سُجِّلت العديد من البلاغات لدى الشرطة في مواجهة التشرد الذي يمثل المتهم الأول في حدوث أي جريمة تُنفَّذ على الواقع فيصدر أمر بتحرك الحملات الأمنية للقبض على كل المتشردين في الشوارع باعتبارهم المتهمين بالمشاركة فيها ويكون أغلب هؤلاء المتشردين من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين « 6 إلى 14» عامًا فشريحة الأطفال تمثل العنصر المهم للمجتمع والأمل الواعد للوطن، فكثيرًا ما يثور الإحساس بالأسى على أطفال التشرد التاركين منازلهم ومدارسهم للسعي وراء البيع وغسل السيارات وتعاطي المخدرات، وفي الأغلب السعي وراء ارتكاب الجريمة، فكان لابد للسلطات من أن تقف على هذا الوضع للحدّ منه والعمل على انحسار هذه الظاهرة وأن تعيرها كل الاهتمام بشتى الوسائل الأمنية اللازمة.. والقانون لا يعتبر تشرُّد الأطفال جريمة. وضع العين على الأطفال المتشردين: وقال مصدر مسؤول ل «الإنتباهة»: إنه يجب على السلطات المختصة توفير أكبر إمكانية للحد من ظاهرة تشرد الأطفال ولا تغض الطرف عن محاسبة جميع الأطراف المسؤولين عن عمالة الأطفال.. وأشار إلى وجود ثغرات قانونية وضعف المساءلة الجنائية سواء على أصحاب العمل أو أولياء الأمور الذين يدفعون أولادهم للعمل وترك المدرسة أو عدم متابعة ومراقبة تنفيذ الالتزامات التي فرضها القانون على أصحاب العمل الذين يلجأون إلى استخدام الأطفال كعمالة رخيصة لتدني أجورهم، وأشار المصدر إلى أن عمالة الأطفال هناك كثير من المشاهدات التي تشير إلى تفاقمها واتساعها، خاصة في الريف حيث توجد بنسبه أعلى من المدينة وتشكل الإناث النسبة الأكبر. تشرد الأطفال وأكد مصدر مختص في علم الاجتماع ل«الإنتباهة» أن الأطفال لا يحملون من طفولتهم سوى الاسم فقط بعد أن غابت عن ملامحهم الابتسامة وحلت مكانها علامات البؤس والشقاء، وتراهم في الشوارع وفي تجمعات أو فرادى بعد أن تركوا بيوت أسرهم إما قسرًا أو لانعدام الإنسانية في قلوب البعض أو طوعًا بعد أن زحف شبح التفكك الأسرى يخيِّم على البعض الآخر وأصبح الشارع هو الملاذ الواسع والمخيف لهؤلاء الأطفال، وأشار إلى أن أطفالاً يبيتون على العراء ونرى الأطفال يبيعون الألعاب والمنتجات المصنّعة محلياً والمناديل الورقية مرورًا بماسحي زجاج السيارات وانتهاء بماسحي الأحذية تراهم بأعداد كبيرة على الرغم من صغر أعمارهم، وتجدهم أيضًا على الأزقة يتعاطون المخدرات خاصة مادة السيلسيون التي أودت بحياة الكثيرين في العام الماضي.. وأضاف المصدر أن هؤلاء الأطفال يتعرضون إلى الكثير من الإهانات التي تؤثر بشكل قاطع على سلوكياتهم لتصبح العدوانية هي منهج تعاملهم مع الآخرين، كما أن التشرد أصبح يمثل جزءًا من المجتمع يسعى فيه الطفل للانعزال عن ماضيه ولا يهتم كثيرًا بمستقبله ويحصر نفسه في اللحظة التي يعيشها. وزاد المصدر قائلاً: إن هناك خصائص مشتركة تجمع كل فئات المتشردين مثل «التمرد على الأنماط والنظم الاجتماعية، وكثرة الحركة، وانعدام الثقة في الآخرين، وعدم التفكير المستقبلي، والنضج المبكر، والاعتماد على النفس، وخلق ثقافات فرعية وارتفاع درجة الوعي الأمني»، تتمثل من خلال وسائل دفاعية يتحصنون بها ضد الآخرين، وهؤلاء الأطفال انتهجوا منهج التكيُّف مع بيئة الشوارع دون أن يضعوا في اعتبارهم توفير الحماية اللازمة لهم من قبل السلطات الأمنية التي عملت جاهدة للحدّ من هذه الظاهرة وفق الإمكانات المتاحة لها. أسباب التشرد: وقال مصدر موثوق ل«الإنتباهة» إن الفقر الذي يتمثل في انخفاض الدخل الخاص برب الأسرة أثر على نفس الطفل مما دعاه للخروج لبيع الأشياء الصغيرة ليتمكّن من توفير القليل من احتياجاته بجانب ازدياد البطالة وهبوط المستويات التعليمية التي أدت إلى التسرب المدرسي وجعلهم يختلطون برفاق السوء الذين يأخذونهم إلى الانحراف وارتكاب الجريمة، وأضاف إلى ذلك الطلاق والانفصال والتفكك الأسري الذي يرمي بأعداد كبيرة من الأطفال إلى أخطار الشوارع والطرقات والحرية بلا رقابة أو قيود، وأيضًا في الغالب أن افتقاد أحد الوالدين إما لوفاته أو غيابه بسبب المرض أو السجن أو الاختفاء لفترات طويلة أو الوجود غير المنتظم لرب الأسرة قد يحدث أحيانًا حتى داخل الأسرة المستقرة فيبعد الطفل عن المنزل واحتكاكه بشرائح أخرى ربما تقود إلى تغيير سلوكه واتجاهه لممارسة أساليب غير معتادة وإجرامية، وأشار أن أغلب الجرائم التي يرتكبها الأحداث هي «ممارسة النشل والسرقات المنزلية والاتّجار وتعاطي المخدرات والخمور بين الطرقات والأزقة»، ويتجه معظم الأطفال تحت ضغط رفاق السوء أو الجهة المسيطرة على المتشردين «الرأس الكبير» إلى الانحرافات غير الأخلاقية لكسب المال كالدعارة بما يعرِّضهم لمشكلات جنسية وتناسلية مثل الإيدز. وأكد المصدر أن هناك دراسات قامت بها جهات مختصة على أطفال التشرد في الشوارع توصلت إلى أن ما بين كل 35% إلى 90% من أطفال الشوارع يستخدمون المواد المخدِّرة، كما أن تعدد بنات الشوارع أقل بنسبة 30% بسبب أقلية البنات اللواتي يُطردن من منازلهنّ إضافة إلى أن الدولة والمجتمع المحلي يهتمون باحتواء مشكلة البنات بشكل أسرع من الأولاد وأضاف أن ظاهرة التشرُّد توجد في جميع مدن العالم الكبرى نتيجة الحروب والتصحر والفقر، وإن هذه الظاهرة المتفشية تعتبر مرضًا قاتلاً يدمي القلوب عندما ترى الأطفال وهم يلتقطون قطعة خبز من الطريق ويلتهمونها أو عندما ينبشون في حاوية الزبالة أو عندما يهربون في الشوارع من الحملات التي تقوم بها الشرطة للقبض عليهم وإلحاقهم بمؤسسات الدولة الإصلاحية.. والمأساة تكون عندما تسمع قصصهم والأسباب التي دفعت بهم إلى عرض الشارع. معالجات تشرد الأطفال: ذكر مصدر مطلع ل«الإنتباهة» أن العلاج الفعلي للتشرد يبدأ أولاً بمكافحة الفقر والجوع والمرض وشدة الحاجة، وإعداد برامج فعّالة لإعادة تأهيل هؤلاء المتشردين وإدماجهم في مجتمعهم ومتابعتهم، مشيرًا إلى أن ضعف المتابعة هو أكبر سلبيات البرامج التي قُدِّمت ونجد أن آلاف الأطفال المتشردين تم استيعابهم في هذه البرامج كما يجب أن تؤمَّن لهؤلاء الأطفال التربية السليمة بتوفير الاحتياجات سواء كانت لفقدان الإمكانات المادية لديها أو لفقدان أهليتها الثقافية أو الأخلاقية فإن المعالجة تكمن في معالجة الوضع الاجتماعي أو المادي أو كليهما ووضع عين السلطات كاملة دون تهاون في مواجهة ظاهرة التشرُّد.