جدد مولانا محمد بشارة دوسة مسجل شؤون الأحزاب السياسية دعوته للأحزاب كافة بضرورة التواثق على ميثاق شرف إنتخابي، ولتحقيق هذه الغاية أكد أنه بصدد دعوة الأحزاب السياسية في ما يلي من الشهر لمعرفة موقفها من هذه الإطروحة. دوسة أكد ل (الرأي العام) أهمية الذهاب الى صندوق الإقتراع في ابريل والجميع يستظل بمظلة ميثاق شرف للحيلولة دون وقوع أحداث كارثية عقب إعلان النتيجة وأوضح أنهم أعطوا الأحزاب فرصة لتدرس المقترح وتقديم ملاحظاتها كيما يتم تضمينها في الميثاق. ويبدو مولانا دوسة مهموماً أكثر من غيره باجتياز الإنتخابات المقبلة بنجاح وهو ما ظل ينادي به في كل منبر يصعد عليه، فقد دعا نهايات السنة المنصرمة الأحزاب السياسية المنضوية تحت مجلسه بقاعة الصداقة الى التوقيع على ميثاق يجنب الإنتخابات المقبلة كل ما من شأنه إثارة العنف. ودعا في هذا الصدد الأجهزة الأمنية لنشر تقارير تؤكد جاهزيتها لحماية الإنتخابات كبحاً للمخاوف التي تأتي من تجربة الجارة الكينية أو تلك العابرة للقارات في السيناريو الإيراني. أهم ما تحمله مواثيق الشرف عادة محاربة الأساليب الفاسدة بمختلف أشكالها نحو: الرشاوى، وإنتحال الشخصية، وتجيير مصالح الدولة لصالح جهة محددة، وإشانة السمعة بين الفرقاء السياسيين، واستخدام الخطاب العنصري، والإرتهان لقوى أجنبية، فضلاً عن إشعال شرارة العنف حال الشعور بالخسارة. غير أن دعوة دوسة التي أطلقها في الفضاء السياسي بكل عفوية قابلتها بعض الأحزاب السياسية بكثير من التشكيك والريبة، وكان مبعث تلك الشكوك؛ مدى قبول المؤتمر الوطني لمبادرة مسجل الأحزاب. ورحب مهندس الإنتخابات في الحزب الشيوعي صديق يوسف بالخطوة وأكد جاهزية احزاب المعارضة المتمترسة خلف (إعلان جوبا) التوقيع على الميثاق المقترح مشدداً في ذات الوقت على أن أحزاب القوى الوطنية متواثقة على رؤية واضحة تجاه حماية الإنتخابات من الخروقات بمختلف أنواعها. غير أن مسؤول الإنتخابات بالشيوعي أرسل للفضاء السياسي سؤالاً عن مدى جدوى ميثاق الشرف الإنتخابي في ظل غياب المؤتمر الوطني المالك لأدوات العنف على طاولات التفاوض، ورجع يوسف بالذاكرة لما أسماه موقف الوطني من التحول الديمقراطي من خلال رفضه مبدأ الحوار وتلبية الدعوة لمؤتمر جوبا فضلاً عن مسلكه العنيف في فض مسيرات قوى الإجماع السلمية نهايات السنة المنصرمة والمنادية بإجازة قوانين التحول الديمقراطي. وظلت القوى المعارضة، متمسكة باسمها وهي تعارض خطوات العملية الإنتخابية برمتها عبر السير في الإتجاه المعاكس، فرفضت إبتداءً نتائج الإحصاء السكاني وبالتالي ما نتج عنه من مخرجات على رأسها تقسيم وتوزيع الدوائر الجغرافية، والقوى المعارضة في إنكارها نتائج تقسيم وتوزيع الدوائر أضافت طعوناً عديدة في خاصرة المفوضية، ومن ثم فإن مرحلة السجل الإنتخابي شهدت جدلاً كثيفاً ولتغرز خناجر جديدة في جسد المفوضية التي كانت آخر النصال التي أدمته الإعتراضات الشديدة على شروط المفوضية لمرحلة الترشيح، هذا من دون أن ننسى الطعون التي ظهرت هنا وهناك بالتشكيك في قومية المفوضية ذاتها. لكن يوسف القيادي بقوى الإجماع الوطني رفض الربط بين الميثاق وإعتراضاتهم العديدة حول سير العملية وشدد أن التحالف مجمع على قيام إنتخابات حرة ونزيهة ومعافاة وذلك بغض النظر عن خوضهم غمارها من عدمه. وفي الضفة المقابلة أيد قيادي بالمؤتمر الوطني - فضل حجب اسمه- مبادرة مولانا دوسة ووصفها بالوطنية وقال ل (الرأي العام) إنه وفي ظل وجود أحزاب ترتهن بصورة كاملة لقوى أجنبية، وتختصر برنامجها في إزالة النظام القائم ولو أدى ذلك لتفتيت البلاد الى مزع عديدة، فإنه من المهم التواثق على ميثاق للشرف ولكنه أضاف وبلهجة متشائمة: قوى المعارضة لن تلتزم بأية مواثيق للشرف في طريق دعوتها لإسقاط الوطني الذي ثبت وباليقين القاطع إكتساحه للإنتخابات المقبلة، ولم يستبعد أن تعلن أحزاب المعارضة مقاطعة الإنتخابات المقبلة بدعاوى التزوير حتى قبل ميقات التصويت، ودعا الأجهزة الأمنية للإضطلاع بدورها في حماية العملية الإنتخابية من وسائل المعارضة التي وصفها ب (الملتوية). وفي سياق متصل، سار د. صلاح الدومة أستاذ العلوم السياسية في منحى مغاير تماماً بالطعن في مبادرة مسجل شؤون الأحزاب، وعزا طعنه لعدم إستقلالية الجهة الداعية وقال ل (الرأي العام) المفوضية جهة تتبع حكومة السودان وأضاف: سيكون من المقبول لو كانت المبادرة من جهات حزبية. ومهما يكن من أمر، فإن الإنتخابات التعددية السابقة لم تشهد أية حالات عنف ورسيت سفينتها برصيف أحد الأحزاب دونما محاولات إغراق وهو ما يرجوه الجميع لإنتخابات أبريل سواء تم ذلك بالتراضي أو عبر ميثاق شرف إنتخابي.