من المعلوم انه عندما تتعارض مصلحة خاصة مع المصلحة العامة فمن البديهي ان يكون هناك تنازل لصالح تلك المصلحة العامة عن طوع ورضا وليس قسراً او اجباراً وذلك درءاً لأي أثر ضار قد يحيق بها، فاذا كانت هيئة مياه الخرطوم ترى أن هناك فائدة ستجنيها من وراء عداد الدفع المقدم للمياه الذي بدأت في تطبيقه على مواطني الدرجة الاولى السكنية بالاضافة إلى الشركات والمصانع فيجب ان تضع في حسبانها مدى النفع او الضرر الذي قد يلحق بالمستفيد الاول من المياه الا وهو الانسان. «الرأي العام» استطلعت بعض آراء من يعنيهم الامر وجلست مع اهل الشأن في هيئة مياه ولاية الخرطوم حيث التقت بمدير الادارة العامة للمبيعات التقنية ليلقي الضوء ويجيب على التساؤلات حول تطبيق عداد الدفع المقدم للمياه. --- * آراء متباينة تباينت ردود الافعال ازاء ما يروج حول ادخال نظام الدفع المقدم لخدمة المياه في ولاية الخرطوم وان اتفقت الآراء حول عدم المساس بحق الانسان في الحصول على مياه الشرب دون مقابل مادي مسبق، وفي هذا الاطار يقول آدم كبر عيد -وزير الزراعة السابق بجنوب دارفور: اذا كانت تقنية الدفع المقدم بغرض تجاري «استثمار زراعي- صناعي» فلا ضير من ذلك. ولكن اذا كان للمواطن المسكين او بمعنى آخر لمياه الشرب فهذا أمر غير مقبول وينبغي ان تقدم خدمة المياه مجاناً للمستخدم في الشرب أو «بقيمة رمزية»، فيما يقول المهندس آدم ادريس -وزير الشؤون الهندسية السابق بولاية دارفور -بأنه زار أكثر من دولة لم يجد فيها هذا النظام، واردف قائلاً بأنه يمكن ان يجد تبريراً اذا استخدم في الجانب الاقتصادي ولكن ادخاله في القطاع السكني قد يزيد العبء على كاهل المواطن ويزيده معاناة.. وتساءل قائلاً: «ماذا تبقى للانسان غير الهواء، والمياه متوافرة في السودان ولا تحتاج لكبير عناء للحصول عليها ولا يجب ان يذهب للبحث عنها أكثر من مائتي متر. رئيس شعبة الانشاءات بكلية الهندسة جامعة الخرطوم د. محمد حسنين يرى ان الاستثمار في العدادات لا يعتبر اولوية خاصة اذا نظرنا الى حجم التوسع في السنوات الماضية وعدم مقابلته باستثمارات في تطوير الشبكة ولا يجوز فرض الدفع المقدم قبل توفير المياه. واذا كانت الهيئة تبحث عن آلية لتطوير الشبكة فعليها البحث عن آليات اخرى غير الدفع المقدم ويمكنها ان تبحث عن تمويل داخلي او خارجي لتحسين الشبكة وتضع المعايير الدولية لمشاريع البنية التحتية. الفريق معاش «عبد الرحمن سعيد» وزير الحكم الاتحادي السابق يتساءل: لماذا لا يدفع الدستوريون مقابل خدمة الكهرباء والماء، ويدفع المواطن قيمة مياه الشرب مقدماً؟ واردف: لا يمكن ان ندفع ثمن مياه الشرب ونحن نعيش بين نيلين، وابدى اعتراضه على تصنيف المناطق بالدرجات لألحاقها بعدادات الدفع المقدم. ? المستهدفون ولمعرفة رؤية الجانب الرسمي جلسنا الى المهندس هاشم حسن محجوب مدير الادارة العامة للمبيعات التقنية بهيئة مياه ولاية الخرطوم الذي تحدث الينا قائلاً حول ما يتعلق بالفئات المستهدفة بتقنية عداد الدفع المقدم، ان الهيئة تستهدف البنايات ذات الطوابق المتعددة والشقق بمناطق الدرجة الاولى، واضاف بأن المباني العادية «بدون طوابق» لا يسري عليها النظام، ولكن هنالك منازل عادية دون طوابق ومساحتها كبيرة وتضم حدائق مثل بعض المساكن في «بري» ينطبق عليها النظام الجديد، واردف: اتانا مشترك يحتج على تركيب العداد في منزله الذي وجدناه كبيراً جداً ومساحته حوالى نصف فدان وبه حديقة، وفيما يختص بسير عملية تركيب العدادات قال المهندس هاشم انهم انجزوه بالقطاعات التجارية مثل المصانع والشركات، وان شاء الله سنستهدف في المرحلة المقبلة «10» آلاف مشترك والآن يجري العمل في تركيب العدادات ل «7» آلاف مشترك. بواسطة «10» شركات تنفذ هذا المشروع، ويمكننا القول بأن العمل بدأ في كل مكاتب الولاية بعد ان كان محصوراً في وسط المدن الكبيرة في الولاية، ويمضي هاشم قائلاً بأنهم وجدوا تذمراً واحتجاجاً من بعض اصحاب الشركات والمصانع ولكنه كان محدوداً، وابدى استغرابه من الاحتجاج الذي تلقوه من المؤسسات الحكومية، واستطرد: من المفترض ان تكون هذه المؤسسات الحكومية مدركة وملمة بالمشروع وجدواه. التكاليف تبلغ تكلفة الرسوم الشهرية للعداد حسب الحجم فمثلاً العداد الذي سعته بوصة واحدة تبلغ رسومه «15» جنيهاً والمبنى الذي يضم اكثر من ساكن نطالبه فقط بتكلفة التوصيلة الجديدة. ورد المهندس هاشم على تساؤلات واحتجاجات بعض السكان على طريقة الموظفين الذين يدعون تبعيتهم للهيئة قائلاً: نحن لدينا شركات خاصة تتبع للهيئة لديها تفويض بذلك ونمنحهم بطاقات تثبت انهم تابعون للهيئة.. ونرسل اشعاراً للمشترك ليرتب اوضاعه قبل اسبوع من تركيب العداد والتنفيذ. وفيما يتعلق بحديث البعض حول عدم جدوى تركيب العدادات في ظل ازمة انقطاع الامداد المائي يقول المهندس بأن المياه لا تنقطع الا لظروف طارئة كانفجار الشبكات او قفل البلوفة ،وفيما يختص بتوافر الامداد المائي الهيئة الآن تنتج حوالي «مليون ومائتي» متر مكعب في اليوم وان افترضنا ان الفاقد «30%» من حجم المنتج فان الكمية التي تذهب للمستهلك مطابقة للمعايير الدولية لاستهلاك الفرد أي «120» لتراً في اليوم فيما يسكن الولاية، وطبقاً لآخر تعداد سكاني «5.600» ملايين نسمة، وبالتالي نحن لدينا فائض لاستخدام المياه لاغراض اخرى. وعن مميزات العداد قال المهندس انه ينبه المشترك بنفاد الرصيد او تقطع المياه احياناً لحماية العداد ويجوز هنا ان يكون القطع لصالح المشترك لذا نوجه بالاطلاع على «المرشد» الخاص باستخدام العداد فيمكن احياناً ان يقطع عداد المياه ليلاً اذا كان هناك استهلاكاً زايد لتنبيه المشترك بأن هناك شيئاً غير طبيعي مما يدفع بالمشترك لمراجعة الصنابير او الشبكة الداخلية اذا كان هناك تسرب، وننبه المشتركين بأن يحسنوا الظن بهذه الخدمة التي ستساعدهم كثيراً في معرفة حجم استهلاكهم للمياه وبالتالي يمكنهم ترتيب اوضاعهم الخاصة فيما يختص بخدمة المياه ويجنبهم الازعاج من قبل المتحصلين.. كما انه يوفر السيولة للهيئة لتحسين الخدمة.