هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    "نسبة التدمير والخراب 80%".. لجنة معاينة مباني وزارة الخارجية تكمل أعمالها وترفع تقريرها    التراخي والتماهي مع الخونة والعملاء شجّع عدداً منهم للعبور الآمن حتي عمق غرب ولاية كردفان وشاركوا في استباحة مدينة النهود    وزير التربية ب(النيل الأبيض) يقدم التهنئة لأسرة مدرسة الجديدة بنات وإحراز الطالبة فاطمة نور الدائم 96% ضمن أوائل الشهادة السودانية    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفير عثمان السيد رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في حوار الراهن السياسي:

لم يحدث استهداف الأمن القومي السوداني مثلما هو الآن نعم نحن محاطون بتواجد إسرائيلي مكثف وضخم وهذا يشكل تهديداً الجنائية استهدفت نظام البشير للإطاحة به ولكن المؤتمر الوطني أحبط المحاولة علينا متابعة مواقف الدول الإفريقية التي فيها وجود إسرائيلي وأجهزة استخبارات أجنبية الفلاشا دخلت عبر منظمات إسرائيلية وأمريكية وكنا نرصد نشاطها باستمرار خدمة (smc) على الرغم من المواقف الإيجابية والتعاطف الذي أبداه بعض الأفارقة تجاه السودان في أزمته مع الجنائية، وإعلانها العزم علي الانسحاب من هذه المحكمة، إلا دولاً مثل فرنسا وبريطانيا وأمريكا هي التي تحاول تحريك الامور وفق منحي آخر، مما أثر سلباً على إحلال السلام في دارفور. في هذا الوقت نجد ان كافة الاتفاقات الأمنية مع تشاد فشلت لأكثر من مرة في انهاء التوتر بسبب التدخلات الخارجية. حول هذه الموضوعات وغيرها كان للمركز السوداني للخدمات الصحيفة هذا الحوار مع السفير عثمان السيد رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط وإفريقيا فشلت والذي تولى عدة مناصب هامة في الاتحاد الإفريقي وقبله منظمة الوحدة الإفريقية، وكان سفيراً للسودان بأديس أبابا، وعرف عنه علاقاته المميزة مع أغلب الرؤساء الأفارقة. كشف لنا السفير في الحوار أسرار تضارب المواقف داخل مجلس الأمن، وطرد المنظمات وعلاقتها بالاستخبارات في بعض الدول، فمعاً لمضابط الحوار: بداية سعادة السفير هنالك مراكز غربية أكدت أن الهدف من قرار اتهام البشير هو إرغام المؤتمر الوطني على تقديم المزيد من التنازلات بشأن الملفات العالقة بين شريكي نيفاشا مثل أبيي ودارفور، فإلى أي مدى تعتقد أن رد الخرطوم تجاه المخطط الغربي كان ناجحاً؟ اعتقد أن قضية المحكمة الجنائية هي في الأساس قضية سياسية وليست جنائية، وكل الدلائل تشير إلى ذلك. وأحسب أن القضية تستهدف في النهاية النظام وربما الرئيس البشير والإطاحة به. واعتقد أن المؤتمر الوطني كان لديه موقف رائد وفعّال ومؤسس، استطاع أن يحبط هذه العملية، عملية التآمر على السودان ممثلاً في قيادته. ونحن هنا في هذا المركز أعددنا الكثير من الدراسات والندوات المغلقة تطرقت لهذا الأمر ووصلت إلى هذه النتيجة، وهي أن المسألة سياسية في المقام الأول وليست جنائية بأي حال من الأحوال. وإلى أي مدى يمكن أن يسهم مركز إستراتيجي كمركزكم حيث قلت بأنكم توصلتم في دراستكم إلى أن القضية سياسية وليست جنائية، فإلى أي مدى يمكن أن يسهم المركز في رفد الدولة ودعمها سياسياً ودبلوماسياً في التصدي لقراءة مثل هذه القضايا؟ بطبيعة الحال يتناول المركز الكثير من القضايا، سواء كانت قضية المحكمة الجنائية الدولية أو دارفور بكل تشعباتها أو مشاكل الجنوب واتفاقية السلام الشامل. وفي كثير من الأحيان نحن نقوم بدراسات ورفع هذه الدراسات للجهات المختصة، علماً بأن هذا المركز محايد ومسجل كمنظمة طوعية مستقلة، ولكن لا نستطيع أن ننفصل عن قضايا الأمة بأي حال من الأحوال؛ بل نحن نهتم بقضايا الوطن ونرفع تقاريرنا بطريقة منتظمة. حدثنا عن فشل الاتفاقيات الأمنية بين الخرطوم وأنجمينا بعد التطور العسكري التشادي، وهل تتوقع أن تستجيب تشاد حيث كانت هنالك محاولة ليبية لعقد مصالحة باعتبار أن ما حدث مهدد للسلام في دارفور؟ علاقة السودان بتشاد في الفترات الأخيرة اتسمت بالكثير من التغيرات والتبديلات في الموقف التشادي. وأنا شخصياً وصلت لقناعة بأن مثل هذه اللقاءات التي تحدث والتي تجاوزت حتى الآن سبعة لقاءات ما بين السيد الرئيس والرئيس التشادي إدريس دبي سواء كان في ليبيا أو السنغال أو غيرها، وتقييمي لهذه اللقاءات أنها لا تخرج عن أنها لقاءات علاقات عامة، لأن الرئيس التشادي لا يملك زمام الأمر في يده. وهنالك تدخلات أجنبية كثيرة في الشؤون التشادية، سواء أن كانت من جانب أمريكا أو فرنسا على وجه التحديد، ولذا يلتقي الرئيس دبي بالبشير ثم يعود لبلاده ولا يلتزم. وليس أدل على ذلك من الاتفاق الذي وقع مؤخراً في قطر بين الدكتور تجاني فضيل ووزير خارجية تشاد، فحدث الهجوم اليوم التالي مباشرة في قرية أمبرو، ومعنى ذلك أننا نتعامل في تشاد مع نظام مهزوز داخلياً، لديه الكثير من المشاكل الداخلية والتدخلات الخارجية. والرئيس دبي نفسه يعاني من مشاكل صحية وأسرية بدليل أنه حتى الذي يقود المعارضة ابن اخته وهو تيمان أردمي، ونظام كهذا مهزوز وغير مستقر، ودبي لا يملك زمام السلطة والقوات المسلحة التشادية نفسها مشتتة وولاءها غير مضمون للنظام، والذي هو نفسه يعتمد على القوات الفرنسية الموجودة هناك، وهي التي أحبطت المحاولات المتكررة، وهي التي تقوم بالقصف على المعارضة، حتى أنها دخلت الأراضي السودانية، وفرنسا نفسها لم تنكر ذلك وباتت هذه معروفة. مع نشاط الدور الأمريكي ، هل تتوقع أن يطغى على الدور الفرنسي بما يمكن من طي مشكلة دارفور أم أن مصالح الدولتيين ستتضارب؟ تاريخياً ظلت تشاد من مناطق النفوذ الفرنسي. وفي عهد الرئيس بوش وفي إطار التنسيق مع ساركوزي أصبحت الأدوار الفرنسية الأمريكية تكاد تكون متشابهة، ولكن الآن اعتقد أن هنالك تغيير في السياسة الأمريكية، وليس الضرورة أن يكون هنالك اتفاق بموضوع تشاد نفسه. وأرى أن فرنسا هي الدولة الفاعلة في تشاد، وهنالك تجارب حيث أننا إذا رجعنا للتاريخ التشادي سنجد أن الرئيس حسين هبري عندما أقيل أو أطاح به إدريس دبي في عام 1990م فقد أطيح به لأن فرنسا شعرت أن هبري بدأ يميل نحو أمريكا، وكان يهاجم الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران. وفرنسا حاولت أن تثبت للرئيس حسين هبري أن تشاد وإفريقيا الوسطى هذه مناطق نفوذ فرنسية، وهي التي أطاحت به وجاءت بدبي. وصحيح أن الأخير انطلق من السودان للإطاحة بهبري في عام 1990م، ولكن الصحيح أن دبي وجد دعماً و مؤازرة من فرنسا التي كانت تود التخلص من الرئيس السابق حسين هبري. قررت بعض الدول الإفريقية الانسحاب من الجنائية لما صدر قرار ضد البشير على اعتبار أنه قد يطال رؤساء أفارقة آخرين، فهل تعتقد أن إفريقيا سيكون لديها صوت على اعتبار أن كل القرارات في مجلس الأمن غالباً ما تصدر ضد الدول الإفريقية تحديداً؟ الدول الإفريقية التزمت فيها دولة واحدة بهذا القرار في مجلس الأمن والذي نوقش في قمة دول الساحل والصحراء في ليبيا، والدولة الوحيدة هي السنغال. وأما كون التزام الدول الإفريقية بموقف ضد الجنائية فينبغي أن نراجع فيه الواقع الإفريقي، وأن نقسم الدول الإفريقية إلى أربعة مجوعات. فهنالك مجموعة المستعمرات الفرنسية وهي تعرف بالفرانكفون، وهي في كثير من الأحيان تأتمر بأمر فرنسا. وقد تكون السنغال قد شذت في ذلك الموقف، ولكن كل دول غرب إفريقيا من تشاد، الكاميرون، النيجر، مالي، بوركينا فاسو والجابون، فهذه دول كانت مستعمرة فرنسياً سابقاً. و هنالك دول مستعمرة بريطانياً وهي تعرف بالأنجلو فون، وهي كينيا، يوغندا، زامبيا، زيمبابوي وليوستو، وهذه الدول تتأثر بمواقف بريطانيا، علماً بأن بريطانيا و فرنسا من أهم الدول التي تساند الجنائية الدولية. وهنالك دول الشمال الإفريقي مثل مصر، ليبيا، تونس والجزائر فهذه تتأثر بانتمائها العربي في نظرتها للسودان. وهنالك دول مثل إثيوبيا، إريتريا، الصومال وجيبوتي، ولكن رغم أن جيبوتي تربطها علاقة وطيدة مع السودان، ولكنها ترددت في اتخاذ قرار لاعتبارات خاصة بها، حيث نجد فيها قواعد فرنسية وبريطانية، وإثيوبيا دائماً تتخذ قرارات مستقلة، وإريتريا بدأت تتعاطف مع المواقف السودانية، ورئيسها لديه موقف واضح من الجنائية الدولية. الدول الإفريقية لا في مجلس الأمن أن يكون لها موقف فاعل ومؤثر، فالقرار 1706 والذي أحال القضية كاملة، حيث كانت رئيسة مجلس الأمن غانا، ومن الدول التي أيدت للأسف هي تنزانيا، على الرغم أن لديها علاقات خاصة مع السودان والكنغوبرازفيل وهذه هي الدول التي كانت ممثلة لإفريقيا في مجلس الأمن. وحسب تجربتي في أديس أبابا كمندوب للسودان في منظمة الوحدة الإفريقية، ومن بعدها الاتحاد الإفريقي، فقد ظلت مواقف الدول الإفريقية في كثير من الأحايين هي رهينة بالموقف الغربي، و بالطبع بدون فرنسا وإنجلترا فقد ظلت أمريكا تكون في كل مكان، سوزان رايس عندما كانت هي مساعدة لوزيرة الخارجية الأمريكية بالنسبة للدول الإفريقية في عهد الرئيس كلينتون، كانت هي التي تحضر القمم العربية والإفريقية، وتشير للرؤساء بأن يتخذوا ذلك القرار أو هذا في اجتماعاتها المغلقة معهم. وذات الدور تقوم به جينداي فرايزر في عهد الرئيس بوش، وكذلك ذات الشيء بالنسبة للمساعد الجديد للشؤون الإفريقية. إلى أي مدى تعتقد أن التواجد الإسرائيلي القوي في القارة قد يشكل خطورة على السلام في السودان وعلى ملف دارفور بشكل خاص؟ السودان هو أكثر الدول استهدافاً من قبل إسرائيل على الإطلاق، وحتى أن بعض الدول الإفريقية والعربية هنالك اتصالات بينها وإسرائيل، وهنالك بعض الاعترافات المتبادلة من بعض الدول، ولكن نقول إن إسرائيل ظلت تستهدف السودان ولم تنكر ذلك، حتى أن وزير الداخلية الإسرائيلي ذكر صراحة وقال: إننا لسنا بعيدين عما يجري في دارفور، لأن السودان الموحد المتحد الخالي من المشاكل، كما ذكر الوزير الإسرائيلي، من شأنه أن يخلق مشاكل لإسرائيل. ولذا هنالك وجود إسرائيلي مكثف في تشاد، كينيا، يوغندا، إثيوبيا وإريتريا، ويتابع مجريات الأوضاع في السودان عن كثب، ولذلك نحن محاطون بتواجد إسرائيلي مكثف، فالكاميرون مثلاً فيها وجود إسرائيلي ضخم، وهكذا هنالك تهديد. سعادة السفير قلت إن التواجد الإسرائيلي في إفريقيا مكثف، فبماذا تنصح.. وكيف ستتصرف الحكومة السودانية إزاء هذه الأجواء السياسية المتضاربة، والعلاقات الإفريقية التي تحكمها بعض المصالح الغربية؟ ليس أمامنا إلا أن نتحلى باليقظة والحذر والاستعداد أيضاً، وأن تكون لدينا المقدرة على تحليل مواقف الدول الغربية المختلفة وتوجهاتها، كما ينبغي علينا أن نتابع عن كثب مواقف الدول الإفريقية التي فيها وجود إسرائيلي مكثف، وفيها وجود للاستخبارات الأمريكية بشكل مكثف، وكذلك الاستخبارات الفرنسية والإنجليزية، وهو يستهدف السودان، ونحاول بالتعاون مع بعض الدول الإفريقية الصديقة أن نجد لنا مخرجاً من هذه المشاكل. وكما يقولون إن معرفة المرض أول الطريق للعلاج، ولذلك علينا أن نعرف العلة ونضعها في اعتبارنا، ثم بعد ذلك نسعى لكي ندرك، وعلينا في مراكز الدراسات وغيرها من المؤسسات وحتى الحكومية، سواء أن كانت خارجية أو أجهزة الأمن أو الاستخبارات، ألا تقرأ ما في السطور فقط، وإنما تقرأ ما بين السطور وخلفها، لأن هذه فترة تحتاج لجمع معلومات دقيقية وتحليلها ورصدها رصداً دقيقاً ومتأنياً، والوصول من بعد ذلك إلى استنتاجات سليمة، وتقديمها للسلطة السياسية في الوقت المناسب، عملاً بمبدأ المعلومة المناسبة في الوقت المناسب. ولا أعلم فترة كان مستهدف فيها الأمن القومي السوداني مثلما هو الآن، وهذا يتطلب من كل الناس العمل بجد و فعالية وبصيرة نافذة، والسعي لتقديم المقترحات المناسبة التي يبني عليها القرار المناسب. أنت خبير أمني معروف وتعلم أن الحكومة اتخذت إجراءات ضد بعض المنظمات بسبب أنشطة استخبارية.. هل تعتقد أن الحكومة قامت بهذه الخطوة متأخرة؟ وماهي المعالجات المستقبلية في التعامل مع أجهزة الاستخبارات التي أصبحت تتخذ من الستار الإنساني قناعاً لممارسة أنشطة مضرة بالأمن؟ في فترة العهد المايوي كنت وزير للأمن الخارجي، وكانت هذه المنظمات ضمن إطار مسئوليتي، ومنذ ذلك الحين كنا نرصد نشاطاً كبيراً للمنظمات الطوعية في السودان. ولا أذيع سراً إن ما يقال عن الرئيس السابق، فإنه حتى مسألة دخول الفلاشا للسودان كان عبر منظمات طوعية أمريكية إسرائيلية، عملت تحت غطاء منظمات أمريكية. ونحن فوجئنا بوجود أكثر من سبعة آلاف من اللاجئين الفلاشا دخلوا إلى السودان باعتبار أنهم لاجئين إثيوبيين، وبعد ذلك أصبحت المشكلة حقيقية في إن إرجاعهم لإثيوبيا ممنوع بنص قانون الأمم المتحدة، إذ لا يمكن لأنهم دخلوا كلاجئيين. والشاهد أن القرار الذي اتخذته الحكومة نحو تحجيم وتقليص وجود المنظمات الأجنبية هو قرار صائب، وإن جاء متأخراً وهنالك مثل إنجليزي يقول (beter late Than Never )، بمعني الأفضل أن يأتي متأخراً بدلاً ألا يأتي، ولكن هذا لا يعني
أن نعتقد أن هذه المنظمات هي كل العاملة، فالمنظمات يمكن أن تتجدد والهدف واحد، ولذا ينبغي أن نحذر لأن هنالك منظمات أمريكية قادمة، وهنالك منظمات تدعى بأنها غير حكومية، ولكنها في الواقع حكومية، وإلا لماذا تتدخل الحكومات الغربية بمستوى عالي وصل للرئاسة مطالبين بالسماح لها بالعودة. وسبق أن كنت رئيس للاجئين في الاتحاد الإفريقي، وأرسلنا بعثة من السفراء في أديس أبابا لكي تزور معسكرات اللاجئين في السودان، وهم إريتريين و إثيوبيين وغيرهم. وكانت اللجنة يرأسها آنذاك سفير زامبيا وهو صديقي، حيث كنت أمين السلك الدبلوماسي وهو كان نائب لي، ففوجئ عندما جاء للسودان بأن المنظمات الطوعية العاملة في معسكرات اللاجئين ليست لديها إمكانيات من دولها، وعندما سألوهم قالوا إن حكوماتهم غير موافقة على أن يعملوا في السودان، وسألهم كذلك فقال لهم : أنتم قلتم مسبقاً أنكم منظمات طوعية غير حكومية فلماذا تتدخل حكوماتكم في عملكم. والمفارقة هي أن هذه اللجنة نفسها زارت اللاجئين السودانيين في إثيوبيا ووجدت معاملة تختلف تماماً عن رصفائهم، ونفس المنظمات تقدم مساعدات ومعونات وأكل فاخر جداً للاجئين الموجودين في إثيوبيا. وكان سؤال رئيس اللجنة نفسه لماذا تقدموا كل هذه المساعدات والأكل الفاخر إضافة للتعليم والصحة وكذلك التوعية للنساء في مجالات الصحة الإنجابية، وعندما سئلوا قالوا إن الدعم يأتي من حكوماتهم، وذلك تشجيع لهم حتى يستقروا في إثيوبيا، في حين أن اللاجئين في السودان لم تكن تقدم لهم المنظمات نفسها ما كان يقدم لمن هم في إثيوبيا؛ بل كان يقدم لهم الكفاف، و كلهم كانوا يدعون بأنهم منظمات غير حكومية. علمنا أن حركة العدل قد لجأت ببعض دول الجوار كخيار لتنفيذ نشاطها العسكري، فإلى أي مدى يمكن أن يؤثر ذلك على العلاقات بين السودان وهذه الدول، وكيف يمكن كبح جماح النشاط الفرنسي بحيث تتعاون دول المنطقة بصدق مع السودان؟ علينا أن ندرك أننا من الناحية الغربية محاطين بمنظومة دول كلها مربوطة بفرنسا بطريقة أو بأخرى، بدءاً من تشاد وإفريقيا الوسطى والكاميرون والنيجر والجابون، وكل هذه الدول تمثل منظومة الدول الفرنسية. والإستراتيجية الفرنسية تجاه السودان واضحة ومحددة في أن هنالك محاولة استهداف عبر ملف دارفور للإطاحة بالنظام في الخرطوم، بمعنى أن الغافل هو الذي يعتقد بأن ما يجري في دارفور مقصود به دارفور، بل ما يجري هناك مقصودة به الخرطوم، وفي هذا الإطار تأتي الجنائية الدولية وغيرها، وتشاد وإفريقيا الوسطى وجهان لعملة واحدة .. وكون أن تتحرك حركة العدل من تشاد لإفريقيا الوسطى فهذا تكتيك و ليس إستراتيجية، ومعلومة العلاقة التي تربط الرئيس بوزيزيه رئيس إفريقيا الوسطى بإدريس دبي، ومعروف أنه إذا انتقلت الحركة هناك، فستحاول أن تؤثر في هذه الحالة على الأوضاع في جنوب دارفور، باعتبار أن جمهورية إفريقيا الوسطى محادة لولاية جنوب دارفور، ولا اعتقد أن ذلك تغيير في الإستراتيجية بل هو تغيير في التكتيك، وربما محاولة لفتح جبهة أخرى في ولاية جنوب دارفور، امتداداً لما يجري في ولاية غرب وشمال دارفور، وبالتالي قد تكون له انعكاساته السلبية على العلاقات بين السودان و إفريقيا الوسطى. إلى أي حد تعتقد أن الأمن الإقليمي أصبح مهدداً، حيث كان أن احتضنت الخرطوم قبل عام مؤتمر السيسا وهو مؤتمر أجهزة الاستخبارات في القارة، ألا يؤثر هذا التناقض على الأمن الإقليمي للقارة التي تتقاذفها الأطماع الغربية؟ اعتقد أن السيسا بذلت جهود كبيرة في محاولة التنسيق بين القادة ورؤساء أجهزة الأمن والاستخبارات في القارة، ولكن قطعاً التدخلات الأجنبية وتدخلات المخابرات الغربية سواء كانت المخابرات الأمريكية والفرنسية والبريطانية أو الموساد أو غيرها، سيكون لها أثرها في التنسيق والتعاون بين أجهزة الأمن الإفريقي المتمثلة في السيسا. هل تعتقد ان نظام تشاد غير قادر على التأثير على حركة العدل في مفاوضات الدوحة؟ إلى حد ما، ولكن هنالك تكامل بينهما، وهما محتاجان لبعضهما، و لذلك سيكون هنالك تنسيق في المواقف بينهما، وهنالك سؤال يطرح نفسه، وهو أننا في السودان نقوم بالاجتماع مع حركة العدل والمساواة ومع كل المعارضة، حيث اجتمعنا مع المعارضة في الجنوب، فلماذا لا تحاول الحكومة التشادية الجلوس مع معارضتها على أساس أن يبحثوا الأمر، فلماذا لا يكون هنالك تفكير جاد من قبل الرئيس دبي للجلوس معهم. ولماذا لا يكون هنالك نصح من الفرنسيين لإدريس دبي ليجلس مع المعارضة، ولماذا بالنسبة لنا في السودان يطلب إلينا أن نجلس مع المعارضة، حيث بدأنا بالجنوب، سواء كان مشاكوس وأديس أبابا أولاً ثم نيروبي ثم مشاكوس ونيفاشا، وانتهينا منها، فقالوا دارفور، وتم اجتماع مع المعارضة في أبوجا وانتهينا، وقالوا لابد أن نجلس معهم في أسمرا.. فهذا الضغط لماذا لا يحدث لتشاد ويطلب لدبي الجلوس؟ ولماذا يكون الكيل بمكياليين حتى في هذه الأشياء، حيث يتم الضغط علي السودان ،ولكن تشاد لا، والمصيبة هي الاستهداف. كيف تنظر لاختيار د. غازي لملف دارفور وانعكاسه وهل يمكن أن تتغير الخارطة؟ د.نافع بذل جهداً كبيراً في هذه المسألة بعد وفاة دكتور مجذوب الخليفة، ولكن نافع لديه مسئوليات كبيرة، ولديه اتصالات بالاتحاد الإفريقي، وأشادوا به كثيراً جداً، ولكن أصبح من المستحيل أن يتفرغ له. واعتقد أن دكتور غازي سياسي محنك ومفاوض بارع، ووجوده في هذا الملف ضروري. وهو رجل مثقف ومطلع وعاش في الغرب ويدرك كيفية التعامل مع الغربيين، وأنا متفائل جداً بعد زيارته لأمريكا، والتي جاء منها أواخر هذا الشهر. وعندما نتحدث عن دارفور أو قضية إفريقيا فمشكلتنا في دارفور أن عدد كبير من هذه الدول الإفريقية تتضامن مع أهل دارفور، لأنها فاهمة أو تم بث معلومات لها من المخابرات، إن ذلك صراع بين العرب والأفارقة وينبغي عليكم أن تقفوا مع الأفارقة، وغازي بالإضافة لجهده الذي سيبذله فهو رجل يستطيع التحرك برسائل من الرئيس لدى الدول الإفريقية لكي يشرح لها الأمر كما هو. دائماً ما أقول إن السودان ضحية للإعلام الغربي، وهو ضحية أيضاً للمخابرات الغربية، وبهذه الحالة فالاحتياج لشخص بقدرات د. غازي وهو سيتفرغ لهذه القضية، اعتقد أنه يمكن أن يساعد كثيراً جداً في شرح القضية للأفارقة، الذين يمكن أن يساعدوننا. وأعرف عدد من الرؤساء الأفارقة افتقدوا غازي خلال الفترة الأخيرة، وصحيح أنه كان منشغل بالبرلمان، ولكن دائماً د. غازي لديه البعد الدولي، سواء إن كان في خبرته السابقة في وزارة الخارجية أو مستشار أو مفاوض متمرس.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.