تمثل تجارة الحدود جانباً مهماً في دعم مسيرة الاقتصاد القومي باعتبارها إحدى المرتكزات التي تعتمد عليها حركة التجارة الخارجية في البلاد في الوقت الحالي. حيث يتعامل السودان مع عدد من الدول المجاورة في مجال التبادل السلعي حسب قوائم سلع الصادر والوارد المتفق عليها وفقاً للبروتوكولات التي يتم الإتفاق عليها بين وزارة التجارة الخارجية والولايات الحدودية وبعض دول الجوار بجانب نجاح هذه التجربة في التبادل بين الولايات المختلفة فيما بينها. ولكن هذه التجارة المهمة لا تزال تواجه عدداً من المشكلات التي تهدد بتدهورها وتراجعها في ظل غياب الأجهزة الرقابية المختلفة وبالتالي ضعف العائد منها، وتشير بعض الولايات المعنية بتجارة الحدود الى أنها تواصل عملها وجهودها المكثفة بغرض إنقاذها من الإنهيار التام بالاضافة للمساعي التي تقوم بها آلية تجارة الحدود والتي تشمل في عضويتها وزارتي التجارة الخارجية والثروة الحيوانية والمتمثلة في الإدارة العامة للثروة الحيوانية والحجر الزراعي وشرطة الجمارك وبنك السودان والمواصفات والأمن الاقتصادي وإدارات تجارة الحدود بالولايات المختلفة. وتناقش هذه الآلية التي تجتمع دورياً كل شهر عدداً من المعوقات التي تواجه التجارة والتي تهدف لوضع حلول مناسبة للخروج من المشكلات المتواصلة التي تواجهها وتشمل القضايا المهمة إغلاق الحدود البرية بين بعض الولايات خاصة دارفور وكردفان مع ليبيا الذي أثر سلباً على أداء حركة التجارة فيها بجانب غياب دولتي الجوار كشريك ثالث في اعتماد وتوقيع إتفاقية التجارة الموقعة بين الولاية ووزارة التجارة الخارجية. ويمثل ضعف رأس المال في ضعف المجال «تجارة الحدود» وعدم توافر التمويل المطلوب بجانب غياب وجود تنظيمات فاعلة للمصدرين وانعدام التنسيق اللازم بين الولاية وسلطات المناطق الحدودية بين دولتي الجوار خاصة فيما يتعلق بتحديد قوائم سلع التبادل التجاري أهم المعوقات التي تعيق مسيرة هذه التجارة. ويرى المعنيون بهذا الشأن أن الازدواجية في الرسوم والجبايات التي تفرضها الولايات تقف حجر عثرة أمام تنفيذ الإتفاقيات الموقعة بين أي طرفين. ويرى عبدالباقي عيسى مدير التجارة الخارجية بوزارة التجارة أنه لابد من ضرورة التنسيق اللازم مع دولتي الجوار خاصة عند تحديد واعتماد قوائم سلع الصادر والوارد بين الولاية ودولتي الجوار ووزارة التجارة الخارجية. ويشدد على أهمية اهتمام الجهات ذات الصلة لإيجاد تنظيمات فاعلة للمصدرين بجانب وضع حل مناسب لإنعدام التنسيق بين الولاية والجهات الاخرى في قضايا التجارة كافة بالإضافة لوضع حد مناسب للإزدواجية في الرسوم المفروضة على التجارة خاصة التي يتم التنفيذ عبرها لمصر. ويؤكد الخبراء والمهتمون بالجانب التجاري أن التنسيق التام بين الجهات ذات الصلة يؤدي للخروج من المشكلات المتكررة والإسراع في فتح الحدود بين بعض الدول خاصة ليبيا وبعض الولايات، بجانب التنسيق على تأمين الطرق والمسارات المؤدية لها وتعجيل قيام إتحاد مصدري تجارة الحدود تحت مظلة إتحاد أصحاب العمل بأية ولاية حدودية والعمل مع البنوك التجارية لتقديم التسهيلات والتمويل اللازم لمصدري التجارة الحدودية. ويدعو الخبراء للإسهام الفاعل في تطوير العمل والإتفاق بين ولايات الشمالية ونهر النيل والبحر الأحمر وغيرها لضمان تنفيذ التجارة مع مصر ومعالجة القضايا العالقة بينهم كافة. وأقرت إدارة تجارة الحدود بولاية البحر الأحمر بوجود عقبات عديدة تواجه العمل التجاري وحركة الصادر والوارد بينها والولايات الأخرى أهمها فرض بعض الولايات لرسوم وجبايات كثيرة وغير مبررة على طول الطرق والمسارات. وأكد مصدر مسؤول بإدارة تجارة الحدود حرص حكومة ولاية البحر الأحمر على معالجة هذه العقبات مع الجهات ذات الصلة لضمان انسياب الواردات والصادرات عبر الحدود والموانيء، وفي هذا السياق شكا عدد من المصدرين والموردين من عدم توفير الحكومة للخدمات والبنيات الأساسية للصادر بجانب تردي الطرق وتعدد الرسوم والجبايات الاخرى الأمر الذي أسهم في خروج الكثير من دائرة العمل التجاري حالياً وأصبحت التجارة حكراً على بيوتات معينة. وتشير «الرأي العام» الى إنخفاض العائد من تجارة الحدود عبر ولايات دارفور الثلاث نتيجة لعدم الاستقرار الأمني بالإقليم التي حدت من حركة الواردات والصادرات عبر تجارة الحدود أو تجارة الترانزيت بجانب ارتفاع أسعار السلع والخدمات بالأسواق المحلية بهذه الولايات. ويرى آدم نورالدين بمنطقة العبيدية بولاية نهر النيل أن مشكلات التجارة الحدودية بالولاية أسهمت فيها بصورة كبيرة الحكومة ممثلة في وزارة التجارة والجمارك وبعض الجهات الاخرى التي لم تلتزم بتنفيذ توجيهات رئاسة الجمهورية المتعلقة بإلغاء أي رسوم أو جبايات مفروضة على الطرق خاصة «الصادر». ويؤكد نورالدين أن عدداً من المعنيين بالتجارة بالولاية تقدموا بشكاوى حول فرض بعض الولايات لرسوم علي سلع الصادر بوجه خاص الأمر الذي تأثر به سلباً المتعاملون في مجال الصادر باعتبار أن العائد من العمل يكون متدنياً مقابل الزيادة في الرسوم المتعددة التي يقومون بدفعها في الطرق. ويشير الى أن عدم اهتمام الدولة ممثلة في الجهات المعنية بشأن التجارة الحدودية أسهم في تردي الأوضاع في هذا القطاع المهم حيث اتجه الكثير منهم للخروج نهائىاً من هذا القطاع والتفكير في أعمال أخرى. من جانبها أكدت وزارة التجارة الخارجية سعيها وتنسيقها مع المعنيين بالأمر لوضع حلول حاسمة لقضايا القطاع التجاري، وقالت إن أعلى نسبة لتنفيذ تجارة الحدود تتراوح بين «60 الى 70%». وقال عبدالحليم فضل مدير إدارة تجارة الحدود بالوزارة إن بعض الولايات نسبة تنفيذها لا تزيد عن «25 - 30%»، وقال إن هنالك «17» ولاية حدودية تعمل «10» منها فقط في تجارة الحدود، مؤكداً ان هناك «3» ولايات متوقفة بسبب الظروف الأمنية، وأشار الى وجود مخالفات، وأن هناك تجارة تأتي دون ان يكون لها سجل تجاري، وقال إن هنالك سلعاً تدخل عبر الحدود وتصل لمناطق بعيدة عن مناطق تجارة الحدود.