في إطار الأسبوع الثقافي الذي يقيمه مركز راشد دياب للفنون على شرف الفنان التشكيلي العالمي إبراهيم الصلحي.. نظم المركز أول جلسة حول «الموروث الثقافي وعلاقة الشعوب بالمحتوى الفكري والإبداعي في إطار المعرفة الكونية» وكانت حواراً بين الحضور والمحتفى به الصلحي الذي أشار في حديثه الى أن الموروث الثقافي هو التراث.. وقال كثيرون من الناس يعتقدون إن التراث هو كم مهمل من أجدادنا منذ القدم كأنه لا دخل له بالواضع الحاضر.. مبيناً أن مدرسة الخرطوم التشكيلية التي بدأت في أواخر الخمسينيات وما زالت آثارها مستمرة قامت على الاهتمام بالتراث وأصوله وربطه بالحاضر، وقال إن معرفتنا بالحضارة كانت محدودة وقاصرة إذ أنه ما زالت هنالك أجزاء مهمشة ونجهل كمية من التراث فيها سواء في الشمال أو الجنوب، شرقاً كان أم غرباً ونعرف عنها القليل على حسب السياسي والإداري، وقال إننا نحاول تصحيح هذا الوضع ونثبت حقيقة ان التراث ليس هو ماضي وانتهى دوره.. وقال إن السودان مكون من عدد كبير من العناصر العرقية المختلفة حوالى «200 - 400» قبيلة كونت مزيجاً بشرياً تفاعل مع بعضه البعض وخرج هذا التراث المذهل. وأشار الصلحي الى أنه أقيم معرض في لندن فيه حضارات من حلفا حتى جنوبالخرطوم التي أكدت الوجود البشري في السودان منذ «300» ألف سنة قبل الميلاد، واحتوى المعرض على نماذج بشرية من «معمار وحُلي وخزف» تاريخها يرجع الى تسعة آلاف سنة قبل الميلاد، وهذه الحضارة كانت في وادي النيل قبل حضارة الإهرامات، وهذا دليل قوي بالنماذج التي قدمت في المعرض، مما يؤكد ان الحضارة نشأت في السودان ثم انحدرت الى الشمال.. وقال إن الوجود العربي في السودان قديم بحضاراته وموروثاته التي تبقت منها كمية قليلة ما زالت تمارس لكنها تغيرت مدلولاتها ولو أخذنا العادات والتقاليد مثلاً في الأفراح إن كانت «في الختان أو الزواج» فهو يلبسون الحرير الأحمر دلالة على الدماء والحرز الأزرق دلالة على لون السماء، والأغنيات «عريسنا ورد البحر وقطع جرايد النخل» والنشيد الذي استقبل به الرسول «صلى الله عليه وسلم» في المدينةالمنورة «طلع البدر علينا من ثنيات الوداع».. كل هذه الأشياء متوارثات قديمة وأيضاً الشلوخ والوشم.. مما جعلنا في مدرسة الخرطوم نستقرئ هذه الأشياء ونعتمد عليها كأنها إسلامية بحتة، إن عرضنا الحقيقي في مدرسة الخرطوم التشكيلية هو الإتيان جديد هو قديمنا، وقال إن الجوانب الفكرية أساساً تستند على المتوارث من العادات والتقاليد التي هي تراكمات وتفاعلات حضارية لتصير ركيزة للناس يبتنون عليها.. وقال الصلحي لكن واجهتنا مشكلة إختصار الزمن ليصل الإنسان لمرحلة ويستلم مرحلة من التراث وهل نبدأ من الوثنية القديمة أم نلجأ للجانب المسيحي الذي كانت فترته أطول أم نركز على الفترة الاسلامية فقط، فأجرينا بحوثاً وطفنا على المدن و القرى والأرياف السودانية لنتعرف على ما هو مقبول لدى البيت السوداني ووجدنا لا يوجد شيء معلق فيها يحمل معنى التشكيل إلا الخط العربي إضافة الى زخرف «والعناقريب، والبروش، والكابدلو» «زخرف أفريقي» لكنه ليس خالصاً وقمنا بربط الحضارات مع بعضها البعض حتى نتعرف على حضارتنا وبداياتها بدقة لأننا في السودان ملتقى ومعبر لكمية من الحضارات فيها من بقى وفيها ما اندثر.