القوى السياسية الرئيسية أكدت أهمية العلاقة السودانية المصرية، والرئيس عمر البشير عقب توقيع اتفاقيات الحريات الأربع شكل لجنة وزارية عليا لوضع وتنفيذ سياسات وبرامج التكامل، وعبر عن تطلعه لعلاقة سقفها قيام الوحدة بين السودان ومصر. ورئيس حزب الأمة، ورئيس الوزراء السابق السيد الصادق المهدي الذي الغت حكومته (1986م - 1989م) التكامل السوداني - المصري وكافة اجهزته ومع ذلك وجد الترحيب من جانب مصر كلاجئ لديها وجاء قوله في ندوة مع مفكري مصر في «الاهرام» العريقة في العام 1998م بضرورة وجود علاقة استراتيجية ثنائية راسخة بين السودان ومصر لضمان الاستقرار والتأمين لكليهما. ولكن تبقى المسؤولية الحقيقية في تجسير وقيام اتحاد شطري وادي النيل على عاتق تيار الحركة الوطنية الذي رفع شعار «وحدة وادي النيل» في العشرينيات 1924م وناهضت القوى الوطنية به الاستعمار وقاطعت مؤسساته واجهزته من الاربعينيات وإلى ان اجبرته على حمل عصاه على كاهله والجلاء في اغسطس 1955م. ان الحزب الاتحادي الديمقراطي هو المعنى الأول بالاضطلاع بهذه المهمة الوطنية القومية، لقد قاد النضال ضد الاستعمار بجسارة وضراوة، ونادى بالوحدة العربية في العام 1950م في الخرطوم أي قبل ان تنطلق من القاهرة بعد ثورة 23 يوليو 1952م وقبل دمشق، وبغداد، وبيروت ودفع تيار الحركة الوطنية الاتحادي ثمن مطلب الوحدة مع مصر بتضحيات جسيمة وكبيرة لتكون نشيدا واغنية في كل بيت ولدى كل اسرة في السودان. وما هو المطلوب الآن من الحزب الاتحادي الديمقراطي في هذه المرحلة الدقيقة والحاسمة من تاريخ الوطن؟ ان الاحداث والتطورات المتلاحقة التي عاشها وعانى منها الوطن اظهرت صلابة وحنكة وحكمة الاتحاديين تجاه القضايا والتحولات كافة وأنه مدرك للاولويات الوطنية وعلى لسان رئيسه السيد محمد عثمان الميرغني 21/5/2005م ان الاولوية الآن تتمثل في درء المخاطر عن الوطن وتحقيق الحل السياسي الشامل واحلال السلام العادل والتحول الديمقراطي وتحقيق الحياة الكريمة للانسان السوداني ثم يأتي بعد ذلك الشأن الحزبي، وفي هذا الاطار فان جماهير الحزب الاتحادي الديمقراطي موحدة ومتماسكة وتتسع قاعدتها وتنظيماتها في انحاء الوطن كافة، وهي مدركة بحكم ارثها ومسؤولياتها لأهمية دورها والتصدي لواجباتها ومتمسكة بمبادئها بمقررات المرجعية في القاهرة مما يعكس وعيها وحسها السياسي والوطني العالي والمتقدم، وفي ذات الوقت فإن ابواب الحزب الاتحادي الديمقراطي مفتوحة لكل الوطنيين ولا تعزل احداً يريد ان يسهم ويشارك في الحركة الاتحادية والنضال، ولا التفات لما دون ذلك اطلاقاً!! إن المشهد السياسي الماثل يظهر بوضوح واستناداً إلى اتفاقية السلام الشامل في السودان ان اجراء الانتخابات العامة وهي الاكثر أهمية على مدى خمسين سنة ستكون في نهاية العام الحالي 2008م، وان الحزب الاتحادي الديمقراطي ودوره وريادته تعتبر الأهم والاكبر على مستوى الحفاظ على سيادة ووحدة الوطن والتصدي للمهددات والمخاطر الخارجية وهو يحمل الاشواق المتجددة لوحدة شطري وادي النيل، وبمقدوره وبارادته وتصميمه وبجماهيره العريضة وقيادته الحكيمة برئاسة السيد محمد عثمان الميرغني خوض هذه الانتخابات المهمة بوعي وجسارة ووطنية مثلما فعل في نوفمبر 1953م عندما توحدت روافده في الحزب الوطني الاتحادي، واقتحم الانتخابات العامة بقوة وكانت باشراف لجنة دولية محايدة على رأسها قاضٍ وخبير هندي، ورفع الاتحاديون شعار الوحدة بين شطري وادي النيل، وكان سيادة مولانا علي الميرغني مرشد طريقة الختمية الصوفية وراعي الحركة الوطنية الاتحادية هو المهندس الفذ الذي امسك بكافة خيوط العملية الانتخابية في جميع الدوائر الانتخابية بالسودان التي اسفرت نتائجها عن الفوز بالاغلبية في اول برلمان منتخب بالسودان، وشكل الاتحاديون أول حكومة وطنية، وشكك خصومه (حزب الامة والجبهة المعادية للاستعمار) في نزاهة الانتخابات، ولكن الادارة البريطانية نصحت بعدم التمادي في التشكيك، لأن الانتخابات اجريت بحيدة ونزاهة رغم انهم حاولوا بوسائل متعددة مساعدة حلفائهم ولم يفلحوا. ان طبيعة الفترة الزمنية لاجراء الانتخابات باتت قصيرة مما يستوجب التركيز على القاعدة الاتحادية العريضة التي اثبتت جدارتها وقدرتها في مجابهة التحديات، فعلت ذلك في نوفمبر 1953م، ونفذته في نوفمبر 1967م وحقق الاتحادي الديمقراطي الاغلبية البرلمانية، وحتى في ابريل 1986م، وقد تعرض الاتحاديون إلى كافة الضغوط من جانب الحكم الشمولي لتشتيت شملهم واضعافهم ومع ذلك فإنه نال في صناديق الاقتراع ما يقرب من خمسة ملايين صوت، وحزب الأمة ما يقرب من اربعة ملايين صوت والجبهة الاسلامية اقل من مليون صوت. ان عودة رئيس حزب الاتحادي الديمقراطي وراعي طريقة الختمية الصوفية السيد محمد عثمان الميرغني للوطن بقيادته وحنكته والاجماع على قيادته وتمكينه من الامساك بخيوط المعركة الانتخابية مثلما فعل والده مولانا السيد علي الميرغني في العام 1953م والعام 1967م، وكما فعل هو في ظروف غير مواتية في العام 1986م ومع ذلك نال الاتحادي الديمقراطي اغلبية الاصوات «5 ملايين صوت» لخوض انتخابات ديسمبر 2008م التي تعتبر الأهم والفاصلة بالنسبة للسودان، وبذات المباديء في سيادة الوطن ووحدته ووحدة السودان ومصر كضمانة لاستقرار شطري وادي النيل وارساء النظام الديمقراطي التعددي، واشاعة السلام وتحقيق التطلعات المشروعة لانسان شطري وادي النيل، مسؤولية القيادة التاريخية والجماهير الاتحادية وضع الاسبقية نصب الاعين، أي الوطن وتحقيق اهدافه العليا بالعمل الدؤوب لتحقيق الاغلبية البرلمانية وعبر التمسك بالمباديء وشعار وحدة شطري وادي النيل.