-1- منذ أن حل الأستاذ كمال حسن بخيت الصحفي المرموق والانسان الذي يحتل ما شاء من مساحات للانسانية شعرت بحيوية دافقة وبعض مزاج لا تحققه الأخوة في مجال الدبلوماسية حتى وعوالمها المترهلة في البرودة والاختباء وراء الابتسامات مهما طال المقام معهم الا من رحم ربي حيث تجد الدفء والاخلاص والسعة والاحتمال ... وبين هؤلاء من « دفعة « قديمة آثرت ذلك الزمن الجميل وبعضهم تلاميذ على حسب العمر يقدرون هذه التراتبية... وآخرون لا هذا ولا ذاك ... أنا أتحدث عن شيعتي لا ألومهم ولا أنكرهم ولا أزكى نفسي على الله . وكمال مثلما ذكر الصديق الصحفي محمد محمد خير بركان من القلق يخاف المرء عليه من تلك الغرفة الضيقة التي لا تتسع الى فضاءات حيويته وخيالاته . وحين نجلس مع الاستاذ كمال يبدأ الحديث « معنا « عن الحالة السياسية واخبار التشكيل الوزاري وهو يدرك أننا لا نعرف أكثر منه ... ولكن انقطاعه لأيام مضت عن « دسك « الاخبار يشعره بموت بطئ ... وما ان جئته الا ويهش في وجهك وتحس باستطعام الحديث معه ...ثم يكتسب عافية وروحاً متجددة ... حتى ننسى أسباب الزيارة ... ثم تعود لندركها فتنسحب وكأنما تخرج من الخلايا الحيّة ... لتحس ببرد العالم كله يصيب تلك الاوصال . أما « القطيعة الانيقة « لا تخلو من محاولة التعرف على بعض الاسلاميين الذين لا يعرفهم جيداً الا من خلال المسؤولية العامة « فود بخيت « مثل أهل ام درمان لا يستمتع الا بمعرفة تفصيلية من شخص ما ... فالمعلومة العارضة لا تشبع نهمه « البريء « عن الشخص وأهم وقفاته والاحداث التي مرت به . ???? في عصر يوم ما كان الحديث عارضا على الاستاذ كمال عبد اللطيف الوزير المثير بتحركاته وقدرته الفذة على المتابعة ... وقد كان كمال بخيت معجباً به فحدثته عن بعض مواقف قديمة للاستاذ كمال عبد اللطيف .... و أبديت دهشتي للعلاقة التي بناها الوزير مع العديد من الشخصيات العامة والمؤسسات والانتباه لتفاصيل الحياة السودنية رغم أننا عشنا زماناً طويلاً في « عالم خاص « بعيداً عن موبقات الحياة برهقها وصعوبتها وتحدياتها وهرولتها نحو القيم المادية. حقيقة أن الاستاذ كمال عبد اللطيف « الاسلامي « الخالص تفاعل مع الحياة النازفة من موقعه التنفيذي فقدم مثالاً للمسؤول الذي يؤثر ويتأثر بفعالية بمن حوله . ولا تخلو القطيعة الانيقة من التعرض الجميل لبعض العاملين في الحقل الصحفي ... حيث ينتقل الحوار بين المواهب الخارجية مثل الطلع الزاهر الى الصحف الجديدة وموقعها في الساحة الصحفية وفي هذا الصدد نزعج الاخ ضياء الدين بلال الذي ينادية كمال بخيت « بالجنرال « ويتحدث معه بلغة يدركها ضياء الدين فيضحك ضحكته المفككة المتناثرة والمجلجلة في آن واحد . في يوم ما كنا كالعادة أنا ود. صلاح دعاك الكاتب المثقف نبعثر ببعض الحديث عن الصحافة وهو من المعجبين بضياء الدين بلال دون الآخرين ... وكما أنا التفت للغة ذات الأبعاد والرائحة والطعم والحس المرهف ... وفي تقديره أنه من أكثر الكتاب ألقاً ... وقد عيبت على ضياء حياده في الكثير من التحليلات التي تحتاج الى موقف واضح ... وهو الأعلم بذلك ... فالحياد جارح ومثلما يقولون « المحايدون يضحكون بزاوية منفرجة « ولكن كلمات ضياء نابضة بالحياة لا تقبل هذا الحياد الصارخ ... لكنها القطيعة الانيقة !!! ??? اتصل المستشار والصحفي محمد محمد خير يسألني عن صحة كمال حسن بخيت وتناثر الحديث بيننا الى أن بلغ مباحثات الدوحة التي كان شاهداً عليها ... حيث كان متفائلاً بالتوصل الى سلام في اقرب الآجال ... وكان أكثر غبطة بدكتور غازي صلاح الدين ود. أمين حسن عمر ... حيث تحدث مطولاً عن زهدهما ... وكنت اكثر استغراباً لحديثه المضمخ بالدهشة ... فهذه السمة لكليهما امر طبيعي للذي يعرفهما منذ امد بعيد حتى لا تكاد تذكر تلك الميزة ... اي حين يذكر د. غازي نتحدث عن صراحته وجديته وحسمه النفاذ و لا نكاد نذكر جهاده الباكر واستقامته الراشدة وورعه المدسوس تحت بشرته البيضاء وبدلته الانيقة من غير ربطة عنق في معظم الاوقات. أما د. أمين حسن عمر نذكر ردوده الجاهزه اللاذعة اكثر من زهده الطافح .. وموسوعيته التي تنال من كل جانب حظاً ... فأنا اعرف امين سنوات طويلة لم استشعر هذا الزهد الذي ادهش محمد خير كثيراً برغم انها صفة واضحة كالشمس ... وهكذا الاسلاميون حين تدنو منهم تدرك معدنهم جيداً. فالظاهر مع الصورة الباهتة والشائعات المقرضة تعتم الصورة الناصعة ... هكذا حين الاقتراب من الشخص تدرك الكثير من الاشراقات والانسانية. اما كمال حسن بخيت يحاول الآن ان يخطو خطوات صحيحة تؤهلة للحياة التي احبها بعد الوعكة الصحية ... فما تزوره الا تجد عنده جديدا حتى في اكثر الاوقات عتمة . ربما يسألني حتى الآن عن « أمل « وانا اجيبه بلهفة انني ما زلت انتظر مجيئها كالطلق كالصباح الجديد... على كل هذه « فضفضة « على طريقة القطيعة الانيقة ابطالها كمال حسن بخيت ومحمد محمد خير وضياء الدين بلال ... والعتبي حتى يرضوا ... لكنها بعض وصايا ضياء الدين بلال ان نكتب مرة عن مواضيع اجتماعية للخروج من السياسة والتنفس بشكل طبيعي !!!