وإن تباينت ردود الأفعال القانونية والسياسية حول قرارات مولانا عبدالباسط سبدرات وزير العدل حول أوامر القبض في قانون الإجراءات الجنائية، إلا أنها إتفقت على ايجابيتها ووصفتها بعض المصادر بالخطة الفعلىة لإنفاذ قوانين التحول الديمقراطي. فقد تبع قرارات سبدرات بتعديل لائحة تنظيم عمل وكالات النيابة الجنائية لسنة 1998م لسنة 2008م التي تهدف الى تقصير مراحل الإستئناف، تبعها منشور من مولانا صلاح الدين أبوزيد وجهت في حالات تنفيذ أوامر القبض غير التلبس بعدم تنفيذ أي أوامر قبض خلال الفترة من السادسة مساءً وحتى السادسة صباحاً - أي من غروب الشمس وحتى شروقها في الىوم التالى الى جانب عدم تنفيذها في أيام العطلات الرسمية وفي يوم الخميس بعد الساعة الرابعة مساءً. واعتبر قانونيون أن هذا القرارات أتت لتتماشى مع الإرث القضائي في السودان، غير أنهم أبدوا تخوفهم مما أسموه إلغاء هذه القرارات ضمنياً عند الممارسة الفعلىة للتطبيق خاصة وأن هذه القرارات تم إصدارها في الثلاث سنوات الماضية ورحب بها العاملون في السلك القانوني ولكن تم الإلتفاف علىها عند التطبيق حتى تم الغاؤها ضمنياً دون صدور قرار بالإلغاء وتم التحايل علىها بوقوع ممارسات معيبة حيث كان لا يتم تنفيذ أمر القبض يوم الخميس إذا صدر بعد الرابعة مساءً، ولكن يتم إرجاؤه الى الخميس الذي يليه وفي الغالب تحدث مثل هذه الممارسات في قضايا (الشيكات). وبالرغم من ترحيبه بقرارات سبدرات ووصفه لها بالجيدة بإعتبار أن الأصل في الإجراءات العادلة إتاحة الوقت للمتهم ليدافع عن نفسه، دعا الناشط في مجال حقوق الإنسان علي العجب لإصدار قرارات أكثر عمقاً فيما يتعلق في تنفيذ القبض ذاته بإعطاء المقبوض علىه الفرصة لإخطار من يدافع عنه ليكون حاضراً عند إجراءات التحري ويسمح له (أي المحامي) بالإطلاع على يومية التحري. وقال: كذلك هناك مواد موجودة في القانون تتعارض مع الدستور القومي الإنتقالى وتتعلق بالحريات والتجمهر السلمي يجب النظر في أمرها لتقوم الشرطة بحماية المواطن أثناء قيامه بتطبيق حقوقه الدستورية . ودعا كذلك وهو يتحدث ل (الرأي العام) الى تفعيل ما في الدستور فيما يتعلق بحق الضمانة من التعذيب والإجراءات المتعلقة بضوابط الحراسات. وأضاف علي العجب: نحن نرحب بقرارات سبدرات الذي بدا يتلمس الإشكالات التي تعتري تطبيق القانون لأن الأصل في التدابير العدلية والقضائية فيما يتعلق بإجراءات القبض والإحضار هو التدرج من الأسهل الى الأصعب، فالقبض هو أخطر عقوبة سالبة للحرية وإن كانت هنالك وسائل أخرى غيره لتنفيذ أي إجراءات جنائية ينبغي اللجوء الىها. وإعتبر العجب أن سبدرات يريد أن يبعث عدة رسائل للقوى السياسية وعلى رأسها الحركة الشعبية (إن التغيير الوزاري الجديد يريد أن يضمن إنفاذ قوانين التحول الديمقراطي التى تبدأ من وزارة العدل). ورسالة أخرى للمجتمع الدولى عبر السيدة سيما سمر مقررة لجنة حقوق الإنسان مع التأكيد على إبداء حسن النية وإحترامه حقوق الإنسان، خاصة وأن سمر دائما ما تسأل عن التعسف في إجراءات القبض وإنتهاك الخصوصية. وقال العجب: لئن كان الأمر كذلك فهو أيضاً بادرة من سبدرات جديرة بالاحترام. ويقول قانونيون مخضرمون إن سلطة القبض والتحري كانت لدى القضاء قبل مجئ الإنقاذ، لكن في ظل الإنقاذ أصبح للنيابة سلطة قضائية لتقوم بفتح الدعوى الجنائية والتحري والقبض واعتبروا الأصل إعادة سلطات القضاء وأن تؤخد سلطة النيابة من النائب العام وتحول للقضاء، بحيث يكون للقضاء ذراعان (النيابة والمحكمة) لتشرف علىهم جميعاً المفوضية العلىا للقضاء ويبقى وزير العدل محامياً للحكومة ويتولى الدعاوى المدنية نيابة عنها الى جانب إعداد صياغة مشروعات القوانين. وقال الأستاذ علي محمود حسنين القانوني الشهير في السابق بأسد المحاكم ونائب رئيس الحزب الإتحادي : إن وزير العدل رجل سياسي وحزبي ولا يجوز له أن تكون له أية سلطات قضائية سواء بالقبض أو التحري. وقال: ما فعله سبدرات خطوة للأمام حيث قلل من سلطات النيابة في تنفيذ أوامر القبض ومراحل الإستئناف داخل النيابة. وأضاف: من الناحية القانونية يريد سبدرات أن يعطي إنطباعاً بأن النيابة لا تريد التشفي في المشتبه بهم وإنما تريد للإجراءات أن تسير سيرها الطبيعي بحيث لا يداهم المشتبه بهم ليلاً وأن تكون للبيوت حرماتها، وبأي حال من الأحوال فإن الوزير الحالى أحسن حالاً ممن سبقه. وأبدى حسنين تخوفه من سوء التطبيق عند تنفيذ هذا القرار وقال: (نحن تعودنا التحايل على القوانين فما بالك بالقرارات المستمدة منها) ومع تأييده لقرارات سبدرات ووصفه لها بالخطوات الإيجابية، إلا أنه قال: هي ليست حلاً لإستغلال القضاء حيث ان النيابة بسلطاتها القضائية ينبغي إلا تكون جزءاً من وزارة العدل.