ثلاثة من اشهر فنادق مدينة جوبا تشهد اليوم الخميس حركة دؤوبة لاكمال ترحيل قيادات دارفور المسلحة المتواجدة في المدينة منذ شهرين لمناطقهم.. في الوقت الذي توقع ان يصلها الشيخ موسى هلال زعيم قبيلة المحاميد في خطوة وصفها المراقبون بالمفصلية في تاريخ الصراع بالمنطقة. ففصائل حركة تحرير السودان التي اعلنت توحدها اخيراً تحت اسم حركة تحرير السودان الموحدة مشغولة الآن باختيار قائد يتفق عليه الجميع وبالتالي ستكون قياداتها آخر من سيغادر جوبا وهذه المجموعة غير مهمومة تماما الآن بالتفاوض وهي تسعى بقوة لتوسيع مظلتها بحركة استقطاب واسعة لتواجه التيار الآخر من حركة تحرير السودان برئاسة عبد الواحد محمد نور الذي يسعى الجميع خاصة المجتمع الدولي ودول الجوار الى حمله للجلوس مع الآخرين والمشاركة في ترتيب المفاوضات القادمة، ويتوقع المراقبون ان تنحاز المجموعة لاحد خيارين مطروحين امامها حول الوحدة والهيكلة، الاول يفضي الى اختيار قائد للمجموعة من الفصائل العشرة المكونة لها وحظوظ هذا الخيار اضعف من الثاني بسبب الطريقة التي تمت بها الانشقاقات. اما الاقوى فهو ان تلجأ المجموعة لاختيار قيادة جماعية فيها تمثيل لكل الفصائل المجموعة اعلاه التي كان يفترض ان تتوحد مع مجموعة المقاومة المنافسة لم تتمكنا من انجاز مهمة التوحيد او الاتفاق على حد ادنى من التنسيق ، بل ان جوبا شهدت عمليات انتقال من جهة لأخرى، فعلى سبيل المثال انقسمت مجموعتا خميس ابكر وجبهة القوى الثورية المتحدة وتوزعنا على المجموعتين الرئيسيتين . ورغم مرور شهرين على لقاءات جوبا مازال التباعد في موقف المجموعتين من مكان وموعد التفاوض مع الحكومة هو سيد الموقف، فقد طلبت الحركة الموحدة في مذكرة رسمية من الاممالمتحدة نقل مكان التفاوض من الجماهيرية واقترحت بدلاً من ذلك دول سويسرا وهولندا وجنوب افريقيا ورواندا. اما الجبهة المتحدة للمقاومة وهي تمثل المجموعات التي شاركت في مفاوضات سرت طلبت من الاممالمتحدة العودة للميدان لمزيد من التشاور مع القيادات الميدانية واكدت استعدادها للعودة مرة أخرى للتفاوض وقالت انها ستشارك بوفد واحد . الظهور اللافت للمجموعات العربية بمدينة جوبا يعكس مدى التحول الكبير الذي حدث في العلاقة ما بين العرب وغير العرب في اطار مشكلة دارفور.. ولقد شهدت «الرأي العام» خلال خمسة أيام بمدينة جوبا سباقا محموما لكل الفصائل الموجودة هناك لضم عرب وصفوا بأنهم ساخطون على الحكومة التي تعاملوا معها لفترات طويلة على رأسهم القائد الميداني العربي الاصل حمدان الشهير ب «حميدتي» وعدد آخر من القيادات العربية التي بدأت في معارضة علنية ضد الحكومة وتلعب العلاقات القبلية والمصالح المشتركة دورا كبيرا في هذه الاتصالات، ولعل وصول الشيخ موسى هلال الى جوبا رغم الغموض الذي اكتنفه تنصب في ذات الاطار خاصة بعد ترحيب الناطق المكلف باسم حركة تحرير السودان عصام الدين الحاج بالخطوة مما يعني عدم ممانعتهم للقائه ومشاركة هلال التي رتبتها الاممالمتحدة والحركة الشعبية تأتي في اطار مساعٍ لوساطة لإشراك كافة اطراف الصراع في دارفور خاصة العناصر العربية واللاجئين والنازحين .. ولاحظ المراقبون أن عدداً من الحركات المسلحة رفضت فكرة الوحدة والتنسيق جملة وتفصيلا فغادرت مجموعة قيادات الوحدة المدينة الى نيروبي بعد ان يئست من مماطلة الاممالمتحدة في ترحيلهم الى الميدان حسب طلبهم في اشارة واضحة لرفضهم ما تم، وهذا الجناح يتكون من القيادات الميدانية التي انسلخت من مناوي بعد اتفاق ابوجا وقالت على لسان محمد ابراهيم القدال ان الوحدة لابد ان تتم في الميدان ليعرف كل فصيل حجمه ونعرف نحن وزن الآخرين، واضاف ل «الرأي العام» إننا لن نعترف بأي حل قادم لا يشمل كردفان. ويقول المراقبون إن هذه المجموعة تعد الآن من اكبر المجموعات في الميدان وهي التي قادت المعارك الاخيرة حول مناطق البترول بالتنسيق مع حركة العدل والمساواة وتضم بعض القيادات من كردفان. الجبهة الشعبية برئاسة المهندس صديق عبد الرحمن اندر الرافضة للتوحد قالت انها ترفض الوحدة التي تسعى اليها الحركات من اجل التفاوض، وهذه الجبهة تربطها صلات قوية بعدد من القيادات الميدانية المؤثرة وهي بدأت وفق مراقبين في تشكيل خطر حقيقي على الارض بعد تبنيها لعدد من العمليات العسكرية في المنطقة وهي حسب مصادر قريبة تسعى لعمل عسكري معارض كبير أبعد من حل قضية دارفور مع الحكومة.. واعتبر المراقبون ما تم في جوبا دون طموح الوساطة والحركة الشعبية التي سعت بقوة لاختراق كبير في ملف قضية دارفور.