ليس هناك ثمة شك في ان بعثة الاممالمتحدة المشهورة ب (يونميس) لعبت دوراً كبيراً في الحفاظ على الامن والسلم، برعايتها ومراقبتها لاتفاق السلام الشامل الذي أوقف أطول حرب شهدتها القارة الافريقية. ولما كان دورها المنوط به هو دعم الاتفاق من خلال تسهيل وتنسيق العلاقة بين الشريكين لتجاوز العقبات التي تقف امام الاطراف إلا ان العبء الاكبر يكمن في ما احرزته منذ مجيئها للبلاد «24مارس 2005م» يتمثل في الإشراف على العودة الطوعية التي شهدتها مناطق جنوب السودان من النازحين واللاجئين فضلاً عن تقديم المساعدات الانسانية وازالة الالغام ومراقبة الالتزام بحقوق الانسان والإسهام في استيعاب عمالة سودانية في صفوفها أسهمت في رفع مستوى المعيشة. ولما كانت عملية الارشاد والتثقيف والإعلام والإخطار بالكوارث جزءاً لا يتجزأ من التفويض الممنوح للبعثة إلا أن العديد من المراقبين يرون أن تلك الحلقة هي الاضعف في تفويض البعثة مقارنة بقسم حقوق الانسان الذي ابلى بلاءً حسناً. ويذهب البعض الى ان ماتقوم به البعثة من خدمات صحية وتعليمية في جنوب السودان والمناطق الانتقالية عمل يصعب على الكثير من حكومات الدول النامية إلاّ أنه غير مرئي للجميع والسبب الرئيسي هو ضعف إعلام البعثة فضلاً عن شح المعلومات وندرة التقارير الواردة من جنوب السودان وإحجام المسؤولين عن الحديث وإغلاق هواتفهم لفترات طويلة وإذا قدر لصحفي أن يتلقى رداً فإن المسؤول يتذرع بالإنخراط في اجتماع. هذه الاجابة ومثيلاتها اغضبت العديد من الصحافيين المسؤولين عن تغطية دائرة الاممالمتحدة ووكالاتها وذلك بسبب اتهام ادارة بعض الصحف لهؤلاء الصحافيين بالتقصير في تغطيتهم لتلك الدائرة. الامر الذي جعلهم يتحسرون على عهد ممثل الامين العام للامم المتحدة السابق يان برونك الذى خرج مطروداً من البلاد نتيجة مواقف اعتبرتها الحكومة خروجاً عن التفويض. فهل بعثة الاممالمتحدة تحتاط من (طرد برونك) بتغيير سياستها الاعلامية؟ ام ان هناك ضعفاً في قسم إعلامها المكون من (20) إعلامياً أجنبياً ومحلياً؟ وقال مصدر بالأمم المتحدة -فضل حجب اسمه- ان بعثة الاممالمتحدة عمدت الى تغيير سياسة المصادمة الاعلامية التي انتهجها يان برونك بسياسة الدبلوماسية الصامتة التي جاء بها خلفه اشرف قاضي وهى سياسة لا تزال تعمل بها بعثة الاممالمتحدة، ويضيف المصدر ان برونك كان لا يأبه من مصادمة الحكومة، ولكن اشرف قاضي كان لا يتناول امراً في وسائل الاعلام. ويؤكد المصدر أن إلغاء البعثة لمؤتمرها الصحفي الاسبوعي الذي كان جزءاً من استراتيجية الدبلوماسية الصامتة، لذا لم تنظم منذ مجىء ممثل الامين العام الحالى هايلي مانكريوس الا مؤتمراً صحافياً واحداً. فضلاً عن انقطاع بياناتها الصحفية والتقارير الورادة من الجنوب. ويشكو الاستاذ اسامة ابوشنب رئيس قسم الاخبار بالزميلة «الصحافة» من عملية شح المعلومات وندرة المصادر بالبعثة بالرغم من وجود ناطقين رسميين هما (كوايدر زروق فرنسى الجنسية)، واشرف عيسى (مصري). ويقول ابوشنب في حديثه ل(الرأي العام) ان بعثة الاممالمتحدة واتفاقية السلام الشامل في خاتمة ايامها وان مرحلة الاستفتاء مرحلة حرجة تتطلب من البعثة مجهوداً اعلامياً تعريفياً تثقيفياً بالاستفتاء في الشمال والجنوب، ولكن البعثة حتى الآن لم تقل شيئاً في ذلك. وقال: حتى البيانات اليومية توقفت مع مؤتمر الاربعاء الشهير ويضيف قائلاً: (البعثة فقدت روح الاعلام بذهاب يان برونك وراضية عاشوري وجاد الله الرضي). وتعذر على (الرأي العام) التحدث خلال إعداد هذا التقرير مع أيّ من الناطقين الرسميين، لأن أحدهما لا يستجيب هاتفه والثاني في اجازته السنوية خارج البلاد. ويقوم قسم الإعلام حالياً باصدار مجلة شهرية ونظم بعض الندوات وورش العمل قبيل الانتخابات. ومهما يكن من حال فإن دور بعثة الاممالمتحدة الاعلامي في مرحلة الاستفتاء أمر تنتظره العديد من الدوائر المعنية باتفاقية السلام الشامل باهتمام متعاظم.