وجه رجال أعمال ومستثمرون عرب شاركوا في ندوة «آفاق الأمن الغذائي العربي ودور القطاع الخاص» انتقادات شديدة للحكومة السودانية وشددوا على أن معوقات الاستثمار الرئيسة بالسودان لم تراوح مكانها منذ العام 1990 وطالبوا الحكومة بالتعامل مع قضاياهم كمستثمرين. وحمل رئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة الشيخ صالح عبدالله كامل الحكومة السودانية مسؤولية إحجام المستثمرين، ووصف سياساتها بالمختلة والمتذبذبة الخطط والبرامج، معتبراً تأرجح السياسات المالية والاقتصادية والسياسية واختلال علاقات العمل وعدم ضبطها بالقوانين وفقدان المصداقية والتراجع عن العقود وعدم الالتزام بها سبباً في تراجع الاستثمار بالسودان. جدلية الضرائب وقال صالح إن الحكومة تنظر للضريبة كأداة لملء خزينة الدولة وسد الثغرات في الموازنة العامة، وشدد في كلمته أمام الندوة وفي حضور النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه على ضرورة الابتعاد عن منح الأولوية للنفقات السيادية وتوجيهها لمدخلات الإنتاج، ودعا إلى إيجاد الأسس السليمة لاستمرارية العملية الاقتصادية مع الترحيب بالمستثمر والعمل على إبقائه أطول فترة ممكنة بالبلاد بعيداً عن النبذ وعدم الترحيب. واعتبر كامل المستثمر الذي لا يعرف كيف يربح غير مجدٍ وطالب بإعادة النظر في قانون الاستثمار وإعادة تقييم أصول المنشآت الاستثمارية لكي لا تتآكل رؤوس أموالها بفعل التضخم وتدني سعر صرف العملة المحلية وإعادة النظر في الوعاء الضريبي مع تكوين صندوق لتأمين المشاريع الاستثمارية لحمايتها من مخاطر تذبذب العملة وأن يبدأ تحصيل الامتياز الضريبي بعد أول ميزانية رابحة للمشروع الاستثماري مع قصر أخذ الضريبة على الأرباح. تكامل الأدوار وانتقد كامل اعتماد الدول العربية على استيراد السلع من الخارج واعتماد اقتصاداتها على السلع المستوردة، ودعا إلى ضرورة تكامل الأدوار والاستفادة من موارد الدول العربية، مبيناً أن ركائز الأمن الغذائي الآن متوافرة في العالم الإسلامي ب ال(58) دولة والتي تمثل (23%) من مساحة اليابس، و(80%) من إجمالي المواد الخام و(70%) من البترول و(82%) من الغاز، إلا أنه ورغم وجود هذه الموارد فإن (الثالوث الخطير) متمكن في العالم الإسلامي رغم الموارد الكبيرة، وأشار إلى ضآلة الاستثمار الزراعي، داعياً إلى ضرورة التكامل والتعاون مع احترام قيمة العمل بين الدول العربية والإسلامية، وقال إن العمل هو خط الدفاع الأول لجذب الرزق وأن الأمة الإسلامية لديها ما يكفي ولكن عدم الاستفادة من الموارد زاد من معاناة الدول، وزاد من الديون الخارجية. القطاع الخاص من جانبه أكد عدنان القصار رئيس مجلس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية أن السودان يتمتع بإمكانياته وموارده يمكن أن يوفر ربع احتياجات العالم من الغذاء، وأضاف: نحن فى الاتحاد من أولوياتنا الدخول في استثمارات وتفعيل دور القطاع الخاص لمعالجة ارتفاع أسعار السلع في الوطن العربي، مشيراً إلى أن أزمة الغذاء من المهددات التي تواجه الوطن العربي. ودعا القصار لاعتماد إستراتيجية جديدة للارتقاء بالإنتاج الزراعي وصناعته عبر بسط بيئة تشريعية مشتركة تمهد لبنية تحتية للقطاع الخاص تمكنه من الانطلاق استناداً إلى التقنية الحديثة لتحقيق النقلة المرجوة، خاصة وأن هنالك حاجة إلى 63 مليار دولار خلال السنوات المقبلة لتنفيذ الخطط الموضوعة والمعتمدة في قمة الكويت، داعياً الدول العربية لضرورة سن التشريعات واعتماد استراتيجية تحقق الارتقاء بالزراعة والتصنيع والاهتمام بالبنى التحتية. عوامل النجاح وطالب نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه الدول العربية والإسلامية بالتوافق على سياسة وإستراتيجية عربية مشتركة بين الحكومات والقطاع الخاص وتحديد عوامل النجاح المفتاحية لتخطي عقبة نقص الغذاء عبر استجلاب التقانات الحديثة ورفع الكفاءات والطاقات البشرية وإعداد الأراضي وتهيئة فرص الاستثمار وتوفير التمويل والدعم المطلوب وإعادة النظر في القوانين والتشريعات وبيئة عمل الاستثمار والعمل على تجاوز القطيعة بين المستثمرين ومقدمي الامتياز ودعا لنهج سياسة استثمارية سليمة دون الإخلال حفاظاً على حقوق المستثمر والمواطن على حد سواء. وأكد طه على ضرورة النظر في قانون الاستثمار بالسودان لإحداث نقلة نوعية في الاستثمارات، مبيناً تهيئة المناخ لإحداث النهوض بالقطاع الزراعي عبر برنامج النهضة الزراعية لتحقيق الأمن الغذائي بالتركيز على خلق شراكة اقتصادية حقيقية، وأشار إلى أنهم يعملون للوصول إلى صيغة تشاركية تقوم على منفعة وربحية المستثمر وصاحب الأرض والدولة. الأمن الغذائي استضافت الخرطوم الأسبوع الماضي آفاق الأمن الغذائي العربي بمشاركة 17 دولة عربية وسط حضور كبير من قيادات مؤسسات مالية وتمويلية. وأشار المشاركون إلى أن السودان أحد ثلاث دول بالعالم يعول عليها في تأمين الغذاء العالمي في ظل مهددات الأمن الغذائي التي يواجهها العالم قاطبة، والوطن العربي على وجه الخصوص. وتقدر الفجوة الغذائية في الوطن العربي بنحو 37 مليار دولار.