بات تواجد القوات الغربية فى افغانستان مهددا ليس فقط بضربات القاعدة وطالبان وانما بحالة توتر متصاعدة بين القيادة العسكرية الامريكية فى افغانستان والبيت الابيض، والتى ظهرت الى العلن عندما سخر الجنرال ستانلي ماكريستال، قائد القوات الدولية في افغانستان، من نائب الرئيس الاميركي جو بايدن وقال انه شعر انه تعرض «لخيانة» من قبل السفير الاميركي في كابول، حسب ما نقلت عنه مجلة رولينغ ستون ولكن سخرية ماكريستال عجلت برحيله منتصف الأسبوع الماضي، ووضع الرئيس باراك اوباما ثقته في «بطل» الحرب في العراق الجنرال ديفيد بترايوس لقيادة القوات الدولية في افغانستان، خلفا للجنرال ماكريستال الذي اقيل من منصبه بعد يوم من تصريحاته تلك. وبقراره الجريء والسريع في اقالة ماكريستال وتعيين بترايوس مكانه، سعى اوباما لفرض سلطته كقائد اعلى للقوات المسلحة، والى احياء استراتيجية تصعيد جديدة قد تحدد مصيره السياسي، ولكن بعض انصاره يخشى من تعثرها. واوضح الرئيس انه اضطر الى اتخاذ هذا القرار من اجل المحافظة على سيطرة السلطة السياسية المدنية على الجيش، محذراً من انه لن يتسامح أبداً مع اي انقسامات في فريقه المسؤول عن الامن القومي. وجاء السقوط السريع والمدوي لماكريستال على الرغم من اصوات الدعم التي لقيها من وراء المحيط سواء من الاوروبيين او من القادة الافغان وفي طليعتهم الرئيس حميد كرزاي الذي ما لبث ان اعلن خلال مكالمة مع اوباما عن ترحيبه بتعيين بترايوس. ويتمتع بترايوس بسمعة جيدة تسبقه اينما ذهب، وذلك بعدما حقق في انظار واشنطن نصرا في حرب العراق من خلال الاستراتيجية التي وضعها والتي قامت على ارسال تعزيزات الى هذا البلد، اضافة الى دهائه السياسي والمامه العميق بكيفية مكافحة التمرد ولا سيما عبر «الصحوات وبصفته قائدا للقيادة الاميركية الوسطى، كان بترايوس احد المهندسين الاساسييين لاستراتيجية زيادة القوات في افغانستان والتي اقرها الرئيس العام الماضي، فضلاً عن انه معروف جيداً سواء في اوروبا أو في اسلام اباد وكابول. حالة التوتر بين المؤسسة العسكرية والبيت الابيض حول الملف الافغانى قد لا تنتهى بالاقالة وتعيين بديل قوى للجنرال المثير للجدل ماكريستال، وربما كانت لها تداعيات على ميزان القوى في الميدان مع حركة طالبان، كما ان حليف الولاياتالمتحدة المهم فى افغانستان وهو القوات البريطانية فهى الاخرى تعانى من ارتفاع عدد الضحايا وسطها الامر الذى بات يعجل من امكانية انسحابها حيث اعلنت وزارة الدفاع البريطانية ان حصيلة الخسائر البريطانية في افغانستان منذ بدء العمليات في العام 2001 بلغت (300) قتيل اثر وفاة جندي في جنوب البلاد متأثراً باصابته. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون «انها انباء محزنة، لقد اصيبت عائلة اخرى بالالم والحزن. وبالتأكيد فان القتيل ال(300) ليس اكثر او اقل مأساوية من (299) قتيلا سابقا». واضاف «لكنها لحظة كما اعتقد لكل البلاد لكي تفكر بالخدمات والتضحيات الكبرى والتفاني الذي تقدمه قواتنا المسلحة باسمنا». كاميرون القادم الجديد الى (تن داوننج استريت) مقر الحكومة البريطانية شكل حكومته الإئتلافية بعد ولادة عسيرة فى الانتخابات الاخيرة على حساب حزب العمال، وكانت اصوات البريطانيين التى تقاسمها حزبا المحافظين والاحرار تأمل فى تغيير لحقبة تونى بلير وغوردون براون برواسب التدخل فى العراق وافغانستان فكان لابد لكاميرون الالتفات للاصوات التى تنادى بعودة القوات البريطانية من العراق وافغانستان ، واستجاب كاميرون لتلك الاصوات عندما اعلن ان القوات البريطانية ستنسحب من افغانستان «في اسرع وقت ممكن مع تمكن الافغان من تولي مسؤولية امن بلادهم. وتنشر بريطانيا حوالى (9500) عنصر في افغانستان ما يجعلها ثاني اكبر قوة مساهمة في القوة الدولية للمساعدة على ارساء الامن في افغانستان (ايساف) التابعة لحلف الاطلسي. وتنتشر القوات البريطانية في ولاية هلمند التي تشهد اضطرابات في جنوب البلاد حيث تحارب تمرد طالبان وتتولى تدريب القوات الامنية المحلية. وقد جعل الائتلاف الحكومي برئاسة كاميرون الذي تولى السلطة في مايو من افغانستان ابرز اولويات سياسته الخارجية. وزار كاميرون افغانستان في 10 و11 يونيو واجرى محادثات في كابول مع الرئيس الافغاني حميد كرزاي وتفقد القوات البريطانية في قاعدتهم الرئيسية كامب باستيون في هلمند.واستبعد زيادة عدد القوات البريطانية ودعا الى احراز تقدم اكبر من اجل اعادة الجنود الى البلاد. وحذر كاميرون الاسبوع الماضي من ان بريطانيا يجب ان تكون «مستعدة لضحايا اكثر في اشهر الصيف» ووصف العام 0102بأنه «حيوي» بالنسبة للانتصار على طالبان. وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما اعلن فى ديسمبر الماضى، عن زيادة مقررة للقوات ليصل اجمالى عدد القوات الامريكية في افغانستان إلى أكثر من مائة ألف جندي. وقال إن الجنود سينتشرون في أسرع وقت ممكن لمجابهة التمرد، والمساعدة في تأمين المراكز السكانية الرئيسية، وتعزيز تدريب القوات الافغانية. وحسبما ذكر الرئيس فإن القوات الامريكية الموجودة في افغانستان تفتقر إلى الدعم الكامل الذي تحتاجه لتحقيق هذه الأهداف بفعالية. وقال أوباما إن زيادة عدد القوات سيسهم في تسريع عملية نقل المسؤولية الى القوات الافغانية والسماح للقوات الامريكية بالبدء في الانسحاب من افغانستان في يوليو العام 2011م. ولا تواجه بريطانيا والولاياتالمتحدة فقط الظروف الطاردة من افغانستان فالمنظمة الدولية نفسها وفي تقرير بشأن أفغانستان نشر مطلع الاسبوع الماضي قال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان المنظمة الدولية لا تزال هدفاً محتملاً لهجمات مسلحة في جميع انحاء البلاد وانها ستخفض حجم موظفيها الدوليين. وأجلت الاممالمتحدة المئات من موظفيها في نوفمبر الماضي بعد أيام من اقتحام مسلحين من طالبان يرتدون سترات انتحارية مبنى ضيافة تابع للامم المتحدة في كابول مما أسفر عن مقتل خمسة من موظفي المنظمة الاجانب. وفي حين عاد العشرات من هؤلاء العمال الآن الى أفغانستان الا أن آخرين تخلوا عن وظائفهم بسبب مخاوف أمنية او غادروا بعد انتهاء تعاقداتهم مما جعل المنظمة تعاني نقصاً حاداً في العمالة.