شهد العالم الاسلامي هذه الايام توتراً طائفياً بين المسلمين والمسيحيين ففي نيجيريا يموت المئات في احداث العنف الطائفي كان آخرها احداث مدينة جوس التي قتل فيها أكثر من ثلاثمائة شخص وفي الصعيد المصري تتكرر احداث العنف بين المسلمين والاقليات من السكان.. وفي ماليزيا تثير قضية استخدام كلمة «الله» احداث العنف المتبادل بين الطائفتين، وحق للمراقب ان يتساءل من هو المسئول عن إثارة هذا التوتر؟ بالامس القريب تناقلت وكالات الانباء خبراً نقلته (الديلي ميل) البريطانية ووكالة (AFP) يفيد بأن جماعة تسمى جماعة حرية الاديان بالجيش الامريكي احتجت على استخدام الجيشين الامريكي والبريطاني في افغانستان والعراق بنادق آلية صنعتها (شركة بريجيكون) التي أسسها مسيحي خصيصاً لهذا الغرض وبناءً على طلب الادارتين تحتوي شارات من الانجيل كشارة jn8:12 والتي تشير الى الآية (12) من الاصحاح الثامن في انجيل يوحنا والشارة cor 4:6 والتي تشير الى الآية (6) من الاصحاح الرابع من العهد الجديد. ليس المستنكر هو استخدام الشارات الدينية المسيحية في الاسلحة لأن المسلمين انفسهم يستخدمون هذه الشارات اذ ان لديهم دبابة تحمل اسم (صلاح الدين) القائد المسلم الذي هزم جيوش الصليبيين ولايران صاروخ يسمى (طارق) وهو اسم القائد المسلم الذي فتح الاندلس ودخلت جيوشه الى اوروبا وأخرى وأخرى تحمل اسم سجيل وابابيل وعاشوراء والكوثر، ولكن المستنكر هو ان تسمح الكنيسة والمسيحيون للادارتين الامريكية والبريطانية باستغلال الدين المسيحي والكتاب المقدس في هذه الحرب القذرة ضد المسلمين والتي ليس لها مبرر اخلاقي وان يسمح المسيحيون لانفسهم ان يكونوا ادوات لزعزعة استقرار اوطانهم وذرائع للتدخل الاجنبي فيها. سبق ايضاً للرئيس الامريكي بوش ان قال ان الحرب التي يخوضها ضد ما يسمى بالارهاب حرباً صليبية ونقلت وكالات الانباء ان وزير الدفاع الامريكي السابق رامسفيلد يزين تقاريره العسكرية بأغلفة تحوي شارات من الانجيل. واستغلال الحكومات الاوروبية للديانة المسيحية معروف منذ الحروب الصليبية وقد دخل نابليون مصر وقتل العلماء واساء الى المصحف الشريف والازهر بدعوى الانتصار للاقليات المسيحية، ودخل كتشنر باشا الى الخرطوم وقتل الآلاف ونبش قبر الامام المهدي واخرج الجثمان واجتز رأسه وطوح ببقية الجسد في النيل وسمى ذلك المؤرخ البريطاني الآن مورهيد الانتصار المسيحي، وتدخل الجيوش الاوروبية والامريكية الى دول العالم الاسلامي وهي تحمل على ظهر دباباتها ومتن طائراتها العسكرية بعثات التبشير الكنسي وتحول السكان الى نازحين ولاجئين لتأتي المنظمات المسيحية لتوزع عليهم الطعام والشراب والانجيل. وتسمح الكنيسة لليمين المتطرف في أوروبا والولايات المتحدةالامريكية ان يستخدم الديانة المسيحية في حربه الجائرة والعنصرية على المسلمين في اوروبا مع ان العقلاء من المسيحيين يقولون ان انتشار الاسلام في اوروبا يعتبر انتصاراً للايمان والقيم الدينية مطلقاً تتراجع امامه القيم والمذاهب اللادينية وهي اجواء تستفيد منها الكنيسة. لا ينكر احد حق الاقليات المسيحية في ان تطالب بحقوقها بالطرق السلمية والديمقراطية وليست هذه الاقليات مضطرة لأن تستقوى بالاجنبي اوترتمي في وحل العمالة الآسن فقد طلبت اوروبا من المسلمين ما اسمته «اسلاماً اوروبياً» تقوده مجالس وجمعيات ومؤسسات اوروبية لا يرتبط بالاجنبي في العالم الاسلامي ورضى المسلمون بذلك وهم فخورون بأنهم مواطنون اوروبيون وامريكيون يطالبون بحقوقهم مستخدمين الآليات التي يسمح بها قانون اوطانهم الجديدة فلماذا لا تحذو الكنائس في العالم الاسلامي حذوهم وانصارها مواطنون اصليون في العالم الاسلامي وموطن كنيستهم الاصلي هناك ايضاً. على المسيحيين والمسلمين ان يعلموا ان الذي يدور في العالم اليوم ليس صراعاً بين اوروبا والولايات المتحدةالامريكية من جانب والمسلمين من جانب آخر بل هو عدوان سافر من الطرف الاوروبي الامريكي. وانه ليس صراعاً بين المسيحية والاسلام كما يحاول العلمانيون تصويره وبالتالي جر الطائفتين الى الصراع وتسويق مقولة ان الدولة الدينية لا تستوعب المتدينين دعك من التنوع الكبير في الاوطان والشعوب وبالتالي فان حل أزمة العالم الحالية لا يكمن في ادارة الحوار الاسلامي - المسيحي رغم أهميته كما يحاول هؤلاء ان يلقوا في روع المتدينين وان الحقائق التاريخية تقول ان النظام العالمي الجديد يسعى الى تفكيك القيم والانساق الاجتماعية والشعوب والاوطان واعادة هيكلتها لصالح حضارته وثقافته المادية وليبسط على العالم سيطرته السياسية والاقتصادية والعسكرية وليس في النظام الجديد مكان للاديان والقيم الانسانية والتفكير في مستقبل الكرة الارضية والاجيال القادمة. ومن المؤكد ايضاً ان البحث في اصول الحضارة الغربية المادية لا يقودنا الى المسيحية وانما يقودنا الى الحضارة الرومانية الوثنية رغم تشبث القادة الاوروبيون بالكنيسة ودغدغتهم على عواطف المسيحيين، ومن المؤكد ايضاً ان المسيحيين ليسوا على موقف واحد من هذه القضايا فهناك كنائس في المنطقة العربية وفي افريقيا لها مواقف وطنية ولا تشارك الكنائس الاوروبية هذه المواقف . وهذه حقيقة ينبغي ان يدركها المسلمون وهم يؤسسون لمواقفهم السياسية من المسيحيين لان القرآن يعلمنا انهم (ليسوا سواءً) وان هذا الامر تقوم به (طائفة )منهم و(فريق) من الذين يلوون ألسنتهم بالكتاب.