في العشرين من يناير الحالي يصبح الرئيس «باراك حسين أوباما» قد أكمل عامه الأول في البيت الأبيض وإذا استرجعنا الذاكرة قليلاً الى الوراء أي الى ما قبل الرابع من نوفمبر من العام 2009م تاريخ إجراء الإنتخابات العامة الأمريكية يمكننا أن نتذكر أن «المحامي» آنذاك و«الرئيس» الآن كان قد وعد الشعب الأمريكي أن قضية الاقتصاد ستكون همه الأول ولها الأولوية القصوى في حالة فوزه، وبهذا الالتزام الصريح كان الرئيس قد ألزم نفسه مباشرة بالتصدي لتداعيات المشكلة من ركود وتراجع حاد في النمو تسبب في خسائر بالغة للبنوك والشركات الأمريكية الكبرى كان من نتائجه إرتفاع عدد العاطلين عن العمل بعد أن تم تسريحهم بواسطة هذه البنوك والشركات، الأمر الذي ادى الى إرتفاع معدل البطالة الى «15%» وهو رقم لم تشهده أمريكا منذ العام 1929م. هذا بإختصار شديد هو حال الاقتصاد الأمريكي عندما دخل باراك أوباما الى البيت الأبيض عشية يوم «20 يناير 2009م» اي قبل سنة من الآن، فماذا فعل مباشرة حيال ذلك الموقف المتدهور؟ أول قرار كان قد اتخذه الرئىس هو اختياره لفريق إقتصادي شهدت له أمريكا بالتأهيل العالي وبالخبرة الكبيرة في مجال الاقتصاد وإدارة النظام المالي خاصة وعلى رأس الفريق «بن برنانكي» و«تيموثي قارنر» المشهود لهما بالخبرة الطويلة في العمل في القطاع الاقتصادي الأمريكي، وقد عهد اليهما الرئيس بقيادة الفريق والعمل في شكل جهود جماعية (Team Effort) لإخراج أمريكا من ورطة الأزمة المالية ووضع الاقتصاد الأمريكي مرة اخرى في المسار الصحيح الذي يعيد له نموه الطبيعي السابق على أن يكون الهدف النهائي هو تحويل المواطن الأمريكي من مواطن مقترض ومستهلك الى مواطن ينتج ويدخر، وتحويل الاقتصاد الأمريكي من اقتصاد يعتمد على المتاجرة بالديون والإقراض الى إقتصاد يعتمد على الصادرات والإنتاج والاستثمار في الطاقة المتجددة. أما القرار الثاني للرئيس بعد التشاور مع فريقه الاقتصادي كان ضخ ما قيمته «77» ملياراً من الدولارات في جسم الاقتصاد لإنتشال عدد من البنوك والشركات الأمريكية التي كانت على حافة الإفلاس آنذاك، ثم إتخاذ خطوة اخرى اتخذها الرئيس عبر مدير البنك الفيدرالي الأمريكي «بن برنانكي» بإصدار توجيهات صارمة للبنوك والشركات ولإداراتها العليا لمعالجة مشكلة الحوافز والعلاوات التي كانت تُمنح وبمبالغ خيالية لكبار الموظفين دون مراعاة للموقف المالي لتلكم البنوك أو الشركات التي كانت تعاني من التعثر ومخاطر الإفلاس. هذه الخطوة كانت قد جلبت أول معارضة لبرنامج أوباما الإصلاحي حيث سعت بعض الشركات الكبرى لمواجهة الرئىس حفاظاً على مصالحها ومصالح إداراتها خاصة وأن كبرى هذه الشركات ما زالت تتبع للحزب الجمهوري المعارض. لكن الشعب الأمريكي كان في كل شهر يمر من حكم أوباما لا يهمه المعارضين لنظام الإصلاح بقدر ما يهمه هل نجح الرئيس الجديد ولو تدريجياً في تحقيق ما وعد به من خلق وظائف جديدة وإعادتهم الى العمل مرة اخرى أم لم ينجح؟ الإجابة للأسف «لا»، فقد كشف آخر تقرير صدر من وزارة الخزانة الأمريكية في شهر نوفمبر الماضي ان الاقتصاد الأمريكي آخذ في التحسن وقد بلغ النمو «3.5%» إلا أن كابوس العطالة ما زال موجوداً وأن «82%» من الأمريكيين يرون أن الركود لا يزال قوياً وأن الطريق ما زال طويلاً للخروج من الأزمة. وهي بشائر غير سارة للشعب الأمريكي الذي بلغت نسبة عطالته «10.2%» وبشارة غير سارة للحكومة الأمريكية التي ظلت تدفع إعانات بطالة لحوالى «15» مليون امريكي حتى اكتوبر الماضي. هذا الإخفاق الداخلي لازمه إخفاق خارجي حيث أدى هبوط الدولار كعملة عالمية الى خسارة أمريكا أمام شركاءها الآخرين وخاصة أمام الصين والهند ودول آسيا عموماً. وحسب المعلومات التي رشحت من المراقبين الاقتصاديين أن جولة الرئىس في آسيا إبان حضور قمة تجمع آسيا ودول المحيط الهادي (ASIAN) جاء منها خالي الوفاض ولم يحصل على أي تنازلات من الآسيويين ولا حتى من الصينيين عندما عرج لزيارة بكين. فالصينيون رفضوا رفضاً باتاً «تعويم» عملتهم اليوان كما رفضوا تقديم أي تنازلات بشأن الصادرات والواردات بين البلدين وبذلك يكون الرئىس قد فشل في تحويل الميزان التجاري لصالح أمريكا ويبقى كما هو في عهد بوش السابق. إن الحصاد الإقتصادي لسنة كاملة من حكم أوباما لم يحمل بشريات ملموسة للشعب الأمريكي، وهذا ما انعكس في نتائج الاستطلاع الذي أجراه معهد «غالوب» في نوفمبر الماضي حيث كشف الاستطلاع ان شعبية الرئىس تدنت من «60%» الى «49%» أي بنسبة «11%»، عندما أعلن المواطنون الأمريكيون عدم رضاهم عن أداء الرئيس وفريقه في الاقتصاد وفي قضايا سياسية أخرى.