سونا تعتبر قضية المتشردين او اطفال الشوارع فى السودان احدى القضايا الهامه التى تشكل تهديدا للامن الاجتماعى في الوقت الراهن والمستقبل المنظور فهى نتاج لاسباب عديده تسببت فى تحويل الظاهرة الى مشكلة اجتماعية خطيره ,وشكل اتساع دائرة الفقر والتفكك الاسرى احد الاسباب الرئيسة التى ادت الى انتشار ظاهرة اطفال الشوارع علاوة على انعكاسات الحرب والصراعات القبلية التى ادت الى اتساع وتيرة النزوح وساعدت فى تغيير التركيبة السكانية فى المدن والقرى والارياف معا فضلا عن غياب الضوابط الاجتماعية التقليدية معهد البحوث والدراسات الانمائية بجامعة الخرطوم بالتعاون مع المجلس القومى للطفولة ومكتب اليونسيف بالسودان قدم دراسة لاوضاع اطفال الشوارع بولاية الخرطوم اكدت انه رغم الجهود المقدره التى تبذلها الدولة والمنظمات والجمعيات العاملة فى هذا المجال الا ان جميع المؤشرات تؤكد ان نمو وتطور المشكلة يفوق امكانيات هذه الجهات الامر الذى يستدعى التدخل السريع بامكانيات تتماشى وحجم المشكلة فقد اكدت جميع المقابلات التي اجريت على الإفرازات الاجتماعية السلبية لهذه الظاهرة من تطور نسب الجريمة وتفشي وانتشار الأمراض النفسية والاجتماعية والأسرية وانهيار منظومة القيم الأخلاقية وسطهم. الدراسة شملت مجموع 7474 طفل من اطفال الشوارع وغالبيتهم من الذكور بنسبة 87.2% ونسبة 12.8% من الاناث وبحساب معدل الغياب اثناء الحصر قدرت الدراسة مجموع اطفال الشوارع في ولاية الخرطوم بحوالي 13.000 طفل يعيشون في الشوارع بشكل كلي او جزئي وتؤكد نتائج الحصر ان الاطفال يلتحقون بالشارع في سن مبكرة العاشرة او ما دونها وتبلغ نسبتهم حوالي 51% من مجموع الاطفال الذين شملهم الحصر بمتوسط عمر يبلغ 8 سنوات عند الالتحاق بالشارع بالنسبة للذكور و10سنوات فما فوق متوسط الاناث. اما المستوي التعليمي لاطفال الشوارع فغالبا ما يكون متدنيا اذ ان نسبة 96% منهم تعليمهم مادون الاساس ويبلغ الاميين في وسطهم نسبة 32.3% من الذكور ،والاناث غالبا اقل حظا في فرص التعليم بنسبة 46.7% مقارنة بالذكورويمثل الفقر وعجزهم عن دفع رسوم ومصاريف الدراسة احد الاسباب الرئيسية لعدم مواصلة هؤلا الاطفال لتعليمهم. نتائج الحصر تؤكد ان غالبية اطفال الشوارع ينتمون الى اسر مسلمة ويشكلون نسبه 62.8% مقارنة بنسبة 37.1% من المسيحيين و0.4% من اللادنيين كما ان غالبية الاطفال الاناث من اسر مسلمة بنسبة 80% مقارنة 20% من اسر مسيحية و تبين ان 44% من اطفال الشوارع من مواليد ولاية الخرطوم او حضروا الي الخرطوم في سن المهد غير مدركين لاماكن ولادتهم اواصولهم القبلية و ترتفع هذه النسبة وسط الفئات العمريه صغيرة السن 6 سنوات مادون حيث بلغت نسبتهم 90% وهي نتيجة تؤكد بان حزام السكن العشوائي لولاية الخرطوم هو المصدر الاساسي لاطفال الشوارع. تبلغ نسبه المتزوجين علي طريقة اطفال الشوارع 15.9% منهم وهناك 13% من المتزوجين لديهم اطفال وهو ما يؤكد ان هذه الظاهرة اضحت تعيد انتاج نفسها بشكل اكثر خطورة في ظل انعدام المعايير الاخلاقة والدينية. ومن حيث نوعية التشرد تشير النتائج بان هنالك نسبة 61% يعيشون في وضعية تشرد كامل بمعنى الفقدان التام للرعاية والحماية الاسرية و 39% يعيشون في وضعية تشرد جزئي وهؤلاء اغلبهم من الاطفال المتسولين والعاملين في الاسواق. ووفقا للدراسة فان غالبهم يعيشون في شكل مجموعات اثنية او جهوية متضامنه توفر لهم الحماية والمأكل والملبس والمأوي وتتراوح اعمارهم ما بين 8-18 سنه وغالبا لايرغبون في وجود صغار السن وسطهم خوفا من مداهمات الشرطة وسرعة تحركهم في سبيل توفير الطعام والمأوي. وفيما يتعلق بانتشار وتفشي سلوكيات أدمان المواد المخدرة والمسكرة فان 60.4% منهم يمارس شم المواد المخدرة كالسليسون وغيره من المواد المسكره بشكل عام ، ومن حيث المستوى التعليمي تلاحظ أن الاطفال الاميين هم الأكثر ممارسة لتعاطي التمباك وشم المواد المخدرة والقمار وترويج الخمر والمخدرات بينما تقل وسط الاطفال الذين تحصلوا على تعليم في الخلاوي وتبين أن اكثر العادات التى يمارسها الاطفال هي البحث في القمامة بنسبة 59.5% من مجموع الاطفال الذين شملهم البحث مما يوضح حالات الجوع الكبيرة وحجم المعاناة التي يعيشها اطفال الشارع يلي ذلك التسول والسرقة والنشل والخطف وهو ما يعكس بصورة مباشرة ان السلوك الأجرامي وسط اطفال الشوارع تفرضه ضرورة البقاء. وتوضح نتائج الحصر انتشار الجوع والسهر والضرب والتهديد والاغتصاب بشكل واضح وصريح وسط اطفال الشارع وهي متغيرات سلبية تفوق امكانية نموهم في وسط طبيعي سليم نتيجة لفقدانهم الحماية والرعاية الاسرية حيث يتدني الوضع الصحي. وتشمل الأمراض التي يعانوا منها الأمراض الصدرية والجلدية والعاهات العضوية والأمراض الباطنية والكسور و التبول اللاأرادي ونوبات الصرع كما تنتشر ظاهرة العلاج البلدي لدى الاطفال المشردين تشرداً جزئياً. الدراسة قدمت عددا من التوصيات للحد من الظاهرة وتجفيف منابعها وذلك بالاعتراف بان مشكلة اطفال الشوارع هى مشكلة اجتماعية ونفسية واقتصادية تتطلب العلاج فى اطار قومى موسع وليس داخل اطار قطاعى وذلك عبر بناء استراتيجية تقوم على تكامل عناصر التدخل وقائيا وعلاجيا وتأهيليا للحد من انتشارها واستنهاض مقومات و امكانيات المجتمع الرسمية والتطوعية من اجل تطوير اساليب وقائية على مستوى برامج المحليات واللجان الشعبية وذلك باشراف مؤسسات الحماية الاجتماعية ودعت الى انشاء صندوق أوبنك لحماية الطفل فاقد الرعاية والحماية لمحاربة التسرب المدرسي والفقر وذلك بتحسين بيئة الايواء في اطار تطبيق فلسفة حقوق الطفل وتطبيق سياسة لم الشمل من منظور الاسرة الصغيرة أو الأسرة الممتدة أومن خلال المنظور القبلي بجانب البحث عن اسر بديلة أوكفيلة في اطار ورقابة مكاتب مجالس الطفولة. كما دعت التوصيات الى توفير العلاج والتأهيل النفسي والاجتماعي لمحو اثار الشارع في اطار برامج تنموية متكاملة تراعي حقوق الطفل في التغذية والصحة والتعليم والترفيه فضلا عن تفعيل سياسة مجانية التعليم المدرسي عبر برامج إعادة إدماج أطفال الشوارع في منظومة التعليم العام وبرامج محو الأمية و برامج التدريب المهني ومحاربة ظاهرة عمالة الأطفال في إطار سياسة التوعية بحقوق الطفل وتفعيل برامج الشراكة مع القطاع الخاص في ايجاد فرص عمل تتماشي وبرامج التدريب المهني التي تحصل عليها الأطفال.