أحسب أن أهم الأحداث التي طرأت على الساحة السودانية العريضة الأسبوع الماضي هو الدورة «41» لمؤتمر غرف التجارة والزراعة للبلاد العربية.. انعقد بالخرطوم الثلاثاء الماضي، وكان قد خاطب هذه الدورة الأخ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية الذي أكد معالجة غياب السياسات في الاستثمار وأوضح بأن الدولة ستضع النقاط فوق الحروف وتضع الأولويات وتحديد الأدوار المهام لمعالجة مشاكل الاستثمار في السودان والدول العربية. أهمية هذه الدورة أنها تعالج أهم قضايا العصر.. وهي تحقيق الكفاية الغذائية والتطور الاقتصادي في هذه الأقطار المشاركة في الدورة وأحسنت الأقطار باختيار السودان لحضورها لأنه موطن الرجاء والأمل بما يزخر به من إمكانيات هائلة تفتقر إلى إنهاضها بالاستثمار وتوجيه المال للأرض والأيدي العاملة لكي تصوغ في هذه الأرض الزراعية أناشيد الفلاح بتفجير الخير العميم للسودان والدول العربية كلها. قال طه في فاتحة الدورة هذه: »نريد أن نؤسس شراكة اقتصادية تقوم على قاعدة - لا ضرر ولا ضرار- وباقتسام المنفعة«.. ومما جاء في طرحه: »نريد أن نصل لصيغة تشاركية تضمن ربحية المستثمر والمواطن والدولة وأن يقوم الاستثمار على احترام حقوق المواطن.. وهنا كان لابد أن يدعو الدول العربية لتبني إستراتيجية مشتركة لتجسير الهوة بين الإنتاج والطلب على المنتجات الغذائية. وكان لابد من تحقيق هذه الأهداف على الأخص وأن الفجوة الغذائية في الوطن العربي تقدر بنحو »37« مليار دولار وفق آخر إحصائية للعام »2010م« وفي المقابل هناك ازدياد في نمو السكان بمعدل «2.2%» في السنة ولا يفوت على أحد أن بدايات العام الحالي شهدت ثورات عربية في بعض الدول مما زاد من الهوة في الفجوة الغذائية، وقد قدرت أحجام الخسائر الناجمة عنها بنحو »56« مليار دولار في ظل محدودية المياه والأراضي بفعل التصحر والجفاف.. ولهذا جاءت استضافة السودان لفعاليات هذه الدورة بالغة الأهمية والخطر وأنها ندوة «آفاق الأمن الغذائي العربي ودور القطاع الخاص« بمشاركة «17» دولة. وكما قال الصحفي الكبير عبد الرؤوف عوض »الرأي العام« في تغطيته لهذا الحدث الكبير: »يأتي انعقاد هذه الفعاليات بالخرطوم باعتبار أن السودان أحد ثلاث دول في العالم يعول عليها في تأمين الغذاء العالمي في ظل مهددات الأمن الغذائي التي يواجهها العالم قاطبة والوطن العربي على وجه الخصوص«. من المشاركين في أطروحات آفاق الأمن الغذائي العربي ودور القطاع الخاص في هذا الملتقى المهم رئيس مجلس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية السيد عدنان القصار الذي قال: إن اختيار الخرطوم لم يكن بمحض الصدفة وإنما جاء لتمتع السودان بموارد وإمكانيات كبيرة تؤهله لسد أزمة الغذاء خاصة بعد وضع العديد من السياسات المحفزة لجذب الاستثمار في السودان، ودعا القصار لاعتماد إستراتيجية جديدة للارتقاء بالإنتاج الزراعي وصناعته عبر بيئة تشريعية مشتركة تمهد لبنية تحتية للقطاع الخاص تمكنه من الانطلاق استناداً إلى التقنية الحديثة لتحقيق النقلة المرجوة خاصة وأن هناك حاجة إلى «63» مليار دولار خلال السنوات المقبلة لتنفيذ الخطط الموضوعة في قمة الكويت داعياً الدول العربية لضرورة سن التشريعات واعتماد إستراتيجية تحقق الارتقاء بالزراعة والتصنيع والاهتمام بالبنى التحتية. نحسب أن الدول العربية بملتقاها هذا قد خطت صوب الفعل وأمامها هذا السودان الزاخر بإمكانيات لا مثيل لها في بقية الأقطار، والله الموفق.