لأمر خطير للغاية ان تتصدر اخبار اساتذة الجامعات واوضاعهم صفحات الصحف اليومية ووسائل الاعلام الاخرى. وآخر تلك الاخبار الاضراب الذى نفذه الاساتذة والعاملون بجامعة الخرطوم احتجاجا على عدم صرف مستحقاتهم المالية لاكثر من ثلاث سنوات، فقد دخل العاملون بجامعة الخرطوم منتصف الشهر الماضى فى اضراب عن العمل لمدة ثلاثة ايام احتجاجا على عدم دفع استحقاقاتهم المالية لمدة ثلاث سنوات البالغة (27) مليون جنيه وهى عبارة عن البديل النقدى وبدل التذاكر ومكافأة نهاية الخدمة، وقال رئيس الهيئة الفرعية لعمال التعليم العالى بجامعة الخرطوم (عباس يوسف التجاني) ان الاساتذة والعاملين اضطروا الى خيار الاضراب والتوقف عن العمل بعد تنصل وزارة المالية والجامعات عن مسؤولية دفع الاستحقاقات خاصة ادارة جامعة الخرطوم. مؤكدا تمسكهم بحقوقهم بعد ان وصلوا الى طريق مسدود مع الجهات المختصة واغلاق كافة الابواب فى وجوههم. وافاد ان الاساتذة والعاملين بجامعة الخرطوم يفوق عددهم الستة آلاف شخص. وطالب التجانى الدولة بالتدخل العاجل لحل الازمة بغية استقرار العام الدراسى .. وساد غموض مصير طلاب كلية الصيدلة جامعة النيلين بعد ان كان طلابها على اعتاب التخرج حين اصر مديرها على دمجها مع كلية الطب الامر الذى دفع اعضاء هيئة تدريسها للاعتراض على هذا المسلك.. فما حقيقة أوضاع أساتذة الجامعات؟ --- مصلحة الطلاب قال اعضاء هيئة التدريس بكلية الصيدلة جامعة النيلين لايمكن ان يدرس طلاب ثلاث واربع سنوات بكلية ثم يفاجأوا وهم على اعتاب التخرج أن المدير لايعترف بها بعد كل هذه المدة. بل اكد اعضاء هيئة التدريس وقتها ان المدير اكد انه لاتوجد لديه كلية صيدلة فبدلا أن يستمع المدير للنصائح التى أبداها اعضاء هيئة التدريس كان المزيد من الاصرار مما دفعهم لتقديم استقالاتهم بصورة جماعية، وفي الاسبوع قبل الماضي قال أساتذة بكلية الطب جامعة دنقلا التقتهم (الرأي العام) ان مطالبهم مشروعة ولكن مدير الجامعة يصر على انها غير ذلك وناشدوا المدير بان يستمع لملاحظاتهم لانها تأتى في اطار مصلحة الطلاب بالكلية وقالوا متسائلين ما الغرابة في ان يطالب الاساتذة بميز وقاعة دراسية للطلاب لانهم فى امس الحاجة اليها وبجزء يسير من الاستحقاقات من دخل الكلية لانها كلية لديها موارد معتبرة من القبول الخاص واضافوا فبدلا ان يواجه المدير المشكلات البنيوية التى تهدد مسيرة الكلية بالحل، يهرب للامام منصرفا عن القضية الاساسية. هجرة مزعجة: أوضاع اساتذة الجامعات المتدهورة فى الفترة الاخيرة دفعت الكثير منهم للهجرة للعمل فى جامعات اقليمة وعالمية وقال مدير جامعة الخرطوم السابق البروفيسور مصطفى ادريس انه كان يوقع مابين (6 - 7) طلبات من الاساتذة بالجامعة بغرض الهجرة للعمل بالخارج فى جامعات اقليمية وعالمية. وهنا تعليقا على هذه الجزئية من الحديث حول هجرة الاساتذة يؤكد اكاديميون ان هذه النسبة من الهجرة مزعجة للغاية خاصة ان الجامعات السودانية تعانى من نقص حاد فى اعضاء هيئة التدريس المؤهلين، واشاروا إلى ان التعامل بغلظة مع اعضاء هيئة التدريس دفع الكثير منهم بالتفكير بالهجرة هروبا من جحيم الجامعات السودانية التى لايفكر مديروها الا في ذواتهم ونطاقات ضيقة مما ادى بدوره لتدهور مجمل العملية الجامعية بالبلاد. واضافوا فعلى وزارة التعليم العالى ان تعيد النظر فى السياسات المتبعة فى ادارة تلك الجامعات والا ستكون النتيجة مخيبة للآمال عند تقييم تجربة التعليم بصورة علمية محايدة. تفاوت المستحقات ويقول د. شمس المعارف التوم استاذ الادارة بالجامعات السودانية ان الاستاذ الجامعى يواجة ظروفا اقتصادية صعبة. وقال ان ترك الحبل على الغارب لادارة الجامعات بالتحكم فى تحديد رواتب الاساتذة ومستحقاتهم دفع بعض المديرين بتلك الجامعات بتوزيع تلك المرتبات والمستحقات بأمزجتهم. واشار الى ان هناك تفاوتا فى مستحقات الأساتذة من نفس الدرجة فى كلية واحدة. واضاف بل هناك من يستلمون مستحقاتهم دون تأخير اما الكثير من الاساتذة فلا يستلمون مستحقاتهم لعدة اعوام. واضاف وعندما يسألون عنها يكون مصيرهم المزيد من الضغوط. وقال ان هذا الامر دفع بالعديد من الاساتذة الجامعيين فى التفكير فى بدائل اخرى فمنهم من هاجر للخارج ومنهم من يعمل فى اكثر من جامعة وقال: وهذا الأمر (استاذ الشنطة) يعد مرهقا للاستاذ الجامعى ويقلل من تركيزه فيما يتعلق بالاداء الاكاديمى. ويضيف: على وزارة التعليم العالى ان تسعى لتقنين العلاقة بين اساتذة الجامعات وادارة تلك الجامعات مما يسهم بدوره فى الاستقرار الاكاديمى بالجامعات . الموارد ضعيفة فيما يؤكد مدير جامعة سودانية عريقة - فضل حجب اسمه - ان وزارة التعليم العالى رفعت يدها تماما عن تمويل الجامعات حتى فى الفصل الاول المتعلق بمرتبات الموظفين بالجامعات وقال ان الجامعات ميزانياتها ومواردها ضعيفة لاتسمح بتحسين اوضاع الموظفين بالجامعات بمن فيهم هيئة التدريس. واوضح ان الجامعات تعتمد بشكل اساسى فى عملية تمويل انشطتها على مواردها الخاصة التى يأتى معظمها من برامج القبول الخاص مؤكداً ان الكثير من الاساتذة الجامعيين المؤهلين فضلوا الهجرة لتحسين اوضاعهم، وقال ان الجامعات فى الفترة الاخيرة اصبحت تعانى من نقص حاد فى هيئة التدريس نسبة لهجرة الاساتذة للخارج. مبينا ان وزارة التعليم العالى اوقفت كل البعثات الدراسية التى تسهم فى تأهيل الاستاذ الجامعى. واضاف واصبحت تعتمد على المنح الدراسية من بعض الدول الصديقة ولكن المنح دائما لا تفى بالغرض المطلوب وتأتى فى تخصصات متاحة اصلا بالداخل.