كثيرا ما تنقل الصحف انباء عن العثور على جثث او احياء ناجين في عرض البحر الاحمر وهم في طريقهم للسعودية وغيرها عبر ( سنبوك ) ...ومع ان مثل هذه الاخبار تبدو مزعجة للسلطات والمواطنين الا ان الاكثر ازعاجا ان تلك الاخبار تتحدث عن الذين تم العثور عليهم احياء او امواتا .. ليقفز السؤال الاخطر ماذا عن الذين لم يتم العثور عليهم ؟ كم هم اؤلئك الذين ذهبوا لقمة سائعة لاسماك القرش واعماق البحر الاحمر ؟؟؟ وللاسف الاجابة القاطعه لتلك الاسئلة لا يملكها احد لان تجارة تهريب البشر تتم بدون اوراق ثبوتية وفي جنح الليل وهي مغامرة لا تحتمل سوى حالتين: اما الوصول لسواحل السعودية او اللحاق بقائمة الضحايا المجهولين ممن لا يملكون قبورا لان البحر او اسماك القرش قد ابتلعتهم في بحر المالح ... في الحلقة الاولى من هذا التحقيق تناولنا تهريب البشر عبر البحر الاحمر او ما أصطلح عليه بين المهربين ب( الكوبية ) وعبر الاسطر التالية تواصل ( الرأي العام ) الغوص في تفاصيل هذه التجارة غير المشروعة وتتناول رحلات تهريب البشر عبر البر والتي تنتهي في الغالب بتسلل اجانب الى اسرائيل عبر الاراضي السودانية بشرق السودان .. وما بين الاسطر نعكس جهود الشرطة والجهات المسئولة للحد من الظاهرة . ----------------------- تسلل عبر طرق وعرة بين الجبال عبر ( عقبة نكسوب ) او ( حمردوم ) وهي مناطق تقع في منطقة الجبال الشمالية لمدينة بورتسودان وتظهر مؤشرات رحلات تهريب البشر واغلبهم من الاجانب الاثيوبيين والارتريين الى الاراضي المصرية عبر طرق وعرة بين سلسلة جبال البحر الاحمر.. ويكشف مدير ادارة الجنايات بشرطة ولاية البحر الاحمر العميد شرطة احمد عثمان محمد خير عن بداية التقاطهم لخيط حالات تهريب البشر في اتجاه الحدود المصرية ويشي الى انه وفي الآونة الاخيرة ظهرت حالات تسلل بري وغالبية هذه الاعداد من المتسللين من دول اثيوبيا وارتريا والصومال اذ يعبرون عبر المنطقة الشمالية من حلايب وما وصلنا من معلومات يشير الى ان رحلات التسلل هذه بداية للتسلل لاسرائيل بدافع العمل او البحث عن مواطنة ولجوء، ويذهب مدير الجنايات الى ان حالات التهريب المذكورة تبدو حتى الآن حالات فردية الا انها احيانا تتم عبر مجموعات مقدرة. ضبط (200) متسلل من الاجانب في الفترة من 6-6-2007 وحتى ما بعد منتصف مارس 008 2 دونت تسعة بلاغات كبيرة في مواجهة ما يزيد عن (200) من الارتريين والاثيوبيين والصوماليين وهم داخل الاراضي السودانية في طريقهم نحو التسلل الى مصر ومنها الى اسرائيل وفقا لافادات العميد شرطة احمد عثمان مدير جنايات البحر الاحمر الذي يرسم تحليلا من واقع مسئولياته الشرطية بان الخارجين على القانون من المهربين الذين ولجوا ساحة تهريب الاجانب الى مصر هم جزء من عصابات التهريب عبر البحر الاحمر التي اتجهت للعمل في تهريب البشر عبر البر سيما بعد تضييق الخناق عليهم من قبل الاجهزة الامنية السودانية على طول الساحل السوداني عبر تشديد الرقابة على رحلات ( الكوبية ) عبر السنابك في البحر الاحمر، ويكشف مدير الجنايات عن وجهة الشرطة للحد من تهريب البشر عبر خطة مدروسة ومحكمة وقال: (كشرطة رأينا ان نتوجه لوقف هذ الجريمة عبر عمل أمني متكامل يبدأ بضبط الوجود الاجنبي بولاية البحر الاحمر) ويؤكد العميد احمد عثمان قدرة الشرطة على ملاحقة الجريمة.. بيد انه يرى ضرورة اعادة النظر في تشريع المادتين (31و32) من قانون الجوازات والهجرة الخاصتين بالتسلل والاقامة بطريقة غير مشروعة بالبلاد . طبيعة قاسية تخفي طرق المهربين المنطقة شمال عاصمة او لاية البحر الأحمر بورتسودان ممتدة و شاسعة و تتسم بالوعورة وتسهل في تضاريسها عمليات الاختفاء سيما وان المهربين يعرفون خريطة المنطقة وجغرافيتها بشكل دقيق مستفيدين من المامهم بطبيعة المسالك وبعدها عن المناطق المأهولة بالسكان، ويشير مدير الجنايات بشرطة ولاية البحر الاحمر العميد احمد عثمان الى ان الشرطة وضعت خطة لمكافحة التسلل بالاستفادة وتوظيف الدفعة الجديدة من قوا ت الحدود لتعزيز وجود ودور الشرطة في بسط الامن وارساء سلطة القانون، ويضيف بان هناك خطة شرطية لانشاء شرطة سواحل بالمنطقة . المعلومات التي حصلت عليها ( الرأي العام )تبين ان غالبية المتسللين عبر عصابة التهريب الى مصر من الارتريين الذين يتسللون الى الحدود السودانية مع دولتهم ومن ثم يبحثون عن المهربين لتسهيل رحلتهم عبر سلسلة جبال البحر الاحمر والطرق الوعرة الى الحدود المصرية.. وتشير الروايات المتداولة الى ان دور شبكة المهربين تمتد حتى منطقة بعينها قرب الحدود مع مصر لتتولى امر المتسللين بعد ذلك مجموعة من قبيلة حدودية توظف وجودها الجغرافي لمساعة المتسللين لدخول الاراضي المصرية لتتولى مجموعة اخرى توصيلهم لمناطق يعبرون من خلالها الحدود المصرية الى اسرائيل على امل الحصول على لجوء او فرص عمل في مزارع العنب . غير ان بعض ذوي الصلة بملف تهريب البشر عبر الشرق ذهب في اتجاه ان المهربين لجأوا في الفترة الاخيرة وعلى اثر الرقابة الامنية المشتركة التي تمت في منطقة ( هيا ) الى التحرك الى اطراف ولاية نهر النيل . ومن جهتهم يرى المهتمون ان التشريعات السودانية فيما يخص تسلل الاجانب تستحق المراجعة بهدف الوصول لتشريعات تناسب عقوبتها خطورة الجريمة بجانب ضرورة دراسة امكانية ادراج هذا النوع من الجرائم ضمن الجرائم العابرة للدول في التشريعات السودانية، بيد ان اهم ما اشار اليه المختصون هو ان القانون المعمول به بالسودان لا يتضمن مصادرة وسائل الحركة المستخدمة في جريمة تهريب البشر على حد رؤيتهم كما هو الوضع في حال تهريب البضائع وفقا لقانون الجمارك السودانية، ودعا المهتمون كذلك الى مراجعة التشريعات فيما يخص مسئولية ووضعية الوسطاء في الجريمة . ويبقى القول: ان جريمة تهريب البشر براً كانت او بحراً رغم محدوديتها المشار اليها تبرز تحديات كبيرة امام الجهات المسئولة في عدة اتجاهات اولها: اهمية مراجعة التشريعات القانونية ذات الصلة بالجريمة وتعزيز قدرات شرطة ادارة الحدود المختصة بمهام مكافحة التهريب والتسلل سيما وان مهامها تتسع وفقا لاتساع رقعة السودان الجغرافية وحدوده .