سباق محموم تبذله القنوات الفضائية هذه الأيام سعياً للاستئثار بأعين المشاهدين خلال شهر رمضان المعظم، الملاحظ أنّ الإستعدادات كافة تركز على فترة ما بعد الإفطار، وللأسف فإنّ المطروح الآن في أجندة القنوات ما زال يرابط في محطة (أغاني وأغاني) البرنامج الناجح الذي ظَلّ يستأثر بمتابعة غالبية المشاهدين واستطاع أن يدرج نكهته ضمن مطلوبات رمضان وكتب عَلَى فترة ما بعد الإفطار (محجوز)..! قَرأت كثيراً عن استعدادات قنواتنا للشهر الكريم، وبدون تفصيلٍ، فإنّ واحدة من الإشارات المحبطة هي المحاولات المتكررة لاستنساخ (أغاني وأغاني)، فالبرنامج الناجح للأستاذ السر قدور وما تضمّنه من (فكرة) مَرنة تتسع لاستيعاب العديد من الأصوات عبر التجديد في زوايا التناول والرؤى، وضع بقية القنوات أمام حرجٍ كبيرٍ وظلّ يستفز قُدراتها في مُحاولة لاستعادة أراضي المشاهدة المفقودة، القنوات للأسف ظَلّت (تعاني وتعاني) في محاولاتها لمنافسة (أغاني وأغاني)، لذلك جاءت مبادراتها خلال السنوات المنصرمة كسولةً لاعتمادها على استنساخ فكرة برنامج رسخ كثيراً ووطّد تميزه في نفوس المشاهدين وفرز جمهوره منذ وقت مبكر..! لماذا لا تجتهد القنوات الأخرى في اعمال عصف ذهني يدفع بأفكار جديدة ترسخ في أذهان الناس، خاصةً وانّ العديد من البرامج التي فصلت لمنافسة (أغاني وأغاني) خلال السنوات الماضية نسيها الجمهور ولم تُحظَ بالمتابعة اللازمة وباتت مثل (مناديل الورق) لا تصلح للاستخدام إلاّ مرة واحدة..! الحقيقة الماثلة تقول إنّ (أغاني وأغاني) جعل هنالك استحالة في تحويل أنظار المشاهدين لأي برنامج قوامه الغناء،لكن القنوات مازالت تجهل هذا الأمر وتنفق إنفاق من لا يخشى الفقر لاستنساخ الفكرة، علماً بأن منافسة (أغاني وأغاني) غير ممكنة إلاّ عبر فكرة جديدة ومغايرة ومقدم متجدد ومتميز و(حافظ لوحو) بقامة قدور لا أظنه متوفر حالياً..! هنالك كسل بائن في التخطيط البرامجي ظَلّ يتجلى سنوياً في شكل برامج (تيك أوي) لا تحوي فكرة ولا تقدم مضموناً، ويبدو أن استسهال العمل الإبداعي هو الداء الذي سيؤذي المشاهدين كثيراً، كما أنّ رغبات الجمهور لا تستصحب دائماً في أجندة البرامج مثلما تفعل القنوات العربية، فمعظم ما يقدم يفرض على مَزَاج المشاهد ولا يستصحب رغبات المشاهدين،كما أنّ ضعف الإعداد للبرامج أصبح مشكلة واضحة في أداء القنوات التليفزيونية..! قبل أسبوعين عدت من القاهرة وأدركت حقيقة كيف يصنع الإعلام، فالقنوات (قفلت حسابات رمضان) وبدأت في إنتاج برامج العيد وفق أفكارٍ حيّة وبرامج ومسلسلات بعضها في إعلانات الطريق والتلفاز والآخر على واجهات الصحف، برامج لا تكاد تحس فيها بتكرار أو استنساخ و(الحَشّاش يملأ شبكتو) في فضاء تتزاحم فيه البرامج والأفكار والإمكانات..! لن يتحرّك الإبداع داخل بعض القنوات التلفزيونية إلاّ إذا تَحَرّرالقائمون عَلَى أمرها من عقُدة التقليد البائنة، فنماذج كثيرة من البرامج تتشابه إلى حدٍ كبيرٍ، لَعلّه الكسل أو ضعف الخيال ولكنها الحقيقة، عُموماً التحية لبرنامج (أغاني وأغاني)، فلقد جعل لسان حال بقية القنوات يقول (أعاني وأعاني)..