تصاعدت الأحداث في ولاية أعالي النيل بعد قرار إعفاء الوالي السابق اللواء (م) قلواك دينق وارتفعت وتيرتها حتى أن كثيرين قالوا إن الأمر سيزداد اشتعالاً، لكن الامور مرت بسلام بعد ان ادى الوالي الجديد الدكتور وليم اوطون القسم امام رئيس حكومة الجنوب في الرابع عشر من الشهر الماضي. وقبل تسلم الوالي الجديد لمنصبه بصورة رسمية على ارض الواقع خفّ المركز السوداني للخدمات الصحفية والتقى به لمعرفة رأيه حول العديد من القضايا بالولاية على رأسها النزاع القبلي والتنمية والاستعداد للانتخابات والاستفتاء في العام 2011 فخرج منه بالحصيلة الآتية :- اولاً من هو الوالي الجديد لأعالي النيل ؟ أنا من مواليد منطقة أقوات يوجوب جنوبملكال في العام 1961، متزوج واب لعدد من الأطفال. تخرجت من جامعة القاهرة فرع الخرطوم وكذلك من معهد البريد والبرق بامدرمان، تنقلت للعمل في المدارس المتوسطة والثانوية ومدارس البريد والبرق منذ العام ، وعملت في شركة السودان للاقطان وبعد أن نلت بكاليريوس القانون عملت كمستشار قانوني لمؤسسة التنمية الوطنية. شاركت في صياغة دستور السودان عام 1998 والدستور الانتقالي عام 2005 ودستور حكومة الجنوب، واصبحت عضواً في البرلمان منذ العام 2000 وحتى الآن. وكنت رئيس لجنة حقوق الانسان بالبرلمان، وكذلك لجنة الحكم المحلي، وعضو المجلس الاستشاري لحقوق الانسان، وعضو المفوضية القومية للخدمة القضائية، واعمل منذ دورتين نائب امين الامانة العدلية بحزب المؤتمرالوطني .
بعد تكليفكم بمنصب الوالي بولاية اعالي النيل، ماهي ابرز المشروعات التي تنوي انجازها في الولاية والملفات العاجلة التي تحتاج الى اعادة ترتيب وتجد عندكم الأولوية ؟ بدءاً اود ان اتقدم بالشكر للسيد رئيس المؤتمر الوطني ورئيس الجمهورية وكذلك الاخوة في قيادة الحزب للثقة التي اولوني اياها، وكذلك اريد ان اقدم شكري لرئيس حكومة الجنوب الفريق سلفاكير ميارديت ونائبه الدكتور رياك مشار على اهتمامهم بالولاية التي تمتلئ بالعديد من المشاكل على المستوى التنظيمي وادارة الحكم وعلى مستوى الصراع القبلي، واتمنى ان اكون على قدر الثقة وان استطيع اداء هذا التكليف الذي اصبح امانة في عنقي الآن، وان كان لم يتم فيه اخذ رأيي فأنا عضو ملتزم بحزب المؤتمر الوطني لا بد ان اكون جندياً مخلصاً يؤدي المهام متى ما طلب منه ذلك ، وانا سبق وعملت في عدد من المواقع فانا عضو بالمجلس الوطني منذ العام 2000م ورئيس لجنة حقوق الانسان السابق بالبرلمان وكذلك رئيس لجنة الحكم المحلي سابقاً وعضو مفوضية الخدمة القضائية، وانا متفائل بان تجد مشاكل الولاية الحلول الناجعة في الفترة القادمة بالتعاون البناء بين الجميع .
هناك من يقول بان الولاية التي تم اختياركم لها تعاني من عدد كبير من المشاكل والصراعات على المستوى السياسي والقبلي، كيف ستعمل على إخراج الولاية من هذه الإشكالات ؟ لا اخف سعادتي بالتكليف بالعمل بولاية اعالي النيل بالرغم من الحديث عن وجود إشكالات كبيرة كما نتحدث سابقاً، لكن رؤيتي لهذه المشاكل كرجل قانون انها ستحل ببذل المزيد من الجهد، خلافاً لرأي الكثيرين. واستطيع بتجاربي وعون اخوتي في المؤتمر الوطني والولاية أن أساهم في حل تلك المشاكل، وستكون الآليات هي البداية لحل كل ما يحدث في الولاية من مشاكل خلال الفترة السابقة، وسأجعل من المشاكل القبلية غير واضحة الاسباب اولوية، فلا يوجد حسب رأيي سبب حقيقي للصراع بين القبائل أو المجموعات السكانية بالولاية. وانا اتساءل عن ماهية من يقومون بهذه الاحداث ومن هم المتسببين في حالة الاحتراب القبلي والنزاعات بالولاية، وبلا شك فان هذا الامر يحتاج الى المعرفة اولاً بسبب هذه المشاكل ومن ثم الشروع في حل هذه النزاعات بحيث لا تحدث مستقبلاً بين مواطني الولاية او بين القبائل المكونة لمجموع سكانها . من المعلوم أن المشاكل بين القبائل في ولايتكم كثيرة وكذلك التداخل بينكم وولاية جونقلي ذات الطبيعة المتشابهة، فكيف ستقوم بالحد من هذه الاحتكاكات والنزاعات بين القبائل وأنت فرد من إحداها في نهاية الأمر ؟ هذا الامر الاخير هو سيكون الدافع الكبير لحل ماعلق بين القبائل طوال الفترة الماضية. وانا يهمني جداً ان احل هذه المشاكل حتى يتم النظر لي كوالي للولاية وليس فرد من قبيلة الشلك التي انتمي اليها، وكذلك فان هذا الوضع الذي غلب عليه النزاع قاد الى عدم الاستقرار الاجتماعي في المنطقة، والذي قاد بدوره الى تدهور العمل في المجال التنموي. وانا كعضو في حزب المؤتمر الوطني سوف اسعى في التعاون مع الإخوة في الحركة الشعبية لأنه بدون انسجام في الحكم لن يحدث استقرار، وكذلك لا بد من حدوث انسجام بين كل الاحزاب السياسية في الولاية لانه بدون ذلك لن يحدث الاستقرار، وساعمل من منصب الوالي الذي كلفت به على اعطاء كل الاشخاص في الولاية الحرية في التعبير عن انشطتهم وآراءهم بدون حجر على احد حتى يتحقق الاستقرار والهدوء في الولاية. ونحن في المؤتمر الوطني نريد الاستقرار للجنوب ونريد الانتماء للوطن وليس للحزب او القبيلة، والانحياز للمواطن في كل البرامج لأنه عصب الحياة السياسية والاجتماعية واساس التنمية في الولاية او في السودان ككل ، وبعد ذلك بلا شك سنفكر في الاستقرار والتنمية ولو تم لنا ذلك سنكون بال شك ساعدنا حزبنا وساعدنا الوطن بتحقيق الاستقرار فيه . تتحدث الأخبار الواردة من أعالي النيل عن انفلات امني في الولاية كيف ستعمل على إنهاء هذا الأمر ؟ نعم هناك انفلات امني في الولاية، لكن الانفلات الامني في الجنوب يتجاوز حدود الولاية. وانا اعتقد ان هناك ثغرة في الاتفاقية نفذ منها هذا الانفلات الامني، لأن الارض في الجنوب حسب الاتفاقية هي للمجموعات السكانية التي تقطنها وليس للولاية او الحكومة سلطة واضحة عليها، لذلك لابد من ترسيم الحدود بين الولايات حتى لا يحصل مثل هذا التداخل المضر بين الولايات ويحدث مثل هذا الصدام المسلح. وانا حينما ذهبت لاداء القسم كوالي لولاية اعالي النيل طلبت من الفريق سلفاكير ميارديت رئيس حكومة الجنوب الإسراع في ترسم الحدود بين الولاياتالجنوبية، كذلك قمت بالانفاق مع كوال ميانق حاكم ولاية جونقلي على ترسيم الحدود بين الولايتين، وهذا الامر ان تم سوف يضبط الامن في الولايات بدرجة كبيرة ويساهم في حل اغلب مشكلات الولاية ذات الطابع الأمني . كيف تنظر لانسلاخ الوالي السابق قلوك دينق عن المؤتمر الوطني بعد ان تم اختياركم بديلاً له باعالي النيل ؟ على الرغم من أسفي الشديد على خروج الأخ قلواك من المؤتمر الوطني وإعلانه ذلك عبر وسائل الاعلام، لكن الأمر في نهايته شئ شخصي يخص الأخ قلواك ويخضع لتقديراته ومصالحه وليس لتقديرات الحزب. والخروج من الاحزاب او الدخول فيها امر عادي في الحياة السياسية في السودان، ونحن في المؤتمر الوطني خصوصاً في قطاع الجنوب لا نحتاج الى كمية الجماهير الكبيرة بقدر حوجتنا الى عضوية نوعية منضبطة ومنتظمة تقود العمل بكل كفاءة واقتدار في المرحلة القادمة، حيث الانتخابات والاستفتاء على تقرير المصير . مع كل هذه البرامج الطموحة التي تتحدث عنها في الولاية ماهي الوسائل التي اعددتموها لانجاز هذه البرامج بالولاية خاصة فيما يتعلق بإيقاف الصراع القبلي ؟ اولاً نحن نحمل الكثير من البرامج كما نحمل الكثير من الامل في حل كل مشكلات الولاية، فقط نحتاج الى اتفاق الجميع، وبدون اتفاق كل القبائل والجماعات السياسية وقيادات المجتمع المدني والادارة الاهلية سواء كان ذلك في اعالي النيل او الجنوب ككل فان المشاكل لن تحل. واغلب المشاكل الآن سياسية تدخل فيها القبلية. وانا اقول ان من حق كل فرد ان يفخر باهله لكن ليس من حقه ان يستخدم قبيلته ضد الآخرين او للسيطرة عليهم، وحينما تريد إعلاء شأنك وشأن قبيلتك فذلك يكون بابراز الثقافة والعادات الطيبة بين القبائل. والانسان حينما يريد ان يعمل في المجال السياسي عليه ان يترك قبيلته لأنها اطار ضيق للعمل السياسي، وان اراد الفرد منا ان يعمل في اطار قبيلته عليه ان يصبح عمدة او ناظر للقبيلة ويترك العمل السياسي .
ولكن واقع الحال يقول ان الجنوب الآن وولاية اعالي النيل تعاني من صراع سياسي مرير.. فماذا انت فاعل ؟
نعم اعلم ذلك الامر وساعمل على حله بالتعاون مع الجميع، لأن انغلاق كل قبيلة على نفسها لن يطور الجنوب وربما اصبحنا مثل الصومال او الدول ذات الصراع القبلي المعروف. وانا اناشد الاخوة في الحركة الشعبية من اجل الوحدة في الجنوب المحافظة على اهداف التنمية والسلام والتحول الديمقراطي ، ويجب على الاخوة في الحركة معرفة ان الصراع القبلي لن يفيد الجنوب كثيراً وسيأتي بالظلم السياسي الذي سيضر الجنوب كثيراً. وانا اذكر في العام 1991م حينما حدث نزاع في الحركة الشعبية بدوافع قبلية كون النوير " الجيش الابيض" للدفاع عن مصالح القبيلة، لذلك انا اسأل الله ان احكم ولايتي بصورة لا تظلم احداً او نهمش قبيلة حتى لا يتكرر هذا الامر في الجنوب ، وسأبدأ عقب وصولي الى اعالي النيل باعطاء كل فرد حريته للحديث وللتعبير عن نفسه وما يريد، ويجب على كل القبائل والاحزاب والافراد في الولاية ان يساعدوننا في جعل الولاية نموذج للتعايش السلمي والعمل السياسي الرشيد . ماذا اعددتم فيما يتعلق بالمشاريع التنموية في الولاية استكمالا لما بدأه الوالي السابق؟ من المعلوم ان العمل التنموي في الولاية كما هو الحال في الجنوب مرتبط ارتباط وثيق بالطرق والكهرباء وهي اهم مشروعات يمكن ان تطورالحياة في الجنوب، لذلك سنعمل على جلب الكهرباء من الدمازين، وكذلك سنعمل على إكمال الطريق من الرنك الى ملوط. وسنحاول اقامة طريق من ملوط الى ملكال لنتمكن من اختصار الزمن للمواطن وللبضائع، وسنقوم بربط المناطق التي لم تصلها الطرق بردميات، وسنحاول ان نجعل شركات البترول تقوم بتنفيذها لنا حتى تقلل التكلفة للمواطن لنتمكن من ربط الجزء الغربي للولاية بشرقها، وسنربط شركات المياه بكل الولاية حتى يتمكن المواطن من شرب مياه نقية وصحية بدون كبير عناء، كما نريد ان نمكن المواطن من بناء مساكن من مواد ثابتة لا تتاثر بالامطار او العوامل الطبيعية، ويضاف الى كل ذلك اننا نسعى بشكل حثيث لخفض الضرائب عبر وزارة المالية بحكومة الجنوب حتى يعود المواطن للولاية وهو لا يخشى ضياع امواله بسبب الضرائب، إضافة لربط الولاية مع ولايات الجنوب والشمال بوسائل الاتصال الحديثة من هواتف وانترنت وخلافه. ما هي الترتيبات لفترة الانتخابات والاستفتاءعلى تقرير مصير الجنوب التي تبقى لها 14 شهراً فقط ؟
نحن نسير في كلا الاتجاهين، اذا كان الامر انتخابات او استفتاء فاننا سنعمل على اعداد المواطن وتوظيفه للوحدة الوطنية، ولذلك سنركز على العمل التنموي الذي سيجذب المواطن إلى الوحدة الوطنية بلا شك، واولويتنا في المؤتمر الوطني الوحدة والاستثناء هو الانفصال، لذلك سنعمل للسلام الذي لديه الكثير من المقومات ونعمل للوحدة حتى تتحقق باذن الله او يحدث العكس، وسنقوم بتوفير البضائع والخدمات والسلع للمواطن ودعم العمل التنموي. ونتمنى ان يعمل الجميع للوحدة وألا يسبق المتشائمون الحوادث لأن العمل في الجنوب من اجل الوحدة يحتاج الى جدية، واذا احس المواطن هناك ان الوحدة نفعها اكثر من الانفصال فانه بدون شك لن يختار الانفصال كخيار في الاستفتاء، لذلك نحن نعول كثيراً على العمل التنموي من اجل ربط شمال الشودان بجنوبه برباط قوي لا ينفصل لأي سبب من الأسباب . كيف تسير اوضاع حزبكم المؤتمر الوطني في الجنوب الآن وفي الولاية تحديداً في الاشكالات الماثلة ؟ الحزب يعمل في الجنوب منذ التسعينات، والآن العمل بعد اتفاقية السلام صار اكثر جدية، والحزب له كسب كبير صار يقلق المنافسين. ونحن في الحزب نراهن على عضويتنا في الجنوب من اجل انجاز التحول الديمقراطي ومن اجل تغليب خيار وحدة السودان، وسنعمل من اجل هذا الهدف بكل ما نملك من مقومات، ونحن مؤهلون لذلك الامر.. عضويتنا منتظمة وتعرف ماهو مطلوب منها، وخياراتنا كحزب واضحة وضوح الشمس، وسنعمل على تنفيذها بكل الوسائل المتاحة لنا. وبمساعدة القوى السياسية الاخرى لنا نستطيع انجاز مرحلة التحول الديمقراطي للوصول الى سودان موحد.