أنت مثقف و«مقرم» و«واقع» من السماء سبع مرات..بل مائة مرة، فهل أنت مستعد لخطوة التصويت في الانتخابات؟.. هذه الانتخابات المثيرة للجدل وحروب البسوس بين أطرافها؟ حين تكمل، في يوم التصويت اجراءات اثبات الهوية، وتمنح البطاقات لوضعها في المكان المناسب وفقاً لخياراتك، وتجد نفسك أمام غابة من صناديق الاقتراع وحشد من البطاقات:«3» صناديق و«8» بطاقات للعملية الانتخابية في الشمال، و«4» صناديق و«12» بطاقة في الجنوب. وتجد نفسك أمام رموز «21» مرشحاً للرئاسة، وحشد من رموز الولاة، أمام بطاقة تحمل رموز نحو«76» مرشحاً للدوائر الجغرافية القومية، وذات العدد ربما لقوائم المرأة ، وعليك أن تتعامل بذات الكيفية مع مستوى اختيار المجلس التشريعي الولائي .. وأنت خلف الستارة وأنت داخل مركزك الانتخابي وأمام كل هذه الهيلمانة الانتخابية فهل أنت واثق تماماً بأنك ستضع «بطاقاتك» في المكان الصحيح؟ هل أنت واثق من ألا تتعرض بطاقاتك الى التلف؟ قد تتوافر لك تلك الثقة أو قد لا تتوافر. الاحتمالان حاضران على الطاولة ، مع أنك» مثقف مقرم وواقع من السماء سبع مرات بل مائة مرة «، قد تدخل خلف الستارة وبكل ثقة ومعرفة تدلي بصوتك وتخرج وأنت ملئ خياراتك الانتخابية. وقد تدخل وأنت خلف الستارة في متاهة تنتهي بك إلى فشلك الفادح في الوصول بخياراتك الى بر الأمان.. تفشل في الادلاء بصوتك. بدلا من أن تكون مشاركا في العملية، تتحول الى مخرب لها دون ان تدري، بدلا من ان تضيف لها تخصم منها. ولكن -على الأرجح- هناك احتمالاً واحداً أمامك في حال كنت من طائفة الأميين من الرجال والنساء والشباب .. ومن لا يعرفون عن العملية الانتخابية، حتى الآن، سوى هذه الخطب الرنانة التي تملأ الارض والسماء، وهذا السيل من أحاديث التكويش والتهويل. ستكون أمام عجزك الكلي عن انجاز عملية التصويت خلف الستارة. لا تعرف من أين تبدأ ولا أين تنتهي، أين هو صندوقك المفضل؟ وأين هي رموزك المفضلة في البطاقات؟ ستحيل المنطقة خلف الستارة الى فوضى انتخابية ثم تخرج. الخبراء يجمعون بأن العملية الانتخابية التي بين يدينا تعتبر الأعقد في تاريخ السودان وربما في العالم ، ويلحظ خبراء ومتخصصون في مجال التوعية الانتخابية ومن بينهم «الباقر العفيف» مدير مركز الخاتم عدلان و«شمس الدين الأمين «من تحالف منظمات المجتمع المدني لانتخابات الديمقراطية» أن هذا التعقيد تنقصه التوعية الكافية، بما يقلل من عدد البطاقات التالفة في عملية التصويت. ويلقي الخبراء مسؤولية عدم إحداث التوعية اللازمة للمواطنين حول تعقيدات العملية الانتخابية، خاصة في لحظة الخلو خلف الستارة، على مفوضية الانتخابات، يرون أن ما قاموا به ليس هو المطلوب. وأنا أقول ان المسؤولية تقع على عاتق الجميع: المفوضية والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني معا. المفوضية تعلل تقصيرها بقلة الامكانيات، أما القوى السياسية فحجتها قلة الامكانيات، وحظر الحكومة للتوعية الانتخابية واي نشاط يصب في هذا النطاق ، في وقت مبكر من مراحل العملية الانتخابية. وكان نائب رئيس الفوضية البروفسير عبدالله أحمد عبدالله رد على سؤال صحافي ماثل بالقول: ( لا أدري ما هو الكافي في نظرهم.. هذا كلام يطلقونه دون معنى.. هم لا يعلمون حتى التدريب الذي قمنا به.. نحن دربنا «105» آلاف موظف، حول كيفية ادارة المركز، ودربنا مئات الآلاف من الناخبين وحتى من بينهم ممثلون للاحزاب. ثم يأتوا ويقولون إن التدريب غير كافٍ. أريد أن أعرف ما هو العدد الكافي في نظرهم؟.. هل يريدون مني أن أدرب «16» مليون ناخب؟. هناك برامج لتدريب مدربين في الولايات ليقوموا بتدريب مدربين آخرين في المجالس، هذا البرنامج مكلف للغاية). ثم يقول: إن العملية مكلفة جدا.. ونحن مربوطون بميزانية محددة تقدر بنحو «315» مليون دولار، وما زلنا نعاني عجزا.. نحاول بكل ما نملك ان نصل بالعملية الانتخابية الى درجة مرضية تقلل من البطاقات التالفة. ويسعى بروفيسر عبدالله الى المزيد من الطمأنة حين يقول :( قمنا بعمل نموذج لمركز انتخابي في ضواحي الخرطوم، وأعطينا الناخبين «8» بطاقات إقتراع ولم تتعد البطاقات التالفة «2 او 3» من بين كل مائة. كما قمنا قبل أسبوعين باستدعاء جميع اللجان العليا الخاصة بالانتخابات في جميع الولايات ال «25» وهي لجان معينة من قبل المفوضية وانشأنا مراكز تمثيلية لتدريبهم أمام الصناديق لمدة يومين، وفي اليوم الثالث جلسنا للحوار معهم..حتى يقوموا بدورهم في تدريب آخرين في ولاياتهم). يتصور ان تكون ضواحي الخرطوم، نالت أكبر قدر من التوعية بحكم قربها من المركز، لذلك يتوقع أن ينخفض فيها عدد البطاقات التالفة، كما أشار تمثيل المفوضية، ولكن ترى كم سيكون عدد التالف من نمولي الى حلفا الى درديب، وطوكر وأم دافوق وحفرة النحاس، وآلاف من المناطق النائية، نصيبها من التدريب المذكور، صفراً كبيراً على الشمال، مع ان نصيبها من الكلام المطلوق على الهواء وافر. ليس بعيداً ان يتم الأدلاء بالصوت على طريقة «شختك بختك».