بدأت معالم تطبيع العلاقات الاقتصادية بين الخرطوموواشنطن واضحة الملامح بعد تبادل الزيارات التجارية بين القطاعين العام والخاص بالبلدين، وبصورة لافتة شرعت الولاياتالمتحدةالأمريكية في استعادة العلاقات الاقتصادية مع السودان بعد قرار رفع الحظر كليا. الاستمرار في فتح قنوات التعاون التجاري والاستثماري يشير إلي بوادر انفتاح اقتصادي رسمت خارطته تدافع الوفود الاجنبية للاستثمار في موارد السودان بمختلف المجالات، ولاشك أن دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية تأتي على رأس قائمة في التبادل التجاري مع السودان. وتأكيدا لتطبيع العلاقات الاقتصادية كليا بين الخرطوموواشنطن وصلت أكبر بعثة تجارية أمريكية منذ دخول شركة شيفرون السودان في سبعينيات القرن الماضي، حيث تضم مجموعة عمل أمريكية تصل في اعمالها الى أفريقيا وترغب في استكشاف افاق الاستثمار في السودان بعد رفع العقوبات الامريكية في اكتوبر الماضي. ويقول المهندس طارق حمزة زين العابدين مدير عام مجموعة سوداتل للاتصالات التي تستضيف البعثة الزائرة، أن البعثة برئاسة السيدة فلوري ليزر الرئيس التنفيذي للمجلس الامريكي المعني بافريقيا وتضم عدد من الشركات العاملة في مجال الاتصالات والزراعة والتعدين والبترول والبني التحية والمعدات الطبية، ويضيف أن البعثة ستفتح ابواب الاستثمار أمام الشركات الاجنبية والأمريكية على وجه الخصوص. ويرتكز برنامج الزيارة على خرائط الاستثمار بالسودان حيث من المتوقع ان يلتقي الوفد بوزراء ومسئولي وزاراة الزراعة والاتصالات والنقل والنفط والغاز والكهرباء والاستثمار والمجالات الصناعية، بجانب أنها تتضمن عدد من الفعاليات التي تشارك فيها بالسفارة الأمريكيةبالخرطوم ورجال الاعمال السودان. المتابع لمسارات العلاقات السودانية الأمريكية يتوقع حدوث تقدم كبير في المعاملات التجارية والاستثمارية بين البلدين خلال فترة وجيزة، خاصة وأن السودان لديه تجربة في العمل مع امريكا في اكتشاف النفط فيالعام 1979م كبداية أولى عبر شركة سيفرون الأمريكية. ويقول سمير أحمد قاسم مسئول السياسات والتخطيط باتحاد عام اصحاب العمل ل(smc) ان زيارة الوفود الأمريكية للسودان جاءت نتيجة لجهود حكومة السودان والقطاع الخاص التي بذلت بشأن دفع العلاقات الاقتصادية بعد قرار رفع الحظر، إذ يكشف عن مشاورات وتفاهمات تمت مؤخرا مع نظراهم بواشنطن في عدد من الجوانب المتعلقة بنشاطهم الاقتصادي وتبادل المنافع بين البلدين، ويشير في حديثه أن الخطوات الفعلية والزيارات المتعلقة بالاقتصاد والاستثمار من الجانب الأمريكي يؤكد جدية واشنطن في كسب السودان كشريك اقتصادي واستراتجي خاصة أن الوفود الامريكية تأتي على مستويات عليا أعلى الأمر الذي يمهد لعلاقات اقتصادية ناجحة، ويبدو أن زيارة البعثة الأمريكية للسودان هذه المرة سترسم صورة واضحة لفك جمود التعامل الاقتصادي الذي وقع علي الاقتصاد الوطني قبل (20) عام خاصة وأنها جاءت بعد زيارة وفد الخارجية الأمريكية الشهر الماضي. ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه المرحلة التي يمر بها السودان أهم وأدق مراحل تطبيع العلاقات رسميا مع أمريكا مما يتوجب على حكومة السودان وضع السياسات المحكمة الداعمة لمسارات العلاقات الاقتصادية والسياسية والحوار الاستراتيجي الذي اتفق عليه الجانبان ، ولا شك أن الاقتصاد مفتاح التطور لأي دولة تسعى للانفتاح الخارجي الأمر الذي يحتم ضرورة دعم القطاعات الانتاجية خاصة في مجال النفط والزراعة والصناعة ببنيات اساسية والطرق والبنيات التي تساعد في زيادة الانتاج ودعم البنيات التحية في المشروعات الحكومة الرئيسية خاصة لكسب الحركة التجارية والاستثمارية الأمريكية. ويقول المهندس اسحق بشير الخبير الاقتصادي ل(smc) أن الولاياتالمتحدةالأمريكية متقدمة في التكنولوجيا ولها تجارب ناجحة في شتي المجالات الامر الذي يضمن تحقيق نجاح كبير في الاستثمار بالسودان، ويضيف أن وجود شركات أمريكية بقطاع التجارة والاستثمار في السودان دعم كبير لتطوير الإنتاج خاصة في مجال الاستكشافات النفطية والحقول خلال المرحلة المقبلة، مما يشجع الشركات الاجنبية للدخول في الاستثمار في الزراعة والنفط، إذ أنه يتيح للشركات الأمريكية أن تستثمر في السودان دون معوقات باعتبار ان امريكا تراقب الدول الواقعة تحت الحظر لمعرفة اذا كان هناك تسريب لتقاناتها المتقدمة، ويشير إلى أن السودان منذ فترة طويلة كانت لديه الفرص للاستثمار في المجالات المختلفة ولكن كانت تواجهه معوقات التكنولوجيا وراس المال. ويأمل المراقبون أن تحدث البعثة الامريكية الزائرة اختراقا كبيرا في الملفات الشائكة بجانب أنها ستحقق نتائج ملموسة في فك القيود عن الاقتصاد لينطلق نحو التطور واستخدام التكنولوجيا التي حرم منها خلال تلك الفترة خاصة قطاعي النفط والاتصالات والتى تقع ضمن القطاعات التي تعرقل التطور فيها اذ تعمل الشركات بتكنولوجيا فاتها ركب التطور بقفزات عديدة. وتعزيزا للعلاقات الاقتصادية بين السودان والولاياتالمتحدةالأمريكية كانت الغرفة التجارية الأميركية قد أنشات مركزا استشاريا في بالخرطوم، لتدريب القطاعات الاقتصادية السودانية على وسائل وأخلاقيات التعامل التجاري مع الشركات الأميركية والدولية بعد قرار رفع الحظر مباشرة، ولا شك أن خطوة إ نشاء مركز أمريكي متخصص في الاستشارات الاقتصادية والاستثمارية بالسودان يمهد لاتخاذ قرارات مدروسة بشأن التطبيع الكامل للعلاقات السودانية الامريكية خلال المرحلة المقبلة.