إقتضت الحكمة الإلهية ان يقوم تسييرالكون على مواقيت حددها الله تعالى فى القران الكريم،وفطرالناس عليها بأن (عدة الشهورعند الله اثنتا عشر شهراً ،منها أربعة حرم، من بينها شهر رمضان المعظم الذى انزل فيه القرآن، لتأكيد اهمية هذا الشهرعند الله تعالى ومن بعد تأكيدها عند عباده ).. وشهر رمضان يعرف الجميع خيراته وبشرياته والتى من بينها ان ( أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار)،نسأله تعالى ان يعتقنا من النار وأن يغفرلنا خطايانا وان يتقبل أعمالنا وان يختم بالصالحات أعمالنا، وأن يدخلنا الجنة من باب الريان الذى خصصه للصائمين. ولعل من بشريات شهر رمضان هى المكاسب الروحية التى يجنيها الشخص فى شهر الصيام والقيام والتراويح من تربية روحية يهذب بها نفسه ويراجع بها عمله وفرصة للتوبة والرجوع الى الله ومدخلاً لتصحيح العلاقات بين الناس جميعاً وفرص لكسب الخيرات بالانفاق على المحتاجين والفقراء، فكان النبى (صلى الله عليه وسلم) أجود من الريح المرسلة، ولكنه كان أجود فى رمضان ومن هنا يزداد انفاق اصحاب الخير وينعكس ذلك على أصحاب الحاجات،كما ان هذا الانفاق تنعكس بشرياته على الحياة العامة خاصة الأسواق والتجارة حيث تنتعش الحركة التجارية نتيجة لزيادة الطلب على السلع والخدمات وتنتعش الأسواق بزيادة هذا الطلب الذى ينهى حالة الركود التى كانت تعيشها قبله لتدخل الآن فى حركة نشطة وانتعاش يلحظه الجميع وهذا كله بسبب زيادة الانفاق فى رمضان او الصرف على شراء متطلبات هذا الشهرالكريم،ولكن تلاحظ ان الزيادة فى الطلب أدت الى الزيادة فى أسعارالسلع والخدمات وانعكست سلباً على المواطنين بارتفاع أسعار السلع وصعب على الكثيرين ان يشتروا احتياجات رمضان ولكنهم مع ذلك استجابوا الى أمر الله بأن صاموا هذا الشهر الفضيل شهرالخيرات، ولعمرى ان الله تعالى سيتكفل برزقهم وفطرهم كما وعد ( أعبدونى ولا تشركوا بى شيئاً). ومن خلال المتابعات تلحظ ان ارتفاع الاسعارطال كل السلع الاستهلاكية او الرمضانية،وهنالك من التجارمن يسعى الى الاستفادة من شهررمضان فى تحقيق مكاسب مادية باعتباره موسماً لانعاش الطلب على السلع ومنهم يتملكه الجشع للدرجة التى يرفع بها الاسعارالى مستويات خرافية وغيرمقبولة دون مبرر سوى البحث عن الكسب السريع،وفى هذا الصدد وقبل يومين من حلول شهررمضان ذهبت الى السوق المركزى الخرطوم لشراء بعض أغراض البيت استعداداً لرمضان ووجدت الأسعار(نار.. نار)، بل هنالك مغالاة فى الاسعار ولا مبالاة وعندما قلت لصاحب الجزارة اوزن لى كيلو لحمة،وبعد ان انتهى من الوزن واستلمت السلعة سألته بكم كيلو الصافى قال لى : ب(20) جنيهاً وقلت له : لماذا عندنا فى سوبا ب(18) جنيهاً أجاب قائلا: ( عندنا اليومين ديل فقط بنستفيد فيهن وبعد ذلك سنبيعه ب(14) جنيهاً) وقلت له: لماذا اليومين ديل فقط ..؟ قال لى : دا موسم،قلت له : هذا غيرمبررولكن مع ذلك نقدته له وانصرفت ،ولعل فى هذا تأكيداً واضحاً على جشع التجاروبحثهم عن الكسب المادى السريع، بدعوة انه موسم ،وفى هذا الموسم لابد من الاستفادة والانتعاش،واذا كان رمضان موسماً للانعاش التجارى،فما مصيرهؤلاء بعد انتهاء هذا الموسم؟.. هل ستنخفض الاسعار بعد رمضان ..؟ كل المؤشرات تؤكد غير ذلك فالأسعار ستواصل الارتفاع بدعوة عدم توافر النقد الأجنبى وارتفاع الأسعار فى الأسواق العالمية والاقدام على الاستفتاء وغيرها من المبررات التى يمكن ان يطلقها التجار الجشعون.. مرحب برمضان شهر الخيرات ومواسم الانعاش.. ونسأله تعالى ان يتقبل الصيام والقيام.