القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    شاهد بالفيديو.. نجمة السوشيال ميديا السودانية مها جعفر تتحدث باللهجة المصرية وصديقتها المصرية ترد عليها بعبارات ولهجة سودانية خالصة وتدهش المتابعين    شاهد بالفيديو.. القيادية في الحرية والتغيير حنان حسن: (حصلت لي حاجات سمحة..أولاد قابلوني في أحد شوارع القاهرة وصوروني من وراء.. وانا قلت ليهم تعالوا صوروني من قدام عشان تحسوا بالانجاز)    شاهد بالصورة.. شاعر سوداني شاب يضع نفسه في "سيلفي" مع المذيعة الحسناء ريان الظاهر باستخدام "الفوتشوب" ويعرض نفسه لسخرية الجمهور    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    مصر والأزمات الإقليمية    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية: دمج جميع القوات الأخرى لبناء جيش وطني قومي مهني واحد اساسه القوات المسلحة    الخليفي يهاجم صحفيا بسبب إنريكي    أسطورة فرنسا: مبابي سينتقل للدوري السعودي!    ياسيادة الفريق اول البرهان شيل هؤلاء قبل أن يشيلك الطوفان ويشيلنا ويشيل البلد كلها    الولايات المتحدة تختبر الذكاء الاصطناعي في مقابلات اللاجئين    عقار يلتقي مدير عام وحدة مكافحة العنف ضد المرأة    الداخلية السعودية تبدأ تطبيق عقوبة "الحج دون تصريح" اعتبارًا من 2 يونيو 2024    دورتموند يصعق باريس ويتأهل لنهائي دوري أبطال أوروبا    كرتنا السودانية بين الأمس واليوم)    شاهد بالفيديو.. البرهان يصل من تركيا ويتلقى التعازي في وفاة ابنه    ديمبلي ومبابي على رأس تشكيل باريس أمام دورتموند    ترامب يواجه عقوبة السجن المحتملة بسبب ارتكابه انتهاكات.. والقاضي يحذره    محمد الطيب كبور يكتب: لا للحرب كيف يعني ؟!    مصر تدين العملية العسكرية في رفح وتعتبرها تهديدا خطيرا    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    دبابيس ودالشريف    نحن قبيل شن قلنا ماقلنا الطير بياكلنا!!؟؟    رسميا.. حماس توافق على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    كشفها مسؤول..حكومة السودان مستعدة لتوقيع الوثيقة    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدم الاستجابة للمطالب المشروعة في دارفور تأجيل للحرب
الشفيع أحمد محمد نائب حاكم دارفور السابق في حوار مع «الرأي العام»: الحلقة الثانية

الاستاذ الشفيع أحمد محمد، اسم بارز في حزب المؤتمر الوطني، وهو أمينه العام السابق، ونائب حاكم سابق لاقليم دارفور الكبرى. والآن هو سفير السودان في سلطنة عمان، وقبله كان سفيرا في طهران. كلما يتحدث الناس في دارفور عن اصلاح ذات البين، يرد اسمه بقوة وجدارة. البعض يطلق عليه «حكيم المؤتمرات»، يقصدون مؤتمرات الصلح في الاقليم، الموبوءة بالصدامات القبلية. في اطار خطة «الرأي العام» للبحث عن سلام دارفور المفقود من خلال جملة احاديث من أفواه المسؤولين السابقين في الاقليم، جلسنا مع الشفيع طويلا، بعد تنويه منه بأنه يتحدث كواحد من أبناء دارفور، ليس حديثاً سياسياً، لأنه كدبلوماسي محجوب من العمل السياسي، كما قال ان حديثه معنا، (ليس حديثاً دبلوماسياً محضاً، لكن لا هذا ولا ذاك، سوى انه حديث أحد مواطني دارفورعايش في الحدث وأنا منذ صغرى).... ولكن الشفيع، مع ذلك، هبش السياسة في عقر دارها في الحوار التالي: ? هناك ردة حصلت للمثقف من أبناء دارفور، كيف حصلت؟ هل حدث هذا اضطراريا، أم وهو الذي اختار الانكفاء الى القبيلة كخيار من جملة خيارات؟ حتى لا نعمم أن جميع أبناء دارفور قد ارتدّوا إلى مستنقع القبلية فيجب أن نؤكد أن الغالب من أبناء دارفور ما زالوا حتى الآن على ماضيهم ووئامهم ويعملون على تقوية العلاقات بين الناس. حتى تلك القلة التي التبس عليها الأمر وخاضت في مستنقع القبلية في وولجت في آسن الفتنة.. أشواقهم الآن تجاوز هذا الواقع، وسبب السقوط في المستنقع القبلي يعود حسب تقديري لهذا الاضطراب الذي حجب معظم الخيارات الأخرى إلا القبلية. وكثير من المتعلمين بدأوا يبحثون عن قبائلهم التي لم تكن في يوم مكان اهتمام لهم. وأحد الأسباب المباشرة لهذه الردة هو تآكل وازدياد فقدان الثقة بالدولة ومقدرتها على استيعاب المشاكل أو أيجاد الحلول لها فارتد بالمواطن إلى ما قبل الدولة إلى القبلية والعشائرية وهذا السلوك يهدد بمزيد من المآسي والمشاكل والصراعات التي لا تنتهي. كما يجب أن نشير إلى أن من الأسباب هو تسييس القبلية وجعلها منطاداً يمتطيه البعض ليحط على كرسي الوظيفة أو الوزارة وأيضاً ظاهرة البيعة باسم القبائل والضغط والسمسرة والابتزاز باسم القبائل والاستقطاب السياسي ونشدان اصطفاف الكيانات القبلية الكبيرة لهذا الحزب السياسي أو ذاك وحب النجومية لدى بعض المسئولين وولعهم بحشد القبائل لإرضاء القيادة العليا...الخ، كلها جعلت فتنة القبلية تستشري ليس في دارفور وحدها ولكن في معظم بقاع السودان حتى في بعض المناطق الحضرية التي قطعت علاقتها بهذا السلوك المتخلف، عادت له الآن مرغمة. ? هل تعتقد أن السلطة المركزية الآن أدركت ان هنالك معالجات خاطئة حدثت في دارفور ويجب أن تُصحح؟ وهل بدأت تُصحح؟ - نعم الحكومة أدركت ذلك والآن تعمل بكل ما يمكن لتلافي المضاعفات التي نجمت. ? لو انتقلت لمرحلة ثانية من الازمة، فهل ترى أن اتفاق أبوجا حقق أشياء مفيدة في رحلة السلام في دارفور؟ - لا شك أن اتفاق أبوجا اشتمل على كثير من المكاسب لدارفور ولكن الوظيفة الأولى لتلك الاتفاقية هي تحقيق السلام، وإذا تحدثنا بتجرد ومسئولية فإننا نقول إنها قد أخفقت في تحقيق السلام لدارفور الشيء الذي سوف يكون سبباً في عدم الاستفادة من تلك المكاسب وهي كثيرة. ثم إن اتفاقية أبوجا لسوء الحظ لم تحظ بموافقة كل الحركات وأيضاً قوبلت برفض واسع من القواعد، ولذلك أصبح المعنيون بإفشالها أكثر من المعنيين بإنجاحها، العبرة ليست بالتسميات العبرة بالنتائج ولنا في صلح الحديبية أسوة حسنة. ? ابوجا تصنف بأنها اتت باتفاق، ولم تأت بسلام ؟ - صحيح أبوجا لم تحقق كل الطموحات، وصحيح ربما المفاوض الحكومي قد أثر في ذلك ولكن أعتقد أن السبب المباشر في عدم تحقيق أبوجا للحد المعقول من الطموحات للقادة والقواعد يعود لفشل المفاوض من جانب الحركات. لأن الطرف الآخر من مهامه أن تخرج الحركات بأقل المكاسب ويخرج هو بأقل الخسائر لأن في ذهنه أن هذه المكاسب للحركات وليست لأهل دارفور، ولكن يبدو أن تشرذم الحركات منذ أبوجا الخامسة وعدم مقدرة مفاوضيها من تحويل التعاطف الدولي والإقليمي والدعم من القواعد بدارفور لها.. يبدو أنها لم تستطع الحركات الاستفادة من ذلك كله كما ذكرت لتفرقها وأيضاً لقلة التجربة التفاوضية، وقد استغل المفاوض الحكومي نقاط الضعف هذه وأقنع الوسطاء فجاءت أبوجا أقرب إلى تصور الحكومة وابتعدت عن طرح الحركات لكن المحصلة النهائية هي الأزمة التي نعيشها الآن. ? ابوجا على علاتها، تعاني من عدم التنفيذ، وتبدو متعثرة، ما هي الاسباب من وجهة نظركم؟ - في تقديري التعثر لأكثر من سبب، أوله أن الاتفاقية وقعها طرف واحد من الحركات في حين المفترض أن يوقعها ثلاثة أطراف ولذلك مضى زمن طويل انتظارا للأطراف التي لم توقع عساها أن توقع، السبب الثاني أن الحركة الوحيدة التي وقعت والمنشقين عن الحركتين اللتين لم توقعا أخذوا وقتاً طويلاً للتشكل والاتفاق على قسمة الوظائف تحديداً.. ثالثاً أن الحكومة تحاول أن تختار للوظائف أشخاصاً بمواصفات معقولة لأن أي قصور في الأداء سوف ينعكس سلباً على أداء الدولة برمته. رابعاً ربما كان هنالك إحساس بأن أبوجا حتى ولو طبقت بكاملها وفي وقت قياسي لن تؤدي إلى النتائج المرجوة في غياب حركات أساسية. خامساً تطبيق أبوجا ترافق مع تطبيق نيفاشا والقاهرة والشرق والطرف الآخر هو نفس الطرف وأخيراً وليس آخر ربما الرفض الواسع لأبوجا من القواعد خاصة بمعسكرات النازحين وتراجع الوسطاء والشركاء عن دعمها أحد أسباب التعثر. ? الى ماذا تعزي حالة التشرذم التي تعيشها الحركات المسلحة؟ - عدم توحد الحركات يعود أولاً لنشأتها.. ثانياً لبعض الأطروحات غير العقلانية من البعض ..ثالثاً للتركيبة القبلية التي غلبت على هذه الحركات، رابعاً أن بعض الحركات قامت بهذا الاحتجاج المسلح نتيجة غضب وحماس ولم تكن هنالك فكرة محورية يسهل الدفاع عنها خامساً الطموحات والمطامع الشخصية التي تجلت لكل ذي بصيرة لأنه إذا كانت هذه الحركات تدافع عن قضية وهي متفقة تماماً حول القضية فلا أرى سبباً في عدم توحدها إلا الطموحات الشخصية أو المصالح القبلية وهذه كلها ليس لأهل دارفور شأن بها. ? لوانتقلنا لمنطقة جديدة في خضم المشكلة في دارفور، وتحدثنا عن مفاوضات سرت، فما هو تقييمكم لنتائجها ؟ - كل صاحب بصيرة ربما كان متأكداً أن سرت التي أعلنت في حينها لن تنجح لأنها رفضت من كثير من الحركات قبل حلول موعد انعقادها. ويبدو أن هنالك تفاؤلاً أكثر من اللازم واستشارة خطأ بأن الحركات سوف تهرع لمقر الاجتماع بمجرد حضور الوسطاء والمجتمع الدولي أو التهديد بالويل والثبور على من يتغيب، والسلوك الأخير كان أكثر ضرراً لسرت. وأي مؤتمر أو لقاء لكي ينجح لابد من تحقيق بعض الشروط منها.. أن الأطراف جميعها تكون متفقة على المكان والزمان وعلى أن تكون الأطراف المدعوة جميعها راضية وموافقة على شركائها الحاضرين ثم أن تكون هنالك أجندة أو جدول أعمال متفق عليه، وأن يعبر جدول الأعمال هذا عن مطالب الجميع وأن القضايا الأساسية التي تهم كل طرف قد ضمنت. ? الوسطاء يحملون الحركات مسؤولية تعثر السلام، لانها لا تريد ان تتوحد على اتفاق الحد الادنى؟ - نعم، تشرذم الحركات سبب لأنه مستحيل الاتفاق مع أكثر من عشرين فصيلاً على الطاولة، وسبب هذا التوالد الأميبي للحركات ناتج عن عدة أسباب أولها كما ذكرت نشأة الحركات ثم تقسيماتها القبلية، ثم الطموحات الشخصية إضافة إلى سلوك الوسطاء من المجتمع الدولي الذين يهرعون لكل من نشر بياناً أو انشق عن الحركة الأصل ويستمعون له ويعطونه المشروعية ويشعرونه بأنه مهم، إضافة للتعامل المباشر مع الميدانيين وليس السياسيين قادة الحركات فقط. ? انت تصر على ان تحمل الوسطاء مسؤولية عثرات سرت ؟ - على المجتمع الدولي أن يعمل على علاج المشكلة من جذورها، وهذا لا يتم إلا بمعرفة تعقيداتها ومسبباتها جميعاً، ولا يركن إلى علاج نتائج الصراع فقط، فالنزوح واللجوء وغيره من الجوانب الإنسانية والأمنية التي تؤرقنا وتؤرق المجتمع الدولي هي نتائج للمشكلة وليست المشكلة، فعلى المجتمع الدولي أن يركز على معالجة المشكلة من جذورها.وأن يكون مستعداً لتقديم الدعم التنموي المطلوب بعد توقيع الاتفاق. ? هذه الحركات دائما تحمل الحكومة مسؤولية انشقاقاتها، إذا صح ذلك هل من مصلحة الحكومة حدوث تشققات في الحركات؟ - أي نظام أو حكومة في الدنيا تواجه بتمرد مسلح تعمل لضربه والقضاء عليه وتطلق فيه يد الاستخبارات والأمن لاختراقه وإضعافه وإفشال خططه. ومن وسائل الإضعاف تفتيت المجموعات وهذا سلوك تمارسه كل الأنظمة في العالم- وأحياناً حتى في التنافس السياسي، وليس مثال الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة ببعيد وإن كانت وسائل الولايات المتحدة التي اتبعتها وإن حققت لها انهيار الإمبراطورية السوفيتية لكنه أفرز لأمريكا خصماً لا حدود له ولا يرى بالعين هو ما تسميه أمريكا بالجماعات الإرهابية علماً بأن معظم تلك الجماعات كانت صنيعة أمريكية تسليحاً وتدريباً ولكنهم انقلبوا عليها شر انقلاب لأنها -أي أمريكا- أرادت أن تغسل الدم بالدم فنتج ما نتج ولكن ما أريد قوله إن سياسة تفتيت المجموعات المتمردة هي من ممارسات كل الدول، وأنا هنا لست بصدد الدفاع عن هذه السياسة فربما ولدت وضعاً أسوأ من وحدة الحركات وربما نحن الآن نجني ثمار تلك الممارسات وهي كثيرة جداً وشديدة المرارة، ولكن الاتهام مردود على الحركات، فهذه الحركات ما دامت تدعي أنها حملت السلاح تضحية من أجل قضية فلماذا تكون هي قابلة للانقسام والتفتت وبفعل خصمها كما تدعي إذا كانت بعض الحركات أو بعض قادتها أو بعض أفرادها في السوق، فلماذا نقيم الدنيا ولا نقعدها لأن الحكومة تشتري هذا الحديث لا أسوقه تبريراً لسلوك هذا أو ذاك ولكن تفسيراً لهذه الظاهرة. لأن بعض هذه الحركات لو أسست على أساس متين وقضية عادلة فلا أعتقد أن الحكومة تستطيع أن تشتري وتبيع، وبالمناسبة إذا كان بعض أفراد أو بعض هذه الحركات في السوق فيعني أن القضية برمتها معروضة في السوق. ?الادارة الاهلية في دارفور كانت بمثابة القامة التي تحفظ تماسك دارفور، الآن شبه اندثرت، ليس لها دور فاعل، لماذا هذا الاضمحلال؟ تأثرت الإدارة الأهلية سلباً بكثير من الممارسات منها قرارات حلها الفوقية، والتدخلات السياسية في شأنها، وغياب الكثير من الرعيل الأول إضافة إلى تطور وتغير الظروف التي كانت سائدة في الماضي والإدارة الأهلية تستمد قوتها وهيبتها من: قيادات قوية أفرزها المجتمع المحلي وفق معايير يحترمها ذلك المجتمع ويخضع لها. وهيبة السلطة المركزية، لأن الإدارة الأهلية في النهاية تمثل سلطة من سلطات الدولة -وبكل أسف كلا المعيارين أصابه الخلل جراء ما ذكرنا في البداية وجراء سلوكيات أخرى. ? هل انتهى دورها في الاقليم ؟ - تظل الحاجة لرجل الإدارة الأهلية مستمرة، فهنالك شئون لا يصلح لها إلاَّ رجل الإدارة الأهلية المقتدر، ولكن من الصعب أن لا تتأثر هذه الشخصية بالتغييرات والتطورات في شتى مناحي الحياة، لقد كان في الماضي رجل الإدارة الأول هو الأقوى والمهاب في المنطقة، الآن ظهرت سلطات أخرى تطغي عليه، فحيثما يوجد ناظر أو سلطان أو ملك أو شرتاي أو شيخ أو أحياناً عمدة، إلا ويكون هنالك ضابط مجلس، وضابط شرطة، وطبيب، وقاضي مقيم، ومدرسة أو كلية جامعية، هذا إذا لم يوجد معتمد بوظيفة دستورية أو قائد حامية.وهذه خصمت من وضعه ولكن هذا تطور مطلوب محمود . ? ما هي اسباب تدهور الإدارة الاهلية؟ - أكثر ما يضعف الإدارة الأهلية التدخلات السياسية في عملها وهياكلها أو الاستغلال السياسي الحزبي من بعض أبنائها، أو العوز وضعف الإمكانات التي يمكن تحفظ لرجل الإدارة الأهلية وقاره ومكانته الاجتماعية. ? من المشاكل دارفور وجود ما يشبه التدخل في الحواكير القديمة»الحدود الجغرافية بين القبائل»، وهي خط احمر لدى القبائل، فما هو السبيل الامثل للتعامل معها؟ - الحواكير نظام قديم من عهد السلاطين، ولم تكن في يوم من الأيام سبباً مباشراً في الصراع لأنها محكومة بالعرف المصون من الجميع، صحيح برزت في الفترات المتأخرة بعض مظاهر الخلل بهذا العرف ولكن ذلك كله يمكن تصحيحه والمهم أن يتعايش الناس ويستفيدوا من الأرض
والماء والكلأ وفقاً لتلك الأعراف التي يمكن أن تتطور بالتراضي إلى استغلال أمثل للحواكير بصورة مستحدثة، المهم التعايش بين الجميع والاستفادة المثلى مما هو متاح ومراعاة الأعراف التي تصون وتحفظ علاقات المجتمع المحلي. ? ما هو رأيك فيما يتردد عن مخطط لقيام دولة الزغاوة الكبرى في دارفور وجزء من تشاد؟ - من حق كل شخص أن يعتقد بأي شئ إلى درجة الوهم ولكن بالنسبة لما يشاع من دولة زغاوة كبرى أو صغرى أو تجمع عربي أو دولة بقارة هذه كلها أوهام ولا وجود لها اللهم إلا أن تكون في أذهان قلة من هنا وهنالك فهذا الفهم شاذ والشاذ لا يعتد به- ولكن بكل أسف هذا الوهم المخيف غذته المخاوف والشكوك التي أصابت مجتمعنا، وكرسته بعض المواقف الشاذة من بعض الأفراد نتيجة تعليقات غير مسئولة في لحظة ردة فعل أو من باب التهويش واستغلته أطراف عديدة لزرع الفتنة بين شرائح المجتمع الواحد. وفي قناعتي أنه لا يوجد شيء اسمه دولة زغاوة كبرى ولا تجمع عربياً وإذا كان في ذهن أي شخص مثل هذا الفهم فسوف يقبر بفكرته لأنه فكرة غير قابلة للتطبيق أصلاً، فإطلاقها خطأ والترويج لها لغرض أو جهل يعد خطيئة في حق البلد. ? قلت في الحلقة الاولى من الحوار ان الكل اصبح ضد الكل في دارفور، وهذا ضمن ما يعني ضياع خيوط الحل لدى الجميع، ام ان هناك ضوءاً ما في آخر النفق؟ - عناصر الأزمة والحل بأيدينا وليس بيد الغير وأهم ضمانة هي إحياء مقومات وحدتنا التي تآكلت ونبذ أوهام الفرقة والشتات التي زرعت أو زرعناها بيننا نحن أبناء دارفور نمر بمرحلة حساسة وحرجة تتعلق بوجودنا ومستقبل أطفالنا ومهما كان موقفنا بالأمس فاليوم نحن مطالبون أكثر من أي وقت مضي بوقفه صادقة مع النفس وتوحيد الجهود وإخلاص النوايا لانتشال الإقليم بصفه خاصة والسودان بصفه عامة من الكارثة التي يتدحرج نحوها بفعل كل الأطراف - فعناصر الأزمة والحل بأيدينا وربما نحتاج لموقف مستقل عن أحزابنا وقبائلنا وحركاتنا لنكون حكماً راشداً عدلاً يخرج الجميع من المأزق. ?يصعب ذلك خاصة من قبل أنباء دارفور في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، يخافون من الاتهام بالخروج عن المؤسسية ؟ - إذا كانت للحكومة أي مرونة تبديها أو تنازلات تقدمها فلتقدمها لأبنائها ورعاياها ومواطنيها وليس للأجنبي مهما كان قريباً ولا للمجتمع الدولي وإذا كان للحركات أي مرونة أو تنازل فلتبدها وتقدمها للحكومة بدلاً من الأجنبي ولو آواك أو رعاك وقدم لك النصح والعون وذلك حتى نتجنب مراوحة القضية مكانها فالأطراف الخارجية عندما تتوسط في صراع الاخوة فإنها تسعى لحل مشاكلها فيما بينها خصماً وعلى حساب الأطراف المتصارعة وتقدم التنازلات لبعضها في قضية المتصارعين في حين تبدي الرغبة في تقديم المساعدة بالحل (هذا الفهم يجب أن لا يقدح في جهود المخلصين). ? قلت ان الكل ضد الكل، فكيف يتسني ذلك؟ - شوف انا اقول ان الذين يقاتلون اليوم من أجل المصالح والمغانم سوف يقاتلون غداً من أجل البقاء وغريزة البقاء أقوى من غريزة المصلحة فعلينا أن نعمل ما يجنّب البلاد أي هزّات مستقبلاً. ? تبدو هذه الافكار مثالية في ظروف الفتنة القائمة الان في دارفور بين جميع الاطراف، اي في ظروف الكل ضد الكل؟ لا .. واقعية جدا ... اذا يجب أن لا نعترف بفشلنا في حل قضايانا وإلا نقدم استقالاتنا عن أداء هذا الواجب ونترك الأمر للآخرين. ? السؤال المطروح هو من الذي يبدأ، او من الذي في وسعه ان يبدأ في ظل التعقيدات الماثلة؟ - أقول لأبناء دارفور بمن فيهم من هم بالحركات علينا أن لا ننقسم ولا نقسم أهلنا مجموعات متخاصمة بل علينا أن نكون مجموعاً واحداً، فلتختلف رؤانا دعونا نبعد الشكوك ونبدد مخاوف بعضنا من بعض، ولكن إذا رضينا بالانقسام والتجزئة فلا شك عندي أننا سوف نكون وقوداً لصراعات قادمة. هناك مسار تم رسمه لعملية السلام والقضية قد تم تدويلها، فمن الصعب السير في اتجاه آخر، هكذا يعتقد المحللون، اليس الامر كذلك؟ نعم تم تدويلها ولكن بدا ان هناك جهداً كبيراً بذل في السابق لايستفاد منه الان... فالمساعي والمحاولات من جانبنا أو من غيرنا كثيرة ودون الدخول في ما قبل العام 2001 نذكر محاولة وجهد بدأناه وأكمله الإخوة من أبناء الإقليم، هذا الجهد تمثل في فكرة مؤتمر الأمن الشامل لولايات دارفور. وكان الغرض أن يعكس المؤتمر الشكايات الحقيقية لأبناء دارفور ويسلط الضوء على المطالب والطموحات المشروعة لأبناء الإقليم إضافة إلى الخروج بميثاق للتعايش السلمي بين جميع مكونات دارفور وكانت الفكرة أن يبدأ هذا المؤتمر من القرية والفريق ومورد المياه أي في أماكن تساكن وتعايش المواطنين العاديين لمعرفة قضاياهم واحتياجاتهم ومشاكلهم وعلاقاتهم مع بعض وكيفية تقويتها وكيف يعيش قاطنو القرية والفريق في أخوة ووئام يتقاسمون موارد المياه ويرعون ماشيتهم وإبلهم ويحافظون على بيئتهم ويتبادلون المنافع في أسواقهم وأماكن تجمعاتهم، وينتقل المنشط إلى المحلية ثم الولاية ثم الولايات الثلاث معاً بحضور رسمي وشعبي قومي للخروج بتوصيات واجبة المراعاة من القيادة وواجبة التنفيذ من القاعدة وتنزل القرارات والتوصيات بنفس التسلسل كما صعدت من أسفل إلى أعلى تتسلسل نزولاً إلى أسفل حتى يستوعبها الجميع، وفي أثناء الإعداد للمؤتمر تقوم تصالحات ويتم إطفاء كل البؤر الصغيرة الملتهبة في الإقليم بحيث عندما ينعقد المؤتمر على مستوى الولايات الثلاث لا تطل مشكلة تعكر صفو المؤتمرين أو تجنح بالنقاش نحو اللاموضوعية. وكنا نعتقد بهكذا جهد وترتيب يتم القضاء على أسباب النزاع وتوضع خارطة طريق لتنمية الإقليم كله ويتم التأسيس لوحدة حقيقية بين أبناء الإقليم تساهم بايجابية ونموذجية في وحدة السودان كله ليعيش الجميع في ود ووئام يتقاسمون عن رضىً ما حبا الله به هذا البلد من خيرات يتنافسون برّاً وتقوى لتفجير كل الطاقات الخيّرة لمنفعة أهل السودان جميعاً. ? وسط هذه الربكة و التداخل في الامور، هل لديكم رؤية خاصة للحل؟ - لا احد يملك الحلول الان ولكن حتى نبني وجهة نظرنا تجاه الحل بعد تعقيد المشكلة بهذه الطريقة لابد من تأكيد امور كثيرة من بينها ان يؤكد أبناء دارفور على وحدة السودان وصيانة هذه الوحدة وينأون بأنفسهم عن أية إشارة من بعيد أو قريب لانفصال أو تقرير مصير لدارفور، وان ينظر لمشكلة دارفور باعتبارها جزءاً ونتاجاً لمشاكل السودان الأخرى ولن يتأتى الحل الناجح لها إلاّ بالحل الشامل لقضايا السودان على الرغم من أسبقية الحل الموضعي المختص بالإقليم أولاً، لابد ان نعترف بان أبناء دارفور بمختلف انتماءاتهم السياسية والقبلية مجمعون حول المطالب المشروعة لأبناء دارفور خاصة تلك المرتبطة بقسمة السلطة والثروة والمشاركة الفاعلة في إدارة السودان مع بقية الأقاليم والموقف من الحركات المسلحة لا يخل بهذا الإجماع وبالتالي فالاستجابة لهذه المطالب بقدر المستطاع تشكل أحد مفاتيح الحل، ولو بالحد الادنى لابد من إجماع أبناء دارفور على المطالب المشروعة والمعقولة ومجمعون أيضاً على أن تكون المكتسبات لأبناء دارفور جميعاً وليس فقط للحركات كما هو الآن في التجربة الماثلة، وارى ان أي اتفاق لا يستجيب للطموح والمطالب المشروعة والمعقولة لأهل دارفور لا يعدو أن يكون تأجيلاً للحرب التي ربما يعاد إنتاجها بوجه أقبح، لابد من عودة النازحين إلي مناطقهم الأساسية شرط لابد منه للسلام والاستقرار وإذا كان أي شخص أو جماعة محلية أو وافدة من بعيد استولت علي أرض أو موطن الغير بوضع اليد أو قوة السلاح فالواجب الملزم للجميع أن تعاد تلك الأراضي إلي أصحابها الحقيقيين ولابد من عودة النازحين واللاجئين إلي مناطقهم الأصلية وبطوعهم وإرغام كل من أعتدى على ارض الغير على التخلي عنها. ? انت تريد ان تقول ان مثل هذه الامور غير مرعية الان في عملية سلام دارفور، ولكن الحقيقة ان المفاوضات لمستها كثيرا، وان لم تتوصل الى قطعيات فيها؟ - الامور لا تمضي في الاتجاه الصحيح ... واقول عموما يجب أن لا يخشى أي من كان من وحدة أهل دارفور، فبالنسبة للوطن فهي قوة له ولتوحيده، وللشمال عصمة من التفكك والتهتك والاضطراب وللدين نصرة، وللجنوب ضمان لسودان موحد تصان فيه حقوق وكرامة الجميع ويعتز كل فرد فيه بسودانيته ويتساوى فيه الجميع سياسياً ومدنياً وقانونياً ووطنياً واقعاً وليس نظرياً ويتوحد وجدانياً. ? مهما فعلت لا تستطيع ان تتجاوز سقف نيفاشا، وعليه تظل بعض المطالب معلقة مهما بلغت من المشروعية؟ - مهما يكن فان من مصلحة الوطن والسلام والوحدة أعتقد أن المفاوض الحكومي عليه أن ينظر إلى هذه المصلحة ويقدم كل ما هو ممكن وغير مضر بمصالح البلاد العليا ويعطي عن طيب خاطر لأنه يملك ويعطي من يستحق، فإذا كان المخرج من هذا المأزق يتمثل في زيادة التعويضات وإقليم واحد مع بقاء الولايات القائمة أو حتى زيادتها، وعدل في وجود أبناء دارفور الأكفاء بنسبة السكان في الخدمة العامة والمدنية، وبعض مشاريع التنمية والبنيات الأساسية فلا أرى أن هنالك سبباً يحول دون الاستجابة. ? مع من يتم تحقيق هذه المطالب في ظل التشرذم وسط الحركات، وتباعدها من يوم لاخر؟ - وبالنسبة للحركات لا نريد مطالب أهل دارفور المشروعة أن تتحول إلى مجرد وظائف في السلطة العليا يتقلدها أفراد من هنا وهنالك، ولا مواقف متعنتة استقواءً بدعم دولي أو إقليمي وأن يراعوا مصلحة البلاد العليا، ويعلموا أننا إذا أطلنا الحرب وحصلنا على كل شيء فكيف ومتى نجفف بحار الدماء والدموع التي خضناها لنبني مجتمعاً واحداً متعايشاً. لكي تسلك الحركات الطريق الصحيح والمؤدي إلى سلام مقنع لابد أن يقابل تعدد الحركات بإجماع قوى من مكونات دارفور بالداخل ، هذا الإجماع يتطلب وحدة أبناء دارفور. ? الحكومة تبدو مستعدة للمفاوضات، فهل تلمس وسط تعقيدات المشكلة في دارفور ووسط تفتت الحركات ان هناك سبباً للحل؟ - الآن المسرح مضطرب والكل يحاول جهده للوصول إلى تحقيق السلام والاستقرار، ونسبة لتشتت وتفرق الحركات، ونسبة لاختلاف وجهات النظر حول هذه الحركات بعداً أو قرباً منها، ونسبة لأنه قد تم استقطاب بصورة أو أخرى لجانب الحكومة أو الحركات، - وفي تقديري أن معظم أهل دارفور الآن لا يميلون لهذا الطرف أو ذاك بل يريدون حلاً للمشكلة- ونسبة للشكوك واهتزاز الثقة بين الكثير من أبناء دارفور ووقوع الكثير من الأحداث المؤسفة بين بعض الأطراف، ونسبة للتباين الواضح في المواقف في مراحل الصراع في السنين الثلاث الأولى، صحيح من أهم أسس السلام هو الوصول إلى اتفاق متفاوض عليه بين الحكومة والحركات، ولكن الاتفاق بين الحكومة والحركات ليس بكافٍ لنحصل على سلام واستقرار فلابد من أن تقع شراكة بين مكونات دارفور بالداخل والخارج من غير حملة السلاح والحركات في صنع مادة الاتفاق والسير بالإقليم إلي بر الأمان. الحلقة الثانية

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.