اهتمت ادارة الرئيس باراك اوباما بالملف الافغاني واقترحت حلولاً عديدة سعت من خلالها الى الجمع بين الاستراتيجية العسكرية والمساعدات الانسانية والتنموية ثم الانسحاب التدريجي للقوات بعد تهيئة الارض لقيام نظام حكم قادر على السيطرة على الاوضاع الامنية والسياسية بعيدا عن نفوذ حركتي طالبان والقاعدة، ولكن الجهود التي تضطلع بها ادارة اوباما يبدو انها غير كافية لوقف او حتى تقليل عدد الضحايا المدنيين من الافغان لحرب الولاياتالمتحدة ضد ما تسميه الارهاب فى افغانستان، وحتى الرئيس الافغانى الموال لواشنطون لم ترق له استراتيجيات ادارة اوباما بشأن مستقبل بلاده، حيث قال مكتب الرئيس الافغاني يوم السبت ان الرئيس طلب من أوباما مراجعة كيفية ادارة حرب أفغانستان مع استمرار الزيادة في أعداد القتلى من المدنيين. ...... وقال البيان الذي أصدره القصر الرئاسي ان اوباما وافق خلال اتصال عبر دائرة تلفزيونية مغلقة على بدء المحادثات بشأن اجراء مراجعة اقترحها كرزاي في رسالة، وقال البيان المكتوب باللغة الدارية «اتفق الرئيسان على أن المناقشات المتصلة بالمراجعة الاستراتيجية لافضل الطرق الفعالة لمحاربة الارهاب يجب أن تبدأ وأضاف «الحرب على الارهاب يجب ألا يحدث الانتصار فيها في قرى أفغانستان ويجب أن تكون هناك مراجعة استراتيجية لطريقة محاربة الارهاب». المراجعة التي يطالب بها كرزاي بات ضروريا فى ظل تواتر التقارير الاعلامية عن سقوط القتلى من المدنيين على أيدي القوات الامريكية والقوات الاجنبية الاخرى الموجودة في أفغانستان، وهو ما يرشحه المراقبون الى فتح جبهة الخلافات بين الحكومة الافغانية وداعميها في الغرب. وقال تقرير صادر عن الاممالمتحدة هذا الاسبوع ان القتلى والمصابين من المدنيين زادوا بنسبة (31%) في الاشهر الستة الاولى من هذا العام مع مقتل «1271» مدنيا. وقالت ان طالبان والفصائل المتمردة الاخرى مسؤولة عن مقتل «76 %» من هذا العدد ، وانخفض عدد القتلى الذي تسببت به «قوات موالية للحكومة» الى نسبة «12 %» من المجموع بعد أن كان «30 %» في الفترة نفسها من العام الماضي ويرجع ذلك بشكل رئيسي الى انخفاض نسبة القتلى بسبب الهجمات الجوية بمقدار «64 % » وتصاعدت حدة القتال في أفغانستان على الرغم من وجود ما يقرب من «150» ألف جندي أجنبي. وتستعد القوات الامريكية للبدء في الانسحاب التدريجي ابتداء من يوليو 2011م. وتصبح هذه الارقام الصادرة عن المنظمة الدولية دليلاً على فشل الاستراتيجية الامريكية فى افغانستان التى اسهمت فى تفاقم الوضع الانسانى ، ويثير سقوط القتلى والمصابين من المدنيين خلال هذه الهجمات التي تشنها في الغالب طائرات بدون طيار غضب الافغان العاديون الذين يدفعون ثمن الحرب الامريكية ضد طالبان ، وفى محاولة لخفض حدة الغضب الافغانى وأصدر الجنرال ستانلي مكريستال القائد السابق للقوات الامريكية وقوات حلف شمال الاطلسي في افغانستان توجيهات جديدة العام الماضي تهدف الى تقليل استخدام الهجمات الجوية بعد سلسلة من الهجمات التي سقط خلالها مدنيون. وجرى تضييق هذه التوجيهات بشكل أكبر منذ حل بتريوس محل مكريستال في يونيو الماضى. ويرى مراقبون ان الرئيس كرزاي يواجه ضغوطاً محلية وتحدياً كبيراً من اجل الظهور امام شعبه بمظهر الرئيس المستقل غير الخاضع كلياً للغرب والحريص على امن ومصالح مواطنيه، ويذهب البعض الى ربط طلب المراجعة من كرزاي مع الاقتراب من موعد الانتخابات البرلمانية التى يطمح خلالها كرزاي تقديم صورة افضل من تلك التى رافقت الانتخابات الرئاسية العام المنصرم و التى شابها التزوير. تزايد اعداد الضحايا من المدنيين بواسطة القوات الامريكية والغربية عموما من شأنه ان يؤثر سلباً على جهود كرزاي فى احداث مصالحة وطنية مع الحركات التى تحمل السلاح ضد حكومته من جهة وضد الوجود الاجنبى على اراضى افغانستان من جهة اخرى ، وكشف كرزاي فى الاشهر الماضية عن خطة سلام تتضمن منح مقاتلي طالبان العفو والمال وفرص العمل مقابل التخلى عن قتال الحكومة والقوات الاجنبية ، وهى خطة تلقى الدعم الامريكى ولكن كرزاي يحتاج الى تسوية الارض وتهيئة الاجواء المواتية لمثل هذه العملية التصالحية . ويجد الرئيسان اوباما وكرزاي نفسيهما فى حاجة الى تنسيق الجهود ومساعدة بعضهما البعض لانجاح مهمتهما، ولعل هذا ما كشف عنه البيت الابيض يوم الجمعة بان الرئيسين اوباما وكرزاي ناقشا جهود تفادي معاناة المدنيين وكذلك الحملة من أجل هزيمة طالبان، وقال البيت الابيض في بيان «وافق الزعيمان على أن الولاياتالمتحدةوأفغانستان يجب أن يواصلا العمل معاً من أجل مواصلة الضغط على طالبان ومن أجل بناء القدرة الافغانية. وتأتي مطالبة كرزاي بمراجعة الاستراتيجية الامريكية في وقت ينظر الجنرال الأمريكي دافيد بيتريوس، قائد قوات الناتو في أفغانستان، في إمكانية تمديد موعد سحب قوات الحلف من هذا البلد، إذا استدعت الحاجة.وأوضح بيتريوس أنه إذا لم تتحسن الأحوال في أفغانستان بحلول يوليو من العام القادم فسيقترح على الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن لا يسحب القوات.كما أعلن الجنرال الأميركي أن العمليات العسكرية في أفغانستان تجري بصعوبة، ومن المستبعد أن يتغير الوضع في المستقبل القريب. يذكر أن موعد سحب القوات من أفغانستان هو يوليو 2011م.