هذه ابجديات، ولكنها تستحق التذكير، وهو وجوب الحفاظ على معالم ورموز وارث الوطن حرصاً على البقاء من جانب والاستمرارية من جانب آخر، والاحزاب الوطنية التاريخية التي شاركت في الانتخابات العامة او قاطعتها تمثل رمزية مهمة في المسيرة والفكر والعقل السوداني، لقد اسهمت بايجابية وبدور فاعل في الحياة السودانية، وقد سجل استاذنا الكبير اسماعيل العتباني في شهادته للتاريخ لسيادة السيد علي الميرغني راعي طريقة الختمية الصوفية وراعي الحركة الوطنية وللسيد عبد الرحمن المهدي راعي طائفة الانصار وحزب الأمة انهما برمزية ما يمثلونه حافظوا على الهوية السودانية العربية الاسلامية وعلى وحدة السودان، وانهما في كل الظروف والتقلبات كانا معاً سندا للسودان ولوحدته ولصد الاطماع عنه، وانه كان رئىساً لتحرير جريدة النيل، الأولى يملكها السيد علي الميرغني والثانية ناشرها السيد عبد الرحمن المهدي ومع ذلك فإنهما لم يتنصلا ابدا لا بالكلمة ولا بالاشارة في ان يقوما بدورهما في التعبير عن مؤتمر الخريجين وقيادته الحركة الوطنية ومناهضته للاستعمار، ويأتي القفز والالتفات إلى الانتخابات العامة الأخيرة ابريل 2010، رئاسية وتنفيذية وتشريعية، وخاضها الحزب الاتحادي الديمقراطي وقاطعها حزب الأمة ولكل تيار حساباته في المشاركة وفي المقاطعة، فلم يكن معقولاً من جانب الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي عارض الانظمة الشمولية والعسكرية منذ العام 1958 وحتى عام 1989، وثابتاً ومشدداً على النظام الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة عبر صندوق الاقتراع ان يقاطع اول انتخابات عامة تفصل بين مرحلة ومرحلة وتدعم خيار الديمقراطية، وظل يخوضها -أي الانتخابات- في كل مرحلة بتجرد وقوة وجسارة، فعلها في اول انتخابات عامة في نوفمبر 3591م، ورغم وجود الادارة البريطانية التي طاردت قياداته واودعتهم السجون او المنافي، فإنه استطاع ان يحقق الاغلبية البرلمانية ضد خصمه حزب الأمة لأول برلمان منتخب ونال «25» مقعداً ومنافسه «22» مقعداً، وشكل أول حكومة وطنية برئاسة إسماعيل الأزهري التي نفذت اتفاقية الحكم الذاتي وتقرير المصير واعلنت السيادة والاستقلال من داخل البرلمان وعوضاً عن وحدة وادي النيل «السودان ومصر» لان الحزب الاتحادي جعل وحدة الشمال مع الجنوب في سودان واحد غالبة على وحدة شطري وادي النيل ورغم أنه نال الاغلبية بالدعوة لوحدة وادي النيل.