فيما يبدو أن الدول الغنية - أي دول الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة -ما زالت تبحث عن حلول او مخرج نهائي من الازمة المالية التي ما زالت تخيم على اقتصادات هذه الدول وترفض الزوال ولما كانت حكومات هذه الدول قد جربت كل الحلول المتاحة من تحفيز وتقشف ورقابة صارمة للخروج لكنها لم تنجح كلياً جاءت هذه المرة والقت بالكرة في ملعب (المصارف) على اساس ان النظام المصرفي هو العمود الفقري للادارة المالية وفي نفس الوقت هو المتسبب الاساسي في الازمة المالية السابقة. لهذين السببين القت الحكومات بالكرة (للمصارف) للبحث أيضاً عن مخرج باستحداث قوانين جديدة لاصلاح النظام المصرفي قبل الازمة بحيث يستطيع هذا النظام المستحدث فعل ثلاثة اشياء اولها تجنيب هذه المصارف خطر الانهيار مستقبلاً وثانيها منع حدوث ازمة مالية اخرى وثالثها توفير الجهد على الحكومات لعدم التدخل لانفاذها من اموال دافعي الضرائب. هذا النظام الجديد للاصلاح المصرفي العالمي المراد استحداثه ودعى اليه حوالي (27) من محافظي البنوك المركزية في الدول الاوروبية والولاياتالمتحدة وبقية دول العالم للانعقاد بمدينة بازل (تBASEL) السويسرية الاثنين الماضي وكانت الاجندة قد وضعت سلفاً وأهم نقطة فيها هي مطالبة والزام البنوك برفع رأس مالها ثلاثة اضعاف رأس مالها الحالي مع الزامها ايضاً بالاحتفاظ بنسبة (07%) من هذا الرأس مال (كاش) بدلاً عن (2%) في السابق وذلك لابعاد هذه البنوك عن شبح الانهيار السريع في حالة الازمات وعدم الحاجة التدخل الحكومات لانفاذها. كما الزم الاجتماع فيما يبدو البنوك الكبيرة والتي يطلق عليها (Too big to fail) دون البنوك المتوسطة والصغيرة الزمها بالاحتفاظ بنسب أكبر من (7%) (كاش) لان انهيار هذه البنوك العملاقة يتسبب مباشرة في اعاقة النمو الاقتصادي للبلدان وفي خلق ازمات مالية مثل الازمة السابقة . ويقصد بهذه البنوك والبنوك الامريكية والالمانية على وجه الخصوص والعالم بالطبع لن ينسي حادثة انهيار بنك (ليمان برزرس) العملاق وما تسبب فيه. الاجتماع لم يلزم المصارف فقط برفع رأس مالها بل ايضاً الزمها بعدم الانفاق البذخي بصرف الحوافز والمرتبات العالية للموظفين وضرورة خفض الانفاق العام لميزانيات تسيير اعمالها. ما أقره اجتماع بازل في سويسرا أخيراً ببازل (Basel Rule 3) وهو كما اسلفنا القول الزم البنوك برفع رأس مالها الى ثلاثة اضعاف ثم الاحتفاظ في نفس الوقت بنسبة (7%) من هذا الرأس مال (كاش) كاحتياطي لمواجهة خطر الانهيار. وقد اعطى الاجتماع مهلة للتنفيذ قدرت بثماني سنوات حتى العام 2019م لتطبيق ما نص عليه بازل (3) وأقر الاجتماع عرض هذه النصوص على اعمال قمة تجمع دول العشرين التي سوف تنعقد في مدينة «سيول» حاضرة كوريا الجنوبية في مطلع نوفمبر القادم واذاما اجيزت هذه النصوص فسوف تصبح ملزمة لجميع البنوك في العالم وسوف يشمل الالزام البنوك العربية والسودانية أيضاً. قبل هذا الاجتماع في بازل بسويسرا كان النظام المصرفي الامريكي والنظام المصرفي الاوروبي قد اخضعا لعدة مجالات للاصلاح ففي الولاياتالمتحدة تمت اجازة قانون الاصلاح المالي الذي اقترحه الرئيس اوباما وتم تطبيقه قبل اشهر فقط على البنوك الامريكية كافة اما في اوروبا فقد تم اخضاع البنوك الى ما يسمى اختبار القدرات (Strees test) أخضع فيها حوالي (19) بنكاً امريكياً لم تنجح سوى (10) بنوك فقط وهذا ان دل فانما يدل على ان النظام المصرفي الاوروبي والامريكي باتا ضعيفين بسبب الازمة المالية . لذا من نتائج هذه المجالات الاصلاحية رأي البعض من الاهمية بمكان البحث من جديد في استحداث نظام اصلاحي جديد بسن قوانين جديدة لاصلاح النظام المصرفي العالمي الذي هو العمود الفقري للنظام المالي العالمي ومن هنا فيما يبدو جاءت الدعوة لاجتماع بازل او لاجتماع محافظي البنوك المركزية.