حلاوة العسل وجمال لونه.. وما فيه من شفاء داعب مخيلة المبدعين من شعراء الأغنية.. حتى في كلمات الغزل والمجاملة والمودة بين الناس كان قاسماً مشتركاً.. وذلك هو اللحو في رائعته «العسل النشفتي ريقنا» .. وعبدالعزيز المبارك في «يا عسل يا رايق مصفى».. ووردي الذي يستعد لإطلاق رائعته الجديدة «نهر العسل».. وفي أغاني «سمح وعسل انت».. الكثير الجميل من الغناء كان بطعم العسل وفيه.. وكنا جيل الماضي الثمانين أو حتى التعسيين نهتف غزالاً في وجه الحسان «يا عسل». الآن غاب «العسل» عن مفردات الغناء الجديد وتركه الشعراء باحثين عن مفردة جديدة تغازل مشاعر جيل الشبكة العنكبوتية وتفصح عن حضور جميل يجمع بين الحقيقة والخيال الذي غاب أيضاً وهو الذي كان يرسم صورة فوتغرافية للمحبوبة الجالسة بين جدران الحياء بعيدة عن الشارع. كثيرون يجمعون على ان وجود المحبوبة امام مرأى حبيبها اطاح بالخيال بالضربة القاضية.. ووضع الموضوعية امام المرآة التي ربما لا تخلو من عيوب النظر لطرفي العلاقة أحدهما الى الآخر.. لقاء على عش الزوجية.. أو فراق يعيد دموع التماسيح إلى نقطة حزن يوم واحد أو اقل بثلاث وعشرين ساعة. وآخرون يرون ان العسل الذي كان بعيداً عن متناول الغالبية تشابه مع ندرة رؤية الحبيب فاستعاض به المبدعون هذا الحرمان وجعلوه مكان الحبيبة.. ربما النظرة شفاء وهو ما يوجد في العسل.. الذي هو الآن بكثرة سوى في المحال أو في مزارع النحل المنتشرة في الكثير من المدن والمناطق الريفية.. والكثرة تفرز الاعتيادية وتبعد المفردة عن الخيال.. وهنالك من يرى ان زيادة الحلاوة في طعم العسل لا تشبه تلك المرئية في المحبوبة وان كان فذلك الذي لا يلام فيه العاشقون.. يقولون «حواء» . أو بصريح ما يردده البعض «البنات بالكوم».. فهل تعود مفردة العسل أو تجف معلقة في ذاكرة التاريخ الغنائي الذي جمع بين «نوارة الفريق» والعسل الذي «نشف» الريق.