لم يكن اكثر الناس تفاؤلا يتوقع ان يصمد اتفاق داكار للمصالحة بين السودان وتشاد، كما حدث التراجع عن اتفاقات وتفاهمات سابقة فى طرابلس والرياض، فشلت جميعها فى وضع حد للتوتر فى العلاقات من خلال الحملات الاعلامية المتبادلة والتوترات الحدودية، ولكن الانهيار السريع لاتفاق داكار الاخير، يفتح الباب امام جولات جديدة من المواجهات بين البلدين، ويؤخر المصالحة والعودة علاقة الجوار الحسن بين البلدين الضاربة فى التاريخ والجغرافيا والتركيبة الاثنية ذات المصالح والوشائج المتداخلة. ومع تجدد المعارك بين القوات الرسمية التشادية وقوات المعارضة فى الشرق على تخوم الحدود السودانية التشادية ، تجددت اتهامات تشاد التقليدية للسودان بدعم المعارضة، ودعت شهود اتفاق داكار وضامنيه الى التحرك السريع لتفادى العواقب الوخيمة لهذا الهجوم الذى اعتبرته تشاد خرقاً من جانب السودان لاتفاق داكار الذى نص على التزام كل طرف بعدم دعم المعارضة المسلحة ضد الطرف الآخر، وعدم تسخير أراضيه لخدمة اغراض المعارضة المسلحة، وهو نص ظل دائم الحضور والتأكيد عليه فى اتفاقات المصالحة بين البلدين كافة، ومع ذلك نجد الطرفين كثيرا ما يتبادلان الاتهامات بالوقوف وراء نشاط المعارضات المسلحة على أو عبر الحدود بين البلدين. واندلعت صباح امس الثلاثاء معارك في اقصى شرق تشاد بين المعارضة والقوات الحكومية اتهمت وزارة الدفاع التشادية السودان بالوقوف وراء هذه المواجهات، وجاء في بيان صادر عن الوزارة «هذا الصباح الاول من ابريل 2008 عبر مرتزقة (متمردون) الحدود بأمر من الحكومة السودانية لمهاجمة بلدة اديه في انتهاك لمختلف الاتفاقات الموقعة». واضافت الوزارة ان «القوات الحكومية تصدت للعدو الذي اصبح في حالة تشتت». ومن جانبه اعلن التحالف الوطني الذي يضم غالبية مجموعات المتمردين التشاديين المناهضة للرئيس ادريس ديبي، ان القوات الحكومية شنت هجوما عليه صباح الثلاثاء. واوضح مسؤول متمرد ان المعارك متواصلة وان التحالف الوطني يسيطر على بلدة اديه. ويأتى تجدد المعارك بين المعارضة التشادية والقوات الحكومية بعد ان فشلت محاولة المعارضة السيطرة على السلطة فى العاصمة انجمينا،عندما حاصرت الرئيس ديبي في القصر الرئاسي، ولكنه تمكن بفضل دعم عسكرى فرنسى من صد الهجوم عليه، ويطرح تجدد المعارك سؤالاً محورياً، هل فعلا انتهت الهدنة القصيرة بين ديبى والمعارضة التى لملمت اطرافها بعد انسحابها من محيط العاصمة مطلع فبراير الماضى، وهل هذا الهجوم مجرد اعلان لتواجدها وفاعليتها بعد راجت انباء عن دخولها فى مفاوضات سرية مع حكومة ديبى للتخلى عن خيار العمل المسلح ضده؟ ويأتى هذا التصعيد فى الخطاب الاعلامى التشادى ضد السودان بعد اقل من شهر على اتفاق العاصمة السنغالية داكار الذي وقع عليه الرئيسان السودانى عمر البشير والتشادى ادريس دبيى الذي توسط فيه الرئيس السنغالي عبد الله واد وحضر مراسمه بان كي مون الامين العام للامم المتحدة، تعهد رئيسا تشاد والسودان بعدم السماح للمتمردين باستخدام اراضيهما لشن هجمات ضد الحكومة، واتفاق داكار هو السادس بين البلدين الجارين ،وما يميزه عن الاتفاقات السابقة هو النص على تكوين مجموعة اتصال هدفها متابعة وتنفيذ الاتفاق ومراقبة أي انتهاكات محتملة». هذه المجموعة ترأسها ليبيا والكونغو، بالإضافة إلى السنغال الوسيط الأساسي في المفاوضات الأخيرة، والغابون وإريتريا وتجمع الساحل والصحراء والمجموعة الاقتصادية لأفريقيا الوسطى والاتحاد الأفريقي.ويقضي الاتفاق بأن تجتمع مجموعة الاتصال مرة كل شهر في إحدى عواصم الدول الأعضاء فيها، ويمكنها عقد اجتماعات استثنائية في حالة وجود شكوى مقدمة من أحد الطرفين.