أمل محمد الحسن تمتد جذور العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بين السودان وبريطانيا إلى مطلع القرن العشرين، وهى من أوائل الدول التي أقام السودان معها علاقات دبلوماسية بعد الاستقلال مباشرة حيث ظلت العلاقات منذ ذلك التاريخ راسخة وتقليدية وكانت بريطانيا تهتم بكل ما يجرى في السودان باعتباره دولة ذات أهمية كبرى بالنسبة لبريطانيا بالإضافة إلى البعد الاستعماري القديم وأيضا ارتباط قطاع كبير من السودانيين ببريطانية الذين كان لهم دورا واضحا في المجالات الثقافية والتجارية والسياسية. ويقول السفير خضر هرون مدير الإدارة الأوربية بوزارة الخارجية " أن بريطانيا استمرت طيلة العهود العسكرية والحزبية تبدى اهتماما بمشكلة جنوب السودان ولكنها ظلت تشير إلى أهمية إيجاد حل سلمى للمشكلة كما ظلت تبرز اهتماماتها المتمثلة في الحرب والسلام في الجنوب، والافرازات المصاحبة للحرب مثل انتهاكات حقوق الإنسان وتأثيرات الحرب على العلاقات السودانية مع دول الجوار،مضيفا أن التعامل الاقتصادي والمساعدات البريطانية كانت تقدم في شكل منح وهبات وليست قروضا وتنحصر في دعم البنيات الاقتصادية حيث بلغ حجم العون البريطاني للسودان منذ عام 1973 وحتى عام 1990 حوالي 232 مليون جنيه استرلينى،فيما شهدت الفترة منذ عام 1983 وحتى عام 1989م انحسارا شديدا في العون البريطاني بسبب تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية في عهد الرئيس الأسبق النميرى وادعاءات بممارسة الرق أبان حكومة السيد الصادق المهدي". واتسمت علاقات بريطانيا بالسودان بعد اندلاع ثورة الإنقاذ الوطني بالجمود حيث ظلت بريطانيا ترهن انفراج العلاقات بين البلدين بمعالجة السودان لمشكلة الجنوب والقضايا المصاحبة لها مثل حقوق الإنسان وكذلك قضايا الديمقراطية والإرهاب وتجلى جمود العلاقات في عدة مؤشرات منها إيقاف العون الاقتصادي وتجميد المعونات التنموية واقتصار المساعدات على الجانب الانسانى والضغط على السودان في المحافل الدولية ودعم مشروعات وقرارات إدانة السودان في لجان حقوق الإنسان والأممالمتحدة والاتحاد الاوروبى وصندوق النقد الدولي، ولم تظهر بريطانيا مواقفا مشجعة تذكر حيال التطورات الدستورية والسياسية التي انتظمت البلاد منتصف التسعينيات مثل إجازة الدستور والانتخابات والسماح للأحزاب بممارسة نشاطها وكذلك اتفاقية الخرطوم للسلام كما ظلت تطرق على قضايا خلافية مثل حقوق الإنسان والرق. بعد فترة الجمود تلك في العلاقات سعت بريطانيا ومن خلال تلميحات واشارات مباشرة في مرات عديدة إلى إرسال رسالة مؤداها أنها ترغب في عودة العلاقات إلى حالتها الطبيعية، حيث نجد أن ردود الفعل البريطانية تجاه العدوان الامريكى على مصنع الشفاء لم تكن كلها مثل رد فعل رئيس الوزراء تونى بلير حيث تحفظ عدد كبير من نواب البرلمان والشخصيات البارزة والصحف على تصريحات بلير المؤيدة للعدوان الامريكى، وتجاوز البلدان أزمة تأييد تونى بلير للقصف الامريكى لمصنع الشفاء حيث زار السودان عدد من المسئولين البريطانيين تباعا. لعبت بريطانيا دورا فاعلا ومؤثرا في الدفع بعملية السلام خاصة بعد موافقة الحكومة السودانية على إعلان المبادئ وبوصفها احد أهم أركان مجموعة شركاء الإيقاد وتوجت هذه الجهود باتفاقيات نيفاشا وتجلى الاهتمام البريطاني بعملية السلام في تعيينها مبعوثا خاصا للسلام في السودان والذي بذل مجهودات مقدرة في تقريب وجهات النظر بين الطرفين، إضافة إلى الدور النشط لبريطانيا في تفعيل اتفاقيات وقف إطلاق النار في جبال النوبة وتقديم الدعم اللوجستى لعمليات المراقبة(JMC) إضافة إلى دورها في إثراء الحوار السوداني الاوروبى ومعالجة العديد من القضايا الخلافية التي ظلت تعيق علاقات السودان بدول الاتحاد الاوروبى. بالنسبة لقضية دارفور تهتم بريطانيا اهتماما كبيرا بالمشكلة وعبرت مرارا عن تقديرها للجهود التي تبذلها الحكومة في تنفيذ قرار مجلس الأمن (1654) الخاص بدارفور بجانب ما قدمته في مجال المساعدات الإنسانية لإقليم دارفور، كما ساندت بريطانيا موقف الاتحاد الاوروبى تجاه قضية دارفور والمتمثل في دعم الاتحاد الافريقى ومساعدته في إنجاز مهمته بدارفور بكل جوانبها ولكن ظل بعض المسئولين البريطانيين يطلقون تصريحات سالبة عن الأوضاع في دارفور مثل مزاعم أطلقها وزير الخارجية البريطاني الأسبق جاك استرو بقصف الحومة لقرية قرب الفاشر راح ضحيتها مائة شخص ثم اعتذر عن ذلك التصريح بعد أن تبين عدم صحة الواقعة برمتها. يمكن القول أن اهتمامات بريطانيا في علاقاتها مع السودان تركزت في عدة ملفات وهى ذات الاهتمامات التي أبدتها دول الاتحاد الاوروبى مجتمعة وتم الحوار بشأنها وتتلخص هذه الاهتمامات في حقوق الإنسان، تحقيق الديمقراطية،الحكم الرشيد،مكافحة الإرهاب، تحسين العلاقات مع دول الجوار،تحقيق السلام كما عملت بريطانيا على دعم خطوات السلام وما يرتبط به من قضايا خاصة الدعم في القضايا الإنسانية وذلك من خلال منبر شركاء الإيقاد وعملية شريان الحياة والمفوضية الأوروبية وتأكيدا لاهتمام بريطانيا بأمر السلام تمت زيارات لعدد من المسئولين البريطانين للسودان لبحث مسار السلام وتأكيد التزام بريطانيا ببذل الجهود ولعب دور ايجابي يساعد على تحقيق السلام بالسودان. وأعلنت بريطانيا أكثر من مرة التزامها بالعمل مع الحكومة السودانية للتوصل إلى حل سياسى لقضية دارفور ودعمها لاتفاق شرق السودان من خلال المشروعات التي تقدمها الحكومة وكذلك رغبتها في تطوير العلاقات الثنائية ودعمها وكذلك حرصها على تنفيذ العملية الهجين في دارفور وضرورة دخول كل الفصائل الرافضة لاتفاقية ابوجا في الحوار مع الحكومة الذي ترعاه الأممالمتحدة والاتحاد الافريقى.