ظلت الخلافات بين دول حوض النيل تراوح مكانها رغم الاتصالات التي جرت على مستوى الرؤساء والاجتماعات الوزارية التى اعقبت تفجر الازمة فى اجتماعات شرم الشيخ وإعلان دول المنبع اعتزامها لتوقيع اتفاق تعاون تحفظ السودان ومصر، وقع اربع من دول المنبع فعلياً على هذا الاتفاق بمدينة (عنتبي) بيوغندا فى الرابع عشر من مايو الماضى، ليضع هذا التوقيع دول المنبع والمصب امام جدل قانوني حول مخالفة هذا الاتفاق لنص وروح مبادرة حوض النيل التى تدعو للتعاون وجسدت هذا التعاون فعلاً من خلال المشروعات المشتركة التى نفذت بدول الحوض خلال العشرسنوات الماضية . هذا الجدل القانوني حول وضعية ومستقبل مبادرة حوض دفع بالسودان الى طرح مقترح توفيقي فى اجتماعات وزراء الري بدول حوض النيل التى انعقدت فى العاصمة الاثيوبية اديس ابابا بعيد توقيع بعض دول المنبع على اتفاق التعاون الذى تحفظ السودان ومصرحيث وافقت دول المنبع والمصب (دول حوض النيل) بالاجماع على هذا المقترح التوفيقي القاضي بعقد اجتماع طارئ فى اكتوبر الجاري بالعاصمة الكينية نيروبي لبحث الخلافات بين دول حوض النيل ومعالجات الوضع القانوني لمبادرة حوض النيل خاصة وان الوضعية الحالية بتوقيع بعض دول الحوض على اتفاق للتعاون دون موافقة بقية الدول يعد خرقاً قانونيا لنصوص المبادرة القائلة باتخاذ القراربين دول الحوض بالاجماع وليس باقصاء البعض وترجيح الاغلبية ،وإعتبرالسودان هذا الوضع غير قانوني،واعلن فى ذلك الاجتماع تجميد نشاطه فى مبادرة حوض النيل،وإنفض الاجتماع الوزاري باديس ابابا على امل اللقاء فى نيروبى فى هذا الشهر. وفى نهاية سبتمبر الماضى أطلق وزيرالرى السودانى المهندس كمال علي محمد تصريحاً فى القاهرة على هامش انعقاد اجتماع وزراء الري بالدول العربية تصريحاً مفاده ان اجتماعات نيروبى قائمة فى اكتوبرالجارى وستبحث القضايا الخلافية ومستقبل مبادرة حوض النيل. ولكن قبيل انعقاد هذا الاجتماع الوزارى بنيروبى تستضيف الخرطوم فى منتصف أكتوبر الجارى اجتماعات أصدقاء دول حوض النيل لاختيارمجلس جديد ومناقشة عدد من القضايا الخاصة بدول الحوض فى إطارتقريب وجهات النظربجانب مجموعة من الخطط من شأنها ان تدفع بالعملية التنموية بدول الحوض كما سيركزالاجتماع بحسب طارق الجمرى المنسق الاقليمي لملتقى اصدقاء النيل على تسهيل الوصول لاتفاق عن طريق الاجماع وان يكون بعيداً عن العمل بنظام الاغلبية والتصويت. إذ، دخل طرف ثان فى حل قضية الخلافات بين دول حوض النيل عبر ما يسمى باصدقاء النيل،ويسعى هذا الكيان خلال اجتماعاته بالخرطوم لطرح طريق ثالث لطى الخلافات بين دول حوض النيل يقوم هذا الطريق الثالث على تعزيزمبدأ الاجماع فى اتخاذ القرار والبعد عن ترجيح خيارالاغلبية.. ومن هنا يتضح ان الطريق الثالث المرتقب يقوم على تكريس مبادئ مبادرة حوض النيل باقرارالتعاون واتخاذ القراربالاجماع،ليأتى اجتماع اصدقاء النيل بالخرطوم داعماً لمواقف السودان الرامية لجمع دول الحوض لتصبح منافع النيل للجميع وتكون المبادرة غطاء واداة للتمتع بهذا الحق من خلال المشروعات المشتركة للتعاون بين دول الحوض .. ولكن مع ذلك يبقى السؤال هل ينجح الاصدقاء فى طى خلافات الفرقاء من دول النيل تحت سقف التعاون ومبادرة حوض النيل ..؟.. كل المؤشرات تقول ان ذلك ممكن فقط اذا كان طرح الطريق الثالث وتوافقه مع المقترح التوفيقي الذى يتبناه السودان حمل حزمة حوافزجديدة لدول المنبع تشجعها للعدول عن مواقفها الذى اقتنعت فى الاصل بعدم جدواه وتبحث فقط عن مخرج للعدول عنه.