قبل أربعين يوما رحل عن دنيانا الفانية إلى الرفيق الأعلى بلا ضوضاء ولا جلبة، كما النسمات الهادئة في وقت السمائم والحرور ومسارب الضي في زمن العتمة. لقد كان فقدنا كبيراً ومصابنا جللا في محيطه.. كان ينقي الهواء في اجوائهم من الهواء الفاسد وارواحهم من الاحقاد والمطامع بل ويذهب نفوسهم لتسمو لمصاف النبل والكرم ومن هؤلاء الراحلين الذين ضربوا مثلا رائعاً في خدمة الانسانية واحترام الذات والعمل الانساني. كان ذلك الخلوق كمال مصطفى أبشر أو كمال مكسيكي كما تعود الكل على مناداته منذ عرفته في رابطة الأخوة في ذلك الزمن الجميل. عرفته شاباً وقوراً مهذباً يخجلك تعامله الراقي بأدبه الجم ويغرقك في بحور كرمه الفياض الذي عرف به وتجده اينما كان بابتسامته البشوشة واناقة ملبسه وبهاء اطلالة وجهه الطيب. فجعت ذلك الصباح بخبر وفاة كمال مكسيكي الرجل الانسان في ريعان شبابه الذي قضاه عاشقاً لعمل الخير ومساعدة المحتاجين وساعياً ان يجد البسمة في محياهم هكذا واحدا تلو الآخر. يرحل الأوفياء في هدوء ودون ضوضاء ونحن نحتاجهم بيننا علهم يقومون المعوج بخبرتهم وطيبتهم لنكون كما نهوى ونتمنى. قلوب كثيرة أعرفها الآن كم انها حزينة واعين اعرف انها ستتورم من البكاء على كمال مكسيكي من غير أهله وابنائه و عشيرته واود ان اعزيهم في فقدي وفقد جماعتنا الجلل فأنا أعرف انهم كم احبوا كمال مكسيكي واحتووه وعلى رأسهم ابو وعد وابو الشيخ وقدورة وابو وايل وفتحي ابراهيم عيسى واسامة بشير و عباس أحمد إبراهيم وعمر عثمان وشلة المشتل وعبد الله خيري و سعد الله وماجد ومحمد عبد الجليل وابو نديم وفوزية يوسف وليزا وتنقو وشلة الموردة. وكم من المريدين والمحبين يذرفون الوجع مدراراً وسيتجرعون كأس فراق كمال مكسيكي المر بيننا وقلوبهم تقول وداعاً أيها الجميل الرائع المحترم جداً جداً.. إلا أن عزاءنا الوحيد الذي ظل يرفدنا بالمواساة الصادقة الحميمة هو ذلك الطريق المستقيم الذي كان يمضي عليه الراحل في مسيرة حياته.. مستعداً لآخرته بجد واجتهاد ليل نهار فلم تشغله الدنيا ولا غرضها الزائل عن الاستعداد ليوم الرحيل.. وذلك بأنارة المقابر ومراكز غسيل الكلي وجمع الفرقاء وتفقد الأسر المحتاجة في جنح الليل.. وجمع ما يحتاجونه دون ككل أو ممل. اللهم تقبل عاشق ومحب امدرمان.. الفاتح عبد الحي محمد أحمد التصوير الأخباري- التلفزيون.. امدرمان