(1) وقف دكتور (التجاني) الشاب الثلاثيني (الأعزب) في فناء الكلية باحثاً عن صيد جديد.. ملأ صدره بالهواء.. سرح ببصره بعيداً وهو يفكر: كم أن حصوله على شهادة الدكتوراة في هذه السن إنجاز قد تحقق بعد طول عناء..! في أيام دراسته لم يكن (التجاني) يتأمل في وجوه زميلاته قط.. لأنه - ببساطة - لم يكن يرفع عينيه عن سطور الكتب والمراجع.. وبكثير من الجهد والصبر تحول خلال بضع سنوات من مقاعد الطلبة إلى صفوف هيئة التدريس.. لكنه منذ الدكتوراة فصاعداً لن يطيل النظر في سطور أي كتاب.. بل سيتفرغ تماماً لتعويض ما فاته.. مطاردة الجميلات.. ولسوف يوقع بهن الواحدة تلو الأخرى مستعيناً بتلك (الدال) المغناطيسية التي تفرش جحيمه بالنوايا الحسنة.. وتمنح سلوكه حصانة دائمة..! (2) دخل دكتور (التجاني) الكهل الأربعيني (الأعزب) قاعة المحاضرات (متحنفشاً) كعادته.. قلّب عينيه بنظرة خاطفة مشمئزة في وجوه الأولاد.. قبل أن يجول عينيه بمهلة واستمتاع في وجوه البنات.. تأمل شاغلات الصفوف الأمامية بامتعاضٍ وهو يلعن في سره تلك العلاقة الطردية الأزلية بين الشطارة و(الشناة)..! .. ولكن لا بأس.. هو يعرف جيداً كيف يشق (النجيلة) بحذر.. ثم يصل بنجاح إلى ورود المقاعد الخلفية..! طقطق بأصابعه في صرامة فالتفت الجميع نحو سبابته الممدودة باتجاه (شيرين) الجميلة التي كانت تجلس في آخر القاعة.. وسمعوا صوته الحازم وهو يأمرها بالخروج من قاعة المحاضرات..! جلس دكتور التجاني في مكتبه مترقباً ومتمنياً أن لا تكون البرلومة الجديدة من الغباء بحيث تحضر أحداً برفقتها.. وما أن سمع طرقاتها الخافتة الخائفة حتى اعتدل في جلسته.. واضعاً قناع الجدية والرصانة على وجهه..! دخلت (نسرين) مكتب (التجاني) وهي تقدم رجلاً وتؤخر أخرى.. وفي عينيها مشروع دموع..! نسرين: أنا ما تكلمت يا دكتور.. كنت مركزة مع المحاضرة..! التجاني: مركزة شنو.. قلت ليك ركِّزي معاي! (3) دخل دكتور (التجاني) الشيخ الستيني (الأعزب) قاعة المحاضرات في بداية العام الدراسي الجديد.. ألقى نظرة خاطفة على الصفوف الأمامية.. لعن في سره تلك العلاقة الطردية الأزلية بين (الشناة) والشطارة.. بدأ المحاضرة، وهو يجول عينيه في الصفوف الخلفية بتركيز أكثر.. وقعت عيناه على (شيرين).. طقطق بأصابعه في برود.. قبل أن يشير بيده نحوها ثم نحو الباب في آلية! شيرين: أنا عملت شنو يا دكتور؟! - كيف ما عملتِ.. عملتِ ونص! - عملت شنو..؟! - إلا يطردوك من القاعة عشان تدخلي المكتب دا؟! ملاحظة: أي (تطابق) مع أحداث أو شخصيات واقعية هو من قبيل المصادفات التعيسة والمخزية!