كأنّهم يقولون لنا دعوا الوطاويط تؤدّى وظيفتها الليليّة فى التحليق فوق الآدميين ولا تقطعوا عليها الطريق فهى من الكائنات الحيّة... دعوا البعوض ولا تحاولوا التخلص منه، فللبعوض دور أساسى فى حفظ المعادلة البيئيّة... حافظوا على الوطاويط ولا تتورّطوا بالتخلّص من البعوض حتى لو آذت البعض حساسيّة الربو الشُعَبى، ولسعة البعوض! هذا هو المنطق الذى يُسَوّقُ له دفاعاً عن بقاء قطاع الشمال فى الهواء السياسى و(فلول) جيشه فى الهواء العسكرى... حافظوا على قطاع الشمال بالرغم من الحساسية التى يصيب بها المواطنين والقرص العلنى الذى يقرصونوهم به... فالبديل هو الحرب! غريب أمر الشرعيّة فى السودان، تُمنح لا من أجل المصالح المُرْسَلة، ولكنْ سدّاً للذرائع... أنْ يُمنح قطاع الشمال الشرعيّة خوفا من أذاه... أن تُبقِى على القطاع وتدمج فلول جيشه درءاً للحرب... نسمح لقطاع الشمال ومكوّناته المليشية التى تحاربنا فى هذه اللحظة، ونفسح له فى المجالس فقط تجنباً لصراع يلد حرباً... هذا المنطق يمكن أن يقال على طاولة المفاوضات، لكنْ لا يمكن أن يُبث من خلال مسامات الوعى العام، ألا نجد سبباً أوجه من أنْ نترك حرية العمل لقطاع الشمال بعناصره ومقاتليه السابقين واللاحقين غير اتقاء شره! لقد جرّبنا قطاع الشمال فى عمليّة التحوّل الديمقراطى فى جنوب كردفان... فعندما هزمته صناديق الانتخابات فتحوا على مواطنى الولاية صناديق الذخيرة التى لا يعرف أحد أين مصدرها! هل يُعقل أن ينبرى الوالى الوحيد من القطاع فيصف المشهد على الأرض بولايته فيقول أن هنالك فى ولايته جيشان (يقصد القوّات المسلحة والجيش الشعبى) فيختصر المشهد بأنّ (كل جيش بيحمّر للتانى)، ويريد أن يبنى على توصيف هذا المشهد العسكرى وجوب قبولنا الإكراهى للإتفاق الاطارى أطاره الله عنّا! لن نرضى بقطاع الشمال ولا بجيشه فى جسمنا السياسى ولا جسمنا العسكرى... قد نقبل أن يذوب الكيانان السياسى والعسكرى لقطاع الشمال فى الأحزاب التى تروق لأعضاء القطاع... وأن تذوب مليشيتهم فى جسمنا العسكرى الشرعى بعد نزع سلاحهم وتسريحهم واعادة دمجهم، وبعد تفكيكهم واعادة تركيبهم!!