كثيراً ما يصاب المشاهد او المستمع السودانى بخيبة امل كبيرة فى الاعياد عندما يسمع مقدمى البرامج يعتذرون له عن جودة البرامج ب( العيد فاجأنا هذه السنة ) وكأنما امر العيد هو امر طارىء أتى هكذا ولم يك معروفا وقت مجيئه . وبذات القدر يصاب المرء هذه الأيام بكثير من خيبة الامل من اجهزة اعلامنا وهى تتحدث عن وحدة الوطن وتتغنى بالاناشيد الوطنية المثيرة للعواطف ، وكأنما امر الاستفتاء فى تقرير المصير فاجأهم كما العيد . تقرير المصيرامره معروف منذ العام 2005 ، وكلنا يعرف ان هذا البند كان مستعصياً فى مفاوضات اتفاقية السلام الشامل وأخذ وقتا كبيرا جعل من الاستاذ على عثمان ان يترك الوطن ويرابط فى قاعات الاجتماعات حتى تمكن من توقيع الاتفاق ثم عاد وتخلى بموجب الاتفاقية عن منصبه طائعا مختاراً ، ثم مرت السنوات الخمس ولما لم يتبق فى تنفيذ البند الاخير منه الا ايام قلائل اصبحت اجهزة اعلامنا تعمل ، حتى (خلف الله) سيستعينوا به لاقناع الاخوة الجنوبيين للتصويت للوحدة ، ناسين بذلك الوقت الطويل الذى استغرقه النقاش حول هذا البند وان الإخوة الجنوبيين ان لم يكونوا مقتنعين بذلك لما اصروا عليه إبان التفاوض ، بالإضافة الى ذلك ان كان امر التخلى عنه يسيراً الى هذا الحد لتمكن من اقناعهم وقتها الاستاذ على عثمان وهو المحاور البارع والمحامى الضليع صاحب الخلق الرفيع والنفس الطويل ، ولكن اجهزة اعلامنا بكل اسف وضعت كل المقدرات التى يتمتع به الرجل فى كفه ومقدرات (خلف الله) والأناشيد فى كفة ، بل اعتبرت الاخيرة هى الاقدر على اقناع الجنوبى للتصويت للوحدة . حتى متى تتعامل معنا اجهزة اعلامنا بهذا الاستخفاف؟ كنا حقيقة سنحترمها اذا طرحت الموضوع بوضوح ، وعرضت لكل الناس الآثار السالبة لانفصال الجنوب ، ليس ذلك فحسب بل فتحت الباب للشعب للتفاكر فى كيفية تقليل آثاره السالبة على الجانبين الشمالى والجنوبى ، وهيأتهم لذلك على الأقل نفسياً وأن كلا الطرفين سوف يكتوى بنار استحقاق الانفصال . على سبيل المثال ، الجانب الشمالى سوف يخسر الكثير من ايراداته التى لا تقل عن سبعين فى المائة وهى المتمثلة فى البترول المنتج فى الجنوب ، ومما يتبقى له من مورد اقل سيخسر الكثير منه لتوفير الامن فى الشمال بعد الانفصال لكثرة الاخوة الجنوبيين المتواجدين فيه ومازالت النفوس محتقنة من اثار الحرب ، ومازالت بعض سرادق العزاء مقامة لشهداء الحرب بين الجانبين ، بالاضافة الى حماية الحدود التى هى اصلا متعسرة الترسيم . أما الجانب الجنوبى فسوف يخسر الجنوب كله ? الدولة الناشئة - لانهم حتى الان غير قادرين على ادارة اقليمهم ، وبالتالى سوف يجدون مشقة كبيرة فى اقامة دولة وبالتالى ربما يفقدون كل الاقليم الذى سوف تتنازع عليه القبائل الجنوبية غير المتفقة اصلا . اذا تم وضع هذه التحديات والتفاكر فيها ربما يصل الناس الى حلول وسطيه ومقبولة من لدن الطرفين . ش للحديث بعمق كان يمكن للطرفين أن يقررا مبدأ الجنسية المزدوجة بعد تقرير المصير ، ويتفقا على الاستمرار هكذا بالجنسية المزدوجه لمدة يتم الاتفاق عليها بينهما. وخلال تلك الفترة يتمكن الاخوة فى الجنوب من إعداد الكوادر التي تتمكن من ادارة الدولة ، ويتمكن الاخوة فى الشمال من ايجاد موارد بديلة للبترول المنتج فى الجنوب، ومع استقرار الجنوب ، سيتحرك الاخوة الجنوبيون المقيمون فى الشمال الى الجنوب، إذا رغبوا فى ذلك ، وتلقائيا ناتى الى نهاية مرحلة الجنسية المردوجه ، ووقتها يتم التصويت ليس على تقرير مصير الوحدة والانفصال ولكن فى مصير الجنسيتين ، وليذهب الاخوة الجنوبيون الى دولتهم وجنسيتهم طالما اصبح هذا خيارهم ، وبهذه الطريقة سوف يكون ذهابهم بلا مشكلات تعصف بالجانبين . الأمر امر وطن لا بديل لنا غيره احترموا عقولنا يا إعلامنا بل وأعلامنا «الهمزة على الألف» بارك الله فيكم والدين النصيحة .