يبدو أن تفشي الخلافات داخل مكونات نداء السودان أصبحت ظاهرة ملازمة للمعارضة السودانية بالداخل والخارج فعقب إعلان الجبهة الثورية عقد اجتماع لها بالعاصمة الفرنسية باريس طفحت الخلافات واتسعت شقة الخلاف حول زعامة (الجبهة الثورية بشقيها) حيث يرفض عدد من أعضاءها مقترح رئاسة الصادق المهدي للجبهة لعدة عوامل منها عدم الثقة في الإمام باعتبار أنه ليس له موقف ثابت ووجود اختلاف حول آراءه تجاه القضايا الوطنية الكبرى كما أن هنالك تجارب كثيرة أثبتت عدم جدوى نجاح المهدي في قيادة التحالفات المعارضة منذ الحقب الأولى عقب الاستقلال حيث أثارت الجبهة الثورية برئاسة مالك عقار وياسر عرمان أمام عاصفة أمام تولي المهدي لزعامة الجبهة خلال اجتماعات باريس. زواج مصلحة ويرى د. قطبي المهدي القيادي بالمؤتمر الوطني أن الجبهة الثورية أصبحت معزولة عن الحياة السياسية بالسودان بعد أن شعرت بالوحدة لذلك يريدون تولي الصادق للزعامة الموسمية قائلاً إن قطاع الشمال وحركات دارفور لا تثق في المهدي وهو أيضاً لن يثق في القوى المسلحة (أي أن الأمر زواج مصلحة لن يدوم طويلا) – على حد وصفه – وأشار قطبي أن حركات دارفور ترفض بشدة تولي قطاع الشمال للجبهة خاصة أن جبريل إبراهيم ذو خلفية إسلامية وهم يريدون الاستفادة من الصادق فمكونات نداء السودان تريد استغلال الصادق حتى تجد لنفسها مكانة في السودان باعتبار أن الشعب السوداني لا يثق في من حمل السلاح في وجه المواطنين الأبرياء وزاد قائلاً: (نداء السودان شعر بغربة شديدة يريد فك شفرتها باستقطاب رئيس الأمة القومي للمكون المعارض للحكومة السودانية فالإمام هو الوحيد الذي يملك تاريخ سياسي. رسالة اشفاق وكان المهدي زعيم حزب الأمة القومي قد بعث برسالة لأعضاء الجبهة الثورية كشف فيها اشفاقه على موقف نداء السودان حال آرائه السالبة وزاد قائلاً (هنالك عوامل متحركة ستهدم التحالف الوليد إذا لم يعمل الجميع على استغلال هجمات الحكومة التي ابتدرت الحوار الوطني الذي أصبح يهدد مصالح المعارضة بالخارج. وقال المهدي إن نداء السودان منقسم إلى قسمين لابد من جمعهما في كيان واحد ضد الحكومة والعمل على إسقاطها بالوسائل السلمية دون استخدام العنف. ويرى مراقبون أن مقترح تولي الصادق المهدي لزعامة الجبهة الثورية يقود لانقسمات قادمة تهدد مسيرة التحالف المعارض، مبيناً أن الأيام القادمة تؤكد رؤيتهم حيال مواقف نداء السودان. ويعود قطبي ليؤكد أن وجود المهدي على رأس التحالف سيزيد من الخلافات داخل نداء السودان، مبيناً أنها تحالفات مصلحة لا توجد لهم قضية وطنية وقضيتهم الأساسية هي إسقاط النظام بأيدي خارجية تحمل آراء سالبة تجاه السودان. ووصف المهدي موقف نداء السودان بالاهتزاز والاضطراب يريد معالجة الموقف بدخول الإمام الصادق لقيادة الجبهة باعتبار أن الصادق أن يكون مع الحكومة والمعارضة في آن واحد. طموح الصادق للزعامة يرى بشارة جمعة أرور الأمين السياسي أن رئيس حزب الأمة القومي يطمح في رئاسة الجبهة الثورية بدعم من حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم ومناوي بجانب بعض قيادات الشرق المعارضة للحكومة ولكن ياسر عرمان لا يدعم ولا يرى في تولي الصادق لزعامة نداء السودان، ويرفض قطاع الشمال تولي جبريل إبراهيم لزعامة الجبهة من منطلق الخلفية الإسلامية للزعيمين باعتبار أنه من أرض القرآن والنور والإيمان (دارفور). وأشار أرور أن مكونات نداء السودان تسعى بكل قوة لإسقاط النظام ولا يهمها التدمير الذي يصاحب تلك الأفعال، مبيناً أن اجتماع باريس ينذر بنهاية تحالف نداء السودان، مؤكداً أن الاجتماع لن يخرج بتفاهمات بشأن الهيكلة وإعادة الترتيب الداخلي بل هو تأكيد على فشل مشاريعهم التي تنتهي دائماً بإنتهاء مراسم الأحداث العابرة للقارات. وفي ذات السياق أشار د. عمر سليمان الأمين العام لحزب الأمة الفيدرالي ان اجتماع باريس هو إعداد آخر يتم الترتيب له بأيدي خارجية لمواجهة الحكومة ولكنه لن ينجح باعتبار أن مكونات نداء السودان لها تباينات فكرية مختلفة لن تستمر في تحالفها. ويرى سليمان أن الحركات المسلحة فشلت في تحقيق أهدافها بحملها للسلاح فأصبحت في خانة المهزوم بعد الخسائر التي كبدتها لها القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.