بعد اجازة البرلمان المنتخب لمفوضية الاستفتاء والتى ستقوم بالاشراف على اجراء عمليات الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب بين الانفصال والوحدة ،اصبح الحديث عن اجراء الاستفتاء فى موعده امراً حتمياً ،بل وان الاستفتاء اصبح مسألة وقت فقط لاسيما بعد تاكيدات الشريكين (الموتمر الوطنى والحركة الشعبية ) على اجراء الاستفتاء فى موعده فى يناير من العام القادم. ولكن الاستفتاء الذى اصبح يفصلنا عنه بعض الوقت فقط ،تنقصه ترتيبات اخرى تفوق قدرة المفوضية التى ستقوم باجرائه فى موعده هذه الترتيبات او المترتبات على الاستفتاء تشمل المترتبات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والامنية او مايسمى بالجوار الآمن اذا اسفر الاستفتاء عن انفصال الجنوب . ولعل فى مقدمة تلك المترتبات الاقتصادية هو استمرار تدفق النفط الذى كان عاملاً حاسماً فى تحقيق السلام وطى ملف الحرب ،وبات الان عاملاً حاسماً فى الاستفتاء بترجيح خيار الانفصال او الوحدة. ولعل هنالك عوامل متداخلة فى قضية تدفق النفط من بينها الشركات المنتجة للنفط او المستثمرة فيه ، وخطوط انابيب النفط التى اصبحت ملكاً لحكومة السودان بعد ان تم سداد اموال الشركات ،وصالح هذه الشركات وحكومتي الجنوب والوحدة الوطنية اللتين لا تسمح ظروفهما بتوقف النفط ليوم واحد بل وساعة واحدة ، كما هنالك مترتبات اقتصادية اخرى للانفصال او الاستفتاء من بينها ديون السودان الخارجية من يتحملها هل الدولة الام او الدولة الناشئة او الاثنين معاً؟ بأي نسب سيكون هذا التحمل لهذه الديون التى تفوق ال(34) مليار دولار؟ وحدود الدولتين اذا حدث انفصال ما هى؟ وكيف تحمى اوتدار؟ والعملة (الجنيه) ستصبح عملة اي دولة الام ام دولة الجنوب الناشئة ام تكون عملة مشتركة فى ظل نظام مصرفي مزدوج؟ او وحدة نقدية على غرار الوحدة النقدية الاوربية (اليورو)، والجنسية والحريات الاربع (الاقامة والعمل والتنقل والتملك)، والنسيج الاجتماعى وكيفية المحافظة عليه لاسيما وان هنالك اسراً ناتجة عن مصاهرات بين الشمال والجنوب فى القبائل الحدودية وغيرها ما مصير هؤلاء؟. فى اعتقادى كل تلك المترتبات الاقتصادية الى جانب المترتبات الامنية والعسكرية تحتاج لوقت يفوق التحضيرلاجراء الاستفتاء فى الموعد المحدد كما تحتاج لصبر على الحوار بشأنها بغية التوصل الى حل يحسمها ويحقق الوحدة الطوعية او الانفصال السلس ويضمن استدامة جوار آمن وحدود مفتوحة للمصالح المشتركة،ولذلك قبيل اجراء الاستفتاء فى موعده المحدد لابد من طى الخلافات بشأن الملفات المتبقية ومترتبات مرحلة ما بعد الاستفتاء والاتفاق على تفاصيل هذه المترتبات رغم ان الشيطان فى التفاصيل ولكن ترك هذه التفاصيل من دون حل او وضع التحوطات لها سيكون كارثة على الدولة الام والناشئة.