لقطة الاستاذ محمد علي محمد صالح تشكل النموذج القوي لرد الفعل الايجابي المتحضر تجاه السياسات الامريكية حيث يقف كل يوم أمام مقر رئىس جمهورية الولاياتالمتحدة في واشنطون حاملاً لافتة كتب عليها السؤال: «ما هو الارهاب؟» وظل مثابراً وصابراً وصامداً في ذات الموقع ناقلاً استفساره الصارخ، المباشر أمام مقر رئيس الجمهورية الامريكي، ولفت انتباه الكثيرين جمهوراً ومارة واعلاماً. وقال لقناة الجزيرة انه يريد اجابة تشرح مفهوم الإدارة الامريكية للارهاب، وباسمه دخلت بلدين اسلاميين العراق وافغانستان، وتحت مظلته تتحرك القوة الامريكية في كل اتجاه فإلى أين؟.. ولم يشأ ان يضيف ان دخول الولاياتالمتحدةالامريكية بقواتها إلى داخل العراق أدى الى تفكيك دولته واقصاء نظامه، وتصفية اجهزته وتحويله أى العراق العريق إلى حرائق ودمار شامل، ونيران و عمليات انتحارية تحصد أرواح الابرياء في المساجد والأسواق والأحياء والمستشفيات وكافة المرافق، وجعلت العراق مجرد خبر مفزع ولقطة مأساوية للجرحى والموتى والحرائق، وكذا الحال في افغانستان وفي الباكستان وفي غيرها من مناطق طالتها بشراسة سياسات حرب الارهاب. ورغم رسالته الصارخة أمام مقر الرئيس الامريكي، فإن الاستاذ محمد علي محمد صالح يثابر على اداء عمله بمهنية عالية في تغطية الأحداث لصحيفة «الشرق الأوسط» الدولية وبوجه خاص المرتبط بالسودان، وقد نقل عن رئاسة البنك الدولي في واشنطن. «اذا انفصل الجنوب فسنعجل بضمه عضواً» «وأن البنك يلتزم بأن يظل شريكاً يمكن الاعتماد عليه في جنوب السودان».. «تعهدت رئاسة البنك الدولي بأن «تستعجل» عضوية دولة جنوب السودان إذا صوت الجنوبيون للانفصال في استفتاء يناير المقبل». ومثل هذا القرار من جانب البنك الدولي يعني بشكل مباشر تشجيع وتحريض الجنوب على الانفصال عن الشمال وذلك يمثل سابقة ليس لها نظير على مدى خمسين سنة، فلم يسبق للبنك الدولي الاعلان بوضوح عن استعجاله لضم دولة جديدة حال انفصالها كعضو في البنك الدولي. فعادة تتم العضوية عبر ترتيبات وإجراءات ومواثيق ومعاهدات تبدأ من قيام الدولة المستقلة، وليس من انشطار او انفصال بأي حال، ثم الاعتراف بها ثم عضوية الأممالمتحدة وبعدها الانضمام كعضو او مراقب.. ثم يتابع الاستاذ محمد علي محمد صالح ما يخص السودان من خلال خطاب شامل حول السياسة الخارجية الامريكية حيث عبرت هيلاري كلينتون من «ان الوضع في السودان، الشمال والجنوب «قنبلة موقوتة» تدق وهي في غاية الاهمية» وان واشنطن تزيد من جهودها لجمع الاطراف المختلفة من شمال السودان وجنوبه والاتحاد الافريقي للتركيز على هذا الاستفتاء الذي لم يحصل على الانتباه الذي يحتاجه»، «نحاول ان نقنع الشمال والجنوب وكل الاطراف المهتمة باتفاق السلام الشامل ان يشاركوا في تحقيق الاستفتاء الصعب جداً» «انفصال الجنوب حتمي» ماذا سيحدث عندما يتحقق المتوقع ويصادق على الاستفتاء ويعلن الجنوب الاستقلال؟ولاحقاً تمت لقاءات القمة في اجتماعات الأممالمتحدة في نيويورك، ولحظت الاهتمام الدولي الواسع بقضية استفتاء الجنوب ولماذا؟ ولم يكن التساؤل في حاجة إلى إجابة او ايضاح، لأن سوابق وسياسات وقرارات الإدارة الامريكية بعد احداث 11 سبتمبر واعلان الحرب ضد الارهاب وعلى كافة الاتجاهات والمستويات من المدن إلى المطارات إلى جبال اليمن، إلى ادغال غرب ا فريقيا يعني النيران والحرائق والدمار، كما هو الحال في العراق وافغانستان وباكستان وغيرها، وجميعها وعلى حد قول الاستاذ محمد علي محمد صالح دول اسلامية، فماذا يمكن ان نتوقع في حال وصول امريكا عبر بوابة الانفصال في السودان؟ ما هو مفهوم الارهاب؟ الذي طرحه صحافي سوداني استثنائي في انسانيته وتحضره ومهنيته وثقافته واستقامته وأدبه واحترامه، وعاش نحو اربعين سنة في الولاياتالمتحدة، وعرفته جيداً كزميل محترم ومهيب في جريدة «الصحافة » في مطلع السبعينيات عندما كان توزيعها مائة ألف نسخة كل صباح، وتنفد - بالكامل، وكان يشرف على صفحة الاخبار العالمية، وكان أول من يأتي للصحيفة وآخر من يغادرها ليقدم للقارئ أخباراً وافية المعلومات مع التحليل، وعندما طلبت منه المشاركة في «الاستراحة» بالصفحة الأخيرة، اعتذر وقال لي ليس لديه ما يقوله مع كتاب كبار، ثم وافق ولقيت كتاباته اهتماماً كبيراً، لأنه كان يقدم مادة جديدة تستند إلى معلومات وحقائق انسانية متفردة وظل بيننا في الصدارة، وعندما غادرنا الصحافة إما بالاستقالة أو الاقالة، انتقل إلى الولاياتالمتحدة واخذ مكانه المتقدم مهنياً وفي الصدارة وأمام مقر رئيس الولاياتالمتحدةالامريكية وسؤاله «ما هو الارهاب؟». هل الاهتمام الكثيف لواشنطن بالسودان يعني اقدامها على حرب جديدة باسم الارهاب؟. هل هذا الاهتمام الكثيف المريب من جانبها أهو محفز أو مخطط لحرب في السودان بعد الاستفتاء بدواعي وتفسيرات كثيرة غير قابلة للتقصي؟.