكن أجبرني مقالك المكتوب تحت عنوان «حُزن حقيقي واعتذار سياسي» بصحيفة الرأي العام الغرَاء في العدد رقم4355 بتاريخ الخميس 24 ذو القعدة 1430ه الموافق 12 نوفمبر2009م , والذي تناول عُرس الشهيد والتأصيل له .. ولأهمية هذا الموضوع فتأصيلهُ في الإسلام نبدأهُ بقول الله تعالى: «ولا تحسبنّ الذين قُتِلو في سبيلِ اللهِ أمواتاً بلْ أحياءٌ عند رّبِهم يُرزَقون فرِحين بِما آتاهُم اللهُ من فضلِة ويستبشِرون بِالذّين لم يلّحقو بِهم مِن خلفِهِم ألاّ خوفٌ عليهم ولا هُم يحزنون» أما الأحاديث عن رسُولِ اللهِ صلّى الله عليهِ وسلًم فكثيرةٌ أيضاً مِنها قولُهُ صلًى اللهُ عليه وسلّم :»ما من أحدٍ يدخُلِ الجنًة يُحبُ أن يرجِعَ إلى الدُنيا إلَا الشهيد لِما يجدُ مِن الكرامة فيحبُ أن يعود إلى الدُنيا ليُجاهِدَ فيُقْتل». وأما أصلهُ في المُمارسة عِند سلفِنا الصالِح والذي رضِعَ الدًين صافياً من مصدرِ النبوة , فنجدهُ أولاَ في امرأةٍ تُدعى «بنت البرًآء» وهي وآلدة الشهيد «حارثة بن سُراقة» .. والمثال الثاني الذي نُوردَهُ في هذا المكان هو حال الصحابية الجليلة «الخنساء» والتي بكْت أخاها «صخّرْ» في الجاهِلية ونَظَمت فِيه مِن الشِعرِ ما أصبحَ مضرب المثلِ في الرِثاء وذلك لأن صخّر مات «فطيس» ولكن عندما أسُتُشهِد أولادها الأربعة في معركةٍ واحدة وبلغها الخبْر لم تَزِد على عِبارةٍ حفظها لها التاريخ أكثرَ مِما حفِظَ عن رِثائها لِصخر. قالت:»الحمد ُلله الذي شرفني باستشهادِهِم «. .. ومن موقف المعايش والمتابع وقد كنت من أكثرِ المُشاهِدين والمشاركين لأعراس شُهداء السُودان في العشرين عاماً الأخيرة لِكوني أحد المؤسسين لِمدرسة الدِفاع الشعبي فلم أقف على حالِ أُسرة قدمت أحد أفرادِها شهيداً كانت تُشِقُ الجُيوبَ أو تلطُم الخُدُود, بلْ كُلّهم وبِدونِ إستِثِناء كانُو صابِرين ويُصَبِرونَ أقارِبَهم ويُشارِكُون بالتهليلِ والتكبيرِ بلْ بعضُهم كان يُقدم الشرًبات والبَخُور كُل ذلك شاهدناهُ وعايشناهُ وهذا نابعٌ من معرفتهم بالخير الذي نالهُ شهيدهم وشملهم أيضاً. أما كلمة عُرس هُنا هي ترمز لقول رسُول الله صلّى الله عليه وسلّم:» إن الشهيدَ يُزوّج بِسبعين من الحُورِ العِين». ولا يتبادرٌ إلى ذِهن السّامع بكلمة عُرس إن الذين يُقيمون عُرس الشهيد يضحكون ويُثرثرون, ولكِنةُ التهليلُ والتكبير وذِكر مناقِب الشُهداء وفضلُ الجهاد والاستشهاد وذكر حال الشهيد عند استشهادة وثباته أمام العدو وكلُ ذلك في جدية تامة ) .. انتهى كلام الأستاذ عبد الصادق .. الذي حدثنا عن الشهادة في عهد النبي.. بينما تحدثنا عن الشهادة في عهدنا نحن .. والذي نذكره بقوله «لم أقف على حال أسرة (قدمت) أحد أفرادها شهيداً كانت تشق الجيوب وتلطم الخدود» .. هذا هو بالضبط مربط الفرس .. حديثنا كان عن (الأم) التي (لم) تقدم ولم تؤخر ولم يكن لشهيدها نفسه ترف الخيار .. ناهيك عن أسرته !